"لمين أرسلتيها؟!" هذا هو السؤال الذي سيطر على الاحتفال السنوي لمنسوبات أحد القطاعات السعودية الخاصة؛ فتصوير إحدى الفتيات لنفسها بطريقة "سلفي" دون مراعاة وجود أخريات في خلفية صورها.. حوّل الحفل إلى معركة صخبة بين الزميلات والصديقات اللواتي لم يعرفن لمن أرسلت الصور وأين نشرت، وقضين ليلتهن يجلن في تطبيق "انستقرام" بحثاً عن صور خفية لهن قد تفضح سترهن. وتعرف طريقة التصوير "سلفي - Selfie" بالتقاط الصورة الشخصية عن طريق الكاميرا الأمامية من الهواتف النقالة أو الأجهزة الذكية، واقبلت على استخدامها الكثير من الفتيات لأنها تتيح لهن رؤية انفسهن ومن هن في خلفيتهن قبيل التقاط الصورة دون علمهن. وأعربت إحدى المنسوبات المتضررات عن انزعاجها من انتشار "سلفي" في أوساط النساء وسوء استخدامهن له؛ فلا يعلمن من أي زاوية ستداهمهن عدسة الكاميرا، وما يزيد الطين بلة هو سهولة مشاركة الصور ومقاطع الفيديو وإرسالها دون أن يشك أحدا في الأمر، وعبّرت عن استيائها وهي ترى نفسها في تصوير فيديو على شاشة إحدى المنسوبات أمامها دون وجه حق، وقد تمّت مشاركة المقطع التسجيلي مع جهة خارجية لا تعرف من هي؟! وأيّدتها في ذلك صديقتها موضحةً تحوّل المناسبات والحفلات إلى همٍّ وعبء بعد أن كانت مصدر فرحٍ وسرور لملتقى الصديقات، والأقارب، و المعارف، خوفا من ظهورهن في إحدى الصور؛ فمجتمعهن محافظ وأوساطهن كذلك محافظة، ولا يعلمن ماذا يفعلن أو إلى أين يتجهن، ولا يردن أن تطول هذه الاشكاليات مقرّ أعمالهن فيفصلن خصوصا وأنه جرى التنويه في بطاقات الدعوة بمنع دخول الكاميرا والهواتف النقالة المزودة بها، وذكرت أن تطبيق الانستقرام هو أول تطبيق يشاركن به تلك الصور اللحظية.. حيث حظي برأيها في الآونة الأخيرة على نصيب الأسد من استخدام العنصر النسائي السعودي له بهوسٍ لا يعقل، وذلك لأنه يسمح لمستخدميه بتحميل مقاطع الفيديو والصور معا. وفي هذا الجانب أكد المحامي والمستشار القانوني طارق الدرعان أن تصوير الشخص دون الحصول على موافقته يعتبر مساساً بحياته الخاصة، ولو وقع عليه ضرّ فهو من الجرائم المعلوماتية، وعليه فقد اعتبر نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية في الفقرة الرابعة من المادة الثالثة لهذا النظام، بأن المساس بالحياة الخاصة عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بالكاميرا أو ما في حكمها.. جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على خمسمائة الف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين. وشدّد على أحقية تقدم المجني عليه بشكوى لدى مخفر الشرطة المختص، ومن ثم إحالة ملف القضية للجهة المختصة بالنظر في هذه الجرائم وهي هيئة التحقيق والادعاء العام، والتي تتولى بدورها في حال توفر أركان الجريمة إحالة القضية إلى المحكمة المختصة لتطبيق النظام وايقاع العقوبة، ولفت الدرعان في حديثه.. إذا استطاعت المتضررات من إثبات التصوير؛ فباستطاعتهن التقدم مباشرة بالدعوى وسيتضمن الحكم عدم التعرض، وبشهادة الشهود وحلف اليمين فالموقف القانوني قوي ومن المحتمل أن تكون هناك إدانة، يقع التحقق من ذلك على عاتق هيئة التحقيق والادعاء العام وللقاضي حرية الأخذ به من عدمه. وأشار من جانب آخر، إذا كانت المنشأة قد منعت مسبقاً إدخال أو استخدام الهواتف النقالة المزودة بكاميرا؛ ففي هذه الحالة يثبت سوء نية المتهم (المصور)، حيث تعمّد إدخال أداة الجريمة (الكاميرا) بالرغم من منع ذلك، واستخدام هذه الأداة في ارتكاب جريمته (التصوير)، وبالتالي فقد توفرت لنا جريمة مكتملة الاركان، وقد يثبت إهمال المنشأة في حماية وتوفير خصوصية الأشخاص في مكان وقوع الجريمة، إذا لم تبذل جهداً لمنع دخول هذه الممنوعات (الهواتف المزودة بكاميرا). ولا يحق للمنشأة الانتقام من موظفيها بعد تقدمهم بدعوى ضدها متى ثبت تورطها، حيث كفل نظام العمل والعمال حقوق المتقاضين وأحقيتهم في رفع الدعوى، وإلا اعتبرت المنشأة مخالفة للنظام وعرضة لصدور أحكام ضدها.