يُعتبر التعليم قاطرة التنمية البشرية، واستراتيجية ملهمة للتطور والرفاه الوطني، واستثماراً ذكياً ومرحلياً للإنسان، وقد أدركت الأمم والمجتمعات والشعوب، قديماً وحديثاً، ضرورة وأهمية التعليم واعتباره أولوية حقيقية لبناء نهضتها وقوتها ومستقبلها. وقد شكلت تلك النظرة الرائعة للتعليم إيماناً راسخاً وهدفاً استراتيجياً في فكر وقناعة صنّاع النهضة العلمية والتعليمية في وطننا العزيز الذي يمتلك الكثير من الإمكانات والطاقات والقدرات، البشرية والمادية، ما يؤهله لاحتلال مكانة مرموقة بين الدول المتقدمة علمياً وثقافياً واقتصادياً. ويبرز اسم خالد الفيصل، كأحد أشد المؤمنين بقيمة التعليم كمحرك قوي في عجلة التنمية الوطنية الشاملة. ومنذ أن تسلم مهامه وزيراً للتربية والتعليم قبل خمسة أشهر، وهو يتبنى رؤية متكاملة لعمل هذه الوزارة المهمة التي تُعد الأضخم والأهم والأخطر. الملفات والقضايا والعقبات والتحديات التي قرر خالد الفيصل أن يتعامل معها بكل شفافية وحرفية ومهنية كثيرة ومعقدة، ولكنه وخلال مسيرته العملية والوظيفية اعتاد على مواجهة الصعاب والتحديات. ولأن خالد الفيصل يقرأ ويهتم ويتجاوب مع كل ما يُنشر أو يُثار حول عمله، وتلك صفة رائعة في المسؤول الذي يُدرك أهمية التواصل معلمات التعليم الأهلي، وبعد كل تلك السنوات الطويلة من المعاناة والشعور بالظلم والحرمان، يجدن في خالد الفيصل، المسؤول والإنسان، طوق النجاة للحصول على وظيفة رسمية في قطاع التعليم فقط، أسوة بزميلاتهن في التعليم العام، بعيداً عن جور أصحاب المدارس الأهلية وضياع حقوقهن بين مكتب العمل ووزارة الخدمة المدنية وصندوق تنمية الموارد البشرية والالتقاء بالناس لأنه وضع في هذا المنصب من أجلهم، فإننا ككتاب نشعر بالثقة والرضا والارتياح لأننا نُمثل مع هذا المسؤول الرائع حالة من التكامل والانسجام والشفافية، فالإعلام بصحفه وقنواته ووسائله ووسائطه خير معين للمسؤولين وصنّاع القرار والتنفيذيين. أعرف جيداً بأن الملفات الساخنة على طاولة وزير التربية والتعليم كثيرة وقديمة، لذا أحاول ما بين الحين والآخر أن أثير قضية واحدة فقط، حتى أتمكن من تناولها بشكل واضح ودقيق وشامل، ولمعرفتي بأن الوزير يُفضل ذلك. المعلمات في المدارس الأهلية، هو موضوع هذا المقال الذي يُحاول أن ينقل معاناة شريحة كبيرة من المعلمات المواطنات إلى خالد الفيصل، الوزير والإنسان. إن معلمات التعليم الأهلي، وخاصة القديمات منهن واللاتي قضين زهرة شبابهن في التعليم في المدارس الأهلية ولم ينقطعن عن العمل منذ أن التحقن بالعمل في المدارس الأهلية فور تخرجهن من الجامعة. معلمات المدارس الأهلية، يُمثلن ثروة وطنية مهمة لابد من الاستفادة منها بالشكل الذي يضمن لها الاستمرار في العطاء وخدمة الوطن عبر حقل التعليم الذي يُعتبر الأهم والأخطر. إن ما تتعرض له معلمات المدارس الخاصة من معاناة وانتهاكات وتعديات، سواء مالية أو إنسانية، يتطلب تدخلاً حقيقياً وسريعاً من قبل الوزير الذي تُعقد عليه الآمال والطموحات والتطلعات. انخفاض الرواتب والحرمان من الإجازات السنوية والمرضية وإجازات الأمومة والتأمين الصحي والكثير من القرارات التعسفية التي يُمارسها ملاّك المدارس الأهلية بحق هؤلاء المعلمات المواطنات. لسنوات طويلة، كانت مرتباتهن الشهرية لا تتجاوز ال 1500 ريال، رغم قيامهن بكل الأعباء والمسؤوليات والواجبات كزميلاتهن في التعليم العام اللاتي تتقاضين أضعاف هذه الراتب بكثير، وحتى القرار الملكي الذي يقضي برفع الراتب إلى 5000 ريال مضافاً إليه 600 ريال بدل نقل، ويدعمه صندوق تنمية الموارد البشرية ب 50٪، يتم التحايل عليه بشتى الطرق من قبل ملاك المدارس الخاصة. لماذا يستمر مسلسل المعاناة والظلم والابتزاز والتطفيش الذي تتعرض له معلمات المدارس الخاصة؟ ولماذا يُطالبن بالكثير من الواجبات والمهام والأعمال، بينما حقوقهن مهدورة، وهي ليست بخافية على المسؤولين عن هذا الملف الحساس؟ وبمقارنة سريعة بين معلمات التعليم العام ومعلمات التعليم الأهلي، تجد أن المهام والواجبات تكاد تكون واحدة، بل إن معلمات التعليم الأهلي يتحملن أكثر، كالشعور بعدم الأمان الوظيفي والحرمان من الإجازات وفرق ساعات العمل وجور ملاك المدارس. إن شعور معلمات المدارس الخاصة بأنهن خارج دائرة اهتمام الوزارتين المعنيتين، وهما وزارة التربية والتعليم ووزارة الخدمة المدنية، أمر في غاية الخطورة والتأثير، خاصة ونحن نعرف أهمية وخطورة التعليم كمهنة سامية، بل رسالة مقدسة، تُسهم في صناعة الأجيال الصغيرة والشابة التي تمثل مستقبل هذه الأمة. ومما يزيد معاناة معلمات التعليم الأهلي، هو معاملتهن كحديثات التخرج، إذ يُطلب منهن اجتياز اختبارات القياس، وكأن كل تلك الخبرات والسنوات الطويلة بلا فائدة. أيضاً في حالة التقديم على وظائف في التعليم العام، فإنهن يعاملن سواسية مع المتخرجات حديثاً أو المتخرجات القديمات العاطلات أو الحاصلات على دبلوم، فما فائدة التخصص التربوي الذي تحمله معلمات المدارس الأهلية اللاتي عملن منذ تخرجهن ويملكن كل تلك الخبرة الطويلة في التعليم؟ إن صدور قرار بتعديل أوضاع البديلات رغم أنهن يحملن شهادات دبلوم أمراً رائعاً وبث حالة من الثقة والاطمئنان والأمل بقرب الالتفات لقضية معلمات المدارس الخاصة، والتي تُعتبر أقل صعوبة وحلّها في غاية البساطة. فلماذا لا يتم توظيف"تمكين" معلمات التعليم الأهلي بنفس مدارسهن برواتب من الدولة بنفس سلم زميلاتهن في التعليم العام، وهذا الأمر سيُخفف الضغط على التوظيف الحكومي ويكفل المساواة بين معلمات القطاعين وبالتالي ينعكس على تطور العملية التعليمية في كلا المسارين المهمين؟ إن معلمات التعليم الأهلي، وبعد كل تلك السنوات الطويلة من المعاناة والشعور بالظلم والحرمان، يجدن في خالد الفيصل، المسؤول والإنسان، طوق النجاة للحصول على وظيفة رسمية في قطاع التعليم فقط، أسوة بزميلاتهن في التعليم العام، بعيداً عن جور أصحاب المدارس الأهلية وضياع حقوقهن بين مكتب العمل ووزارة الخدمة المدنية وصندوق تنمية الموارد البشرية، لينصب جل اهتمامهن في تنشئة وإعداد مستقبل وأمل هذا الوطن العزيز، دون الشعور بالنقص والاستغلال والظلم.