حينما حذّرت المملكة منذ مدة طويلة من خطر الإرهاب، واستشعرت الرؤية المستقبلية لهذا الخطر لم تكن رؤيتها آنذاك محدودة ولا مقصورة على منطقة دون أخرى. خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أعلن وأكد أكثر من مرة أن الإرهاب لا موطن له ولا حدود، وأن التصدي له يجب أن يأتي في إطار تحرك جماعي وجهود دولية حتى يتم القضاء عليه واجتثاثه من جذوره بأسرع وقت. في يوم الجمعة الماضية بلغت المكاشفة والمصارحة ذروتها وأعلن الملك عبدالله في كلمته أمام تسعة وثلاثين سفيرا من مختلف الدول والقارات، خلال تقديمهم أوراق اعتمادهم، أن خطر الارهاب محدق بالجميع، وحملت الكلمة في طياتها عددا من الرسائل الجديرة بالاهتمام والتي لو تم التمعن فيها وتدبرها لأمكن، بإذن الله، التصدي لهذا (الشرير) كما قال عنه الملك عبدالله، وهذه الرسائل هي: الرسالة الأولى: هي (القوة والعقل والسرعة) وهذه عندما أشار إليها الملك عبدالله كان يدرك بدون شك أن المتطرفين والإرهابيين في كل مكان يستخدمون أسلحة فتّاكة وأساليب لاإنسانية في سعيهم لتحقيق أهدافهم. ثم إن هذه القوة لا بد أن يحكمها عقل مدبر يرسم الخطط والاستراتيجيات بعيدة المدى التي تحقق افضل النتائج. الوقت، كما هو معلوم، يسير بسرعة وفي كل يوم نرى رقعة الإرهاب تزداد اتساعا، ومن هنا فإن التراخي سيزيد الأمور سوءا ويُمكّن الإرهابيين من الامتداد وتحقيق الأهداف. الرسالة الثانية: هي (العتب على قادة العالم) وهنا أكد خادم الحرمين الشريفين أن معظم زعماء العالم لم يتخذوا مواقف حازمة، وطالب السفراء بأن ينقلوا الأمانة إلى زعمائهم مبينا، حفظه الله، أن مركز مكافحة الإرهاب في الأممالمتحدة، الذي تبرعت له المملكة مؤخرا بمئة مليون ريال، لم يقم بالعمل الحقيقي المستهدف من وراء إقامته بسبب عدم وجود تفاعل وتجاوب حقيقي من قِبل دول العالم وقادته وخاصة تلك التي تعاني من ويلات الإرهاب وإفرازاته بشكل أو بآخر. الرسالة الثالثة: وهي (امتداد رقعة الإرهاب) وهذه أول مرة يعلن فيها قائد بكل صراحة أن وقوع الخطر أصبح وشيكا حين قال الملك عبدالله، بصراحته المعهودة، إن الارهاب إذا لم يتم التصدي له فسيصل إلى أوروبا في غضون شهر وأمريكا في غضون شهرين. الرسالة الرابعة: هي (بشاعة الإرهاب وانتهاك حقوق الإنسان) وفي هذه الرسالة استشهد خادم الحرمين الشريفين بما يمارسه الإرهابيون من وسائل وحشية حيث يعمدون إلى قطع رؤوس من لا يتفق معهم وإعطائها للأطفال لسحبها في الشوارع في صورة تتنافى مع أبسط حقوق الإنسان الدولية المتفق عليها. إنها رسائل صريحة ومباشرة من قائد يستشعر الأمانة والمسؤولية الشاملة للحفاظ على الإنسان وحفظ حقوقه، ليس في بلد أو مكان محدد وإنما على مستوى العالم أجمع. وقادة العالم ودوله مطالبون اليوم أكثر من أي وقت آخر بإعادة حساباتهم والتعامل مع الإرهاب في ضوء ما تضمنته كلمة خادم الحرمين الشريفين من مضامين كلها وضوح وبُعد نظر.