في سوانح الأسبوع الماضي أشدت بالدور الوقائي لوزارة الداخلية في المشروع الوطني للقضاء على مرض البلهارسيا في المملكة باشتراطها حصول كل من يعمل في مجال الزراعة والفلاحة على شهادة فحص البلهارسيا ضمن الوثائق المطلوبة عند إصدار أو تجديد الإقامة.. وكان التركيز في سوانح الماضية على البلهارسيا البولية (شيستوسوما هيماتوبيم) التي مات بسببها الفنان عبد الحليم حافظ.. وموضوع البلهارسيا كبير جداً ومتشعب.. ولو أردت الإلمام به لاحتاج الأمر إلى عدة مقالات.. أستعين فيها بمراجع من أمهات الكتب الطبية.. وسوف أكون فيها متطفلاً على الزملاء المتخصصين في الأمراض الباطنية والوبائية وطب الأسرة والمجتمع.. وهي تخصصات لم يبق لي فيها إلا ذكريات موغلة في القدم.. قدم الدراسة الجامعية وما بعدها وسنوات العمل الأولى بعد التخرج.. وإشراك القراء في الموضوع سوف يصيبهم بالضجر كتكرار كلمتي سركاريا وسنيل وغيرهما.. وكأني في محاضرة علمية.. لذا أبقى اليوم مكتفياً بالإشارة والإيجاز (مما في ذاكرتي) عن البلهارسيا التي تذكرني دائماً بالفنان عبد الحليم حافظ.. وهو مرض وثيق الصلة بالمستنقعات (والترع) والأنهار الموبوءة كما قلت سابقاً.. وسوانح حديث الذكريات.. فها أنا ذا أتذكر مقابلة تلفزيونية قديمة لعبد الحليم حافظ وقبل وفاته بقليل.. وكيف كان يقول انه كان (يزوغ) أي يهرب عندما يحين وقت إعطائه الحقنة العلاجية للبلهارسيا.. وكيف كان ندمه شديداً لسببين الأول قيامه بالاستحمام في مياه (الترع) والآخر عدم الانتظام في أخذه علاج البلهارسيا.. وأثناء كتابة المقال تذكرت خبراً نشرته جريدة الرياض قبل سنة أو تزيد يفيد بانتشار قواقع (سنيل) البلهارسيا في مستنقعات في حائل.. وقد ازدانت الجريدة بصورة يتضح فيها اللون الأخضر على جوانب المياه الآسنة.. وكأنك تشاهد مسبحاً مهملا.. ومخاوف الأهالي من انتشار الأوبئة.. وبالأخص البلهارسيا.. وميزة مرض البلهارسيا انه إذا قطعت أو أُبطلت حلقة من دورة المرض.. فلا ينتقل المرض.. فعندما يتوقف المريض عن التبول أو التغوط في الترع والأنهار تنتهي دورة المرض.. فلا ينتقل لآخرين.. وعندما يُقضى على القواقع.. كالتي في مستنقعات حائل وغيرها نكون قد أخللنا بدورة المرض.. أو (لايف سايكل) لو انني جعلت سوانح اليوم مادة علمية دسمة قد لا يهضمها القراء.. كما لم يهضم البعض العنوان (سركاريا وسنيل) وإلى سوانح قادمة بإذن الله.