في العام 1851 ميلادية تم اكتشاف دودة البلهارسيا في مصر لأول مرة.. بواسطة العالم "بلهارس" ومن هنا أتى إسم المرض الذي تسببه تلك الدودة ب: بلهارسيا.. وثمة حقيقة يعرفها الكثير.. وهي ان الفنان المعروف عبدالحليم حافظ كان يعاني من مرض البلهارسيا ومات بسببه.. بعد أن وصلت البلهارسيا إلى كبده مسببة تليفا في الكبد لا ينفع معه إلا زراعة كبد جديدة.. ولا أنسى مقابلة تلفزيونية قبل وفات عبدالحليم بقليل.. ومنذ أربعة عقود أو تزيد.. وكيف كان العندليب نادماً على أمرين كان يفعلهما.. الأول السباحة في الترع.. والثاني قيامه "بالتزويغ" أي الهروب وعدم أخذ الحقن اللازمة لعلاج البلهارسيا.. وفي جريدة "الرياض" ليوم الاثنين 16 شوال طالعتنا بخبر أعتبره جيداً.. بل إنجاز لمكافحة مرض البلهارسيا.. حيث دعت وزارة الداخلية كافة الوافدين العاملين في مجال الرعي والزراعة.. إلى إرفاق شهادة فحص البلهارسيا ضمن الوثائق المطلوبة عند إصدار أو تجديد الإقامة.. ومرض البلهارسيا ينتقل إلى من (يستحم) أو يتسبح بالعامية في مياه المستنقعات والترع والأنهار.. أو من يغسل الملابس في الترع والأنهار.. أو من يشرب المياه الملوثة بالسركاريا.. حيث تخترق السركاريا أغشية الفم إلى مجرى الدم.. ولكن إذا أُبتلعت السركاريا فإنها تموت بفعل العصارة الهضمية.. وليعذرني القاريء الكريم لذكري مفردة السركاريا التي قد لا يعرفها.. وأقول إن السركاريا هي ببساطة ماينتج عندما يتغوط إنسان "طمل" ومصاب بالمرض في الترع أو "الغيط" كما يقول صعايدة مصر الحبيبة.. وهو مرض منتشر في مصر بشكل كبير.. خاصة بين الفلاحين ومن يستحمون في الترع والأنهار.. وبالعودة للتاريخ والترصد الوبائي نجد ان البلهارسيا قد انتقلت من مصر إلى اليمن عن طريق الجنود المصريين قبل أربعين سنة أو تزيد.. وتاريخياً أو أماكن انتشار المرض.. فإن هذه الديدان منتشرة في غرب وشمال وشرق أفريقيا.. كما توجد في أمريكا اللاتينية.. وما أريد التركيز عليه في سوانح اليوم هي البلهارسيا البولية (شيستوسوما هيماتوبيوم) وعَرَضُها التشخيصي الرئيسي وجود دم في البول.. وهي منتشرة بشكل كبير في مصر.. لدرجة ان احد المرضى عندما سأله الطبيب هل لديك دم في البول.. قال المريض للطبيب: طبعاً.. ظناً منه ان جميع الناس لديهم دم يخرج مع البول.. لكثرة المصابين بالبلهارسيا هناك.. وأختم سوانح بالتذكير بما ذكرته جريدة "الرياض" من اشتراط فحص البلهارسيا على العاملين في مجالي الرعي والزراعة.. وهو إجراء يأتي ضمن المشروع الوطني للقضاء على مرض البلهارسيا في المملكة.. فلهم مني التحية والشكر والتقدير على هذا الإجراء الوقائي والواعي.. فهكذا تكون القرارات الصائبة.. وإلا فلا.. قرارات وإجراءات تتلمس مصلحة الوطن والمواطن وحفظهما.. وإلى سوانح قادمة بإذن الله. *مستشار سابق في الخدمات الطبية.. وزارة الداخلية.