علاقة مستديمة تلك التي تربط السعوديين بوجبة الأرز على مدى عقود متتالية استطاع خلالها هذا الطبق الغذائي أن يسيطر على المائدة لأجيال متتالية، فالسعوديون يأكلون الأرز كوجبة مفضلة حينما يكونون في بيوتهم، ويقبلون عليها حينما يكونون في المطاعم، حتى باتت المطاعم التي تقدم وجبات الأرز مع الدجاج أو اللحم هي المطاعم التي تجد إقبالاً منقطع النظير. وعلى الرغم من قناعات كبيرة لدى كثيرين حول القيمة الغذائية للأرز كوجبة غنية من الناحية الغذائية، إلا أن هذا التعلق الكبير بوجبة الأرز من قبل السعوديين يشير بجلاء إلى مكانة هذا الطبق الغذائي في ثقافة المجتمع والسلوك الغذائي للسعوديين، فبالرغم من انفتاح المطبخ السعودي على الشرق والغرب، إلا أن الأرز لا زال هو سيد الموقف، ولا زال هو سيد المائدة، في الاستطلاع التالي، نتحدث إلى سعوديين يرتادون المطاعم التي تتخصص في مجال الأرز لنسألهم عن علاقتهم بهذا الطبق، وسر تعلقهم به بهذا الشكل اللافت، ومدى قناعاتهم بالوجبات البديلة لهذا الطبق ومدى معرفتهم بقيمته العالية.. في مطعم شهير بشرق الرياض، كان مجموعة من الشباب يتحلقون حول طبق من الأرز والدجاج، كان أقربهم فراس الريس الذي قال إن الأرز هو الوجية الأساسية التي إن لم يتناولها يوماً فإنه يشعر أنه لم يتناول وجبة أساسية في ذلك النهار، وأضاف: الأرز هو الطبق الوحيد الذي يجعلك تشعر أنك تناولت طعاماً يشبعك، إضافة إلى أن طبق الأرز حينما يعد بإتقاق فإن له مذاقاً رائعاً يجعلك دائما تجعله طبقاً مفضلا في إحدى وجباتك، فأنا لا أتناول إلا وجبتين في اليوم بحكم طبيعة ساعات عملي، الإفطار صباحاً ووجبة أخرى آخر النهار اعتبرها غداء وعشاء أيضاً، وغالباً أفضل أن تكون هذه الوجبة من الأرز والدجاج أو اللحم، فهي وجبة كافية، ولا تجعلك مضطراً لتناول أي أكل آخر قبل النوم، مما يجعلك تنام وقد مضى على تناولك العشاء المبكر ساعات كافية، ولست مضطراً لآكل شيئا بعد ذلك لحين إفطار اليوم التالي. وأكد فراس الريس أن الأرز مرتبط ارتباطا كبيرا بالمطبخ السعودي، وهو يمثل وجبة لها مكانتها، ولها قيمتها، فهي الوجبة التي تكون حاضرة بشكل أساسي في المناسبات الاجتماعية والأعراس والعزايم لأنها كما يراها الناس الوجبة التي تدل على الكرم والوجاهة، والتي تجعل صاحب العزيمة يشعر أنه قدم لضيوفه شيئاً من الكرم وحسن الضيافة. وامتدح الريس ما أسماه إبداع المرأة السعودية في طهي أطباق الأرز، وقال: طبق الأرز على الرغم من أن مصدره شرق آسيا، إلا أنه أصبح طبقاً سعودياً بامتياز بفضل قدرة المرأة السعودية على إجادة طهي هذا الطبق حتى وصلت إلى مرحلة قد لا ينافسها فيه أحد. وجبة رسمية لكن إبراهيم عبدالعزيز - طالب جامعي - يرى أن الأرز هو وجبة رسمية، وتصلح في المناسبات الاجتماعية والعزايم، لكنه كشاب وإن كان الأرز لديه وجبة محببة إلا أنه يفضل حينما يكون مع أصدقائه تناول الوجبات الخفيفة،وقال: حينما أخرج مع أصدقائي فإننا نفضل تناول الوجبات الخفيفة خاصة في المساء، وقد نتناول الأرز مرة أو مرتين في الأسبوع خاصة إذا كان أحدنا قد دعا أصدقاءه وعزمهم في البيت، فقد يكون الأرز حاضراً، وكذلك قد تناول الأرز في المطاعم إن كنا جائعين بشكل نشعر إنه لن يسد ذلك الجوع إلا الأرز. ويؤكد إبراهيم ان الذي يجعل الناس يفضلون وجبة الأرز هو طريقة الطبخ ، فالأرز حين يطبخ بطريقة جيدة يصبح ذا نكهة رائعة، بينما إذا لم يعد بطريقة جيدة لا يتمتع بمذاق جاذب، وقال: إن المطاعم التي تجيد طبخ الأرز ليصبح قريباً من طبخ البيت قليلة جداً، لذلك نرى الزحام كبيراً على تلك المطاعم التي تقدم وجبة الأرز بمذاق ونكهة رائعة. وبين أن الأمهات هن من يجدن طهي الأرز، بينما تخفق البنات في ذلك مما يعني حسب رأيه أن طهي الأرز يحتاج إلى خبرة ودراية كبيرة بالمقادير الأساسية لطبخ وجبة أرز، وقال: إن الأمهات هن اللاتي يحببن أبناءهن في الأرز من خلال قدرتهن على إجادة طبخ الأرز، لذلك حين تكون هناك عزيمة لدى أحد الأقارب أو الأصدقاء ممن تزوجوا حديثاً فإن الأرز المقدم في تلك المناسبة لن تجده كما لو كان في بيت تقوم بإعداده أم متمرسة في الطبخ. وجبة الوجاهة يرى فهد الغيث أن الأرز وجبة لها وقارها وقيمتها في المناسبات الاجتماعية، فمنذ عقود كان الأرز ولا زال هو الوجبة الرئيسية التي تقدم في الأعراس والمناسبات الاجتماعية، وقال:حينما تذهب إلى مناسبة زواج أو أي مناسبة اجتماعية معينة فإنك ستجد الأرز هو الطبق الرئيسي وأحياناً الوحيد خاصة مع الذبائح، وهذا يشير إلى أن صاحب الدعوة ومن خلال قناعات المجتمع يرى أن تقديم هذا النوع من الغذاء هو قمة الكرم والتقدير لضيوفه، مما يعني أن الأرز هو أكثر الأطباق في المملكة قيمة من الناحية الاجتماعية ومن الناحية الغذائية. وأضاف الغيث: إن الأرز سيبقى هو الطبق الأهم لدى المجتمع السعودي على الرغم من توجه الجيل الجديد من ربات البيوت، خاصة الشابات منهن إلى إدخال أطباق جديدة على المطبخ المحلي، إلا أن ذلك على الرغم من أنه صحياً وجيداً، إلا أنه لن يغير من مكانة الأرز كوجبة أساسية في المناسبات، وكذلك في برنامج الأسرة الغذائي الأسبوعي، لأن الأرز يمثل طبقا أخذ حصته من الاهتمام من قبل سيدات المطبخ السعودي على مدى عقود مضت، مما مكنهن من التميز والإبداع في تطوير هذا الطبق المهم. وقال الغيث :ان التوسع في انتشار المطاعم التي تقدم وجبات الأرز بشكل أساسي في كافة مناطق المملكة تؤكد على تعلق السعوديين بهذا الطبق، وأنه مطلبهم الأساسي حينما يحتاجون إلى الأكل في المطاعم، وأعتقد أن شعبية طبق الأرز أو ما يسمى بالكبسة السعودية قد أصبحت شعبيتها عالمية وليست محلية، كما أننا نجد أن المقيمين في المملكة بكافة جنسياتهم يقبلون بشكل كبير على تناول وجبات الأرز في المطاعم، مما يعني تنامي شعبية هذا الطبق. وأضاف الغيث: يجب على ربات البيوت ممن يجدن طهي الأرز أن يعلمن بناتهن أصول طهي هذه الوجبة، لأن الأزواج الجدد قد يكونون تعودوا على تناول هذا الطبق من خلال طهي أمهاتهم الخبيرات، مما يؤكد أهمية تعليم البنات المقبلات على الزواج فن طهي هذا الطبق لكي يحققن لأزواجهن بغيتهم في تناول طبق أرز لذيذ أعد بطريقة متمكنة مثلما تفعل الأمهات. الطبق الأساسي يؤكد عبدالرحمن الخنيزان أن طبق الأرز هو الطبق السعودي الأول بلا منازع، كما أنه رمز الوجاهة والكرم، وقال: لقد تعود السعوديون على الأرز منذ زمن ليس بالقريب، مما يجعله الطبق الأهم على المائدة السعودية بلا منازع، إضافة لكونه غذاءً صحياً فالأرز ذو قيمة غذائية عالية، كما أنه يشبع آكليه بطريقه تجعلهم يبقون لفترات طويلة لا يشعرون بالجوع، وهذا أمر صحي لأن تباعد الوجبات هو أمر جيد من الناحية الصحية. فراس الريس فهد الغيث إبراهيم عبدالغزيز عبدالرحمن الخنيزان