يطبق المثل القائل "خالف تعرف".. يحب الظهور بأي شكل كان، لا يهمه كيف وما هي الطريقة؛ المهم أن يلفت الأنظار إليه، تجده يتخبط بحماقاته المصورة هنا وهناك، ضارباً بجرأة كل القيم الدينية والاجتماعية ودون ذرة مبالاة.. الكثير يتفاعلون معه ويشجعونه بالمتابعة، وهو الذي تنازل عن مبادئه في سبيل إرضائهم، وفي سبيل تحقيق "الشُهرة"، التي ربما تكون على طريقة شهرة "الله يخلف على أم جابتك"، بعضهم مراهقون ظهروا لغياب المراقبة والتوجيه، وآخرون تجاوزوا الخمسين يعيشون مراهقة متأخرة. وساهمت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وبرامج التقنية الحديثة في تسهيل طريق الشهرة للبعض، خاصةً لمن هم مهووسون بحب الظهور، فكل ما عليه هو الوقوف أمام كاميرا الجهاز عبر برنامج "الكيك"، أو الإنستقرام" والحديث في أمور ربما تكون تافهة، أو ربما استعان ب"تويتر" لكتابة بعض التغريدات غير المنطقية، كل ذلك من أجل الانتشار وتحقيق نسبة كبيرة من المتابعة، غير آبه بسلبية أفعاله التي ربما أثرت على شريحة كبيرة من أفراد المجتمع. برنامج «كيك» حوّله البعض إلى شهرة سلبية ولعبت التنشئة الاجتماعية الضعيفة في انتشار بعص التصرفات السلبية؛ بسبب عدم نقل القيم الإيجابية من الآباء لجيل الأبناء، ما ينبغي تنمية الوعي بالخطوط الحمراء التي لا يجب على الفرد تجاوزها، وكذلك زيادة الترابط الأسري وملء الفراغ بما يعود بالنفع، إضافةً إلى الخوف من الله عز وجل ومراعاته في السر والعلن وتقوية الانتماء الاجتماعي للفرد. "الرياض" تستعرض آراء المختصين حول الشهرة السلبية وآثارها على المجتمع، وطرق الخروج من هذه الدائرة. خالد الباز محط أنظار وقال "خالد الباز" -مُخرج-: إن الشهرة هي الثوب الاجتماعي الذي يميز الفرد عن الآخرين ويجعله محط الأنظار ومحور الاهتمام، ويمكنه من إحداث تغييرات إيجابية أو سلبية يتأثر بها أفراد المجتمع، مضيفاً أن الشهرة هي متابعة عدد كبير من أفراد المجتمع للمشهور بغرض الاستمتاع بما يقدم في مجاله سواء الإعلامي أو الفني أو الرياضي أو غيره، مضيفاً أن التجربة حق مشروع للجميع، خاصةً في مرحلة الشباب والأهم هو الابتعاد عن قاعدة كل ممنوع مرغوب. محمد القس وأوضح "محمد القس" -ممثل- أن الشهرة هي أن تكون معروفاً لدى شريحة كبيرة نسبياً من الناس، ومعنى أن تكون شهرتك سلبية أي أنك عملت أو قلت شيئاً أثار حفيظة الناس فعرفوك به، سواء ب"اليوتيوب" أو غيره، مبيناً أنه يجب فهم الانسان أن الشهرة "فخ"، فحركاتك وكلماتك محسوبة عليك، كذلك خطأك لن يتم التعامل معه كالآخرين، فأنت تماماً تحت المجهر، تفقد جزءاً كبيراً من الحرية على طبيعتك، مشيراً إلى أنه عندما تضع نفسك أمام الناس وتقدم الأشياء التي تريد تقديمها عليك أن تفتح صدرك لكثير من الملاحظات والآراء. وأضاف: لا أستطيع الجزم أنني أتذكر بالضبط مشاهد سلبية، لكن المجتمع السعودي انفتح على ثورة التواصل بشكل كبير، والبعض للأسف استغل هذا الشيء ليقدم أشياء لا ترتقي بذائقة المتلقي، وربما يعود السبب لجهله بعواقب ما يفعل، مؤكداً على أنه يمكن لك بفيديو وعشر ثوان أن تزرع بذرة، ناصحاً بأهمية التفكير بما تريد أن تزرعه في مجتمعك. بدر اللحيد سهولة الشهرة وأكد "بدر اللحيد" -فنان- على أن الوقت الحالي ومن خلال وسائل الإعلام المختلفة وثورة التقنيات أصبح من السهل جداً أن يكون الشخص مشهوراً، كما أن الاشخاص المهووسين بحب الظهور يمكن أن يتنازلوا للأسف عن مبادئهم وقيمهم الدينية والأخلاقية في سبيل الشهرة السريعة، وقد يندمون لاحقاً على ما قدموه من مشاهد أو أعمال غير لائقة، وقد يسيئ ليس لذاته فقط بل لأُسرته أيضاً، لذلك أجعل شهرتك وما تقدمه يحسب لك لا عليك. مشاري الغامدي وذكر "مشاري الغامدي" -فنان- أن جنون الشهرة هو ما دفع هؤلاء الأفراد لسلوك طريق الإساءات، يعتقدون أنهم بذلك يحصلون على شهرة دائمة دون تسلّق السلّم الصعب أو الطريق المتعرج، مضيفاً أن نظريتهم صحيحة (100%)، لكن هم عبارة عن فقاعة تختفي في لحظات يخرجون ثم يسيئون لأنفسهم ويعودون للاختفاء. مشعل العتيبي وأبدى "مشعل العتيبي" -ممثل- إستياءه من مقاطع "الكيك" و"اليوتيوب" و"الانستقرام" التي تخدش الحياء المجتمعي والذوق العام، وتنتشر كانتشار النار في الهشيم، أبطالها تافهون، متأسفاً أنهم يحظون بعدد كبير من المتابعين كما ظهر في الآونة بعض كبار السن، يتصرفون وكأنهم مراهقون، مبيناً أنه في المقابل هناك من يستحق المتابعة والتشجيع ويحمل خفة الدم والروح المرحة ويوجّه رسائل توعوية ودينية وإجتماعية مختلفة. محمد الحنيني حماية الأفراد وقال "محمد بن سعود الحنيني" -مستشار قانوني- إن من مفردات الأمن التي يجب أن يحظى بها المجتمع الأمن على الأعراض بحماية الحياة الخاصة لأفراده من التشهير، وكذلك الأمن الإعلامي بسلامة محتوى ما يشاهده أفراد المجتمع في الإعلام ووسائل التواصل، مضيفاً أنه من واجب كل فرد من أفراد المجتمع أن يكون حارساً لهذا الثغر، ومن حق المجتمع على الجهات التي أوكل إليها حفظ الأمن أن تراقب محتوى ما يعرض في هذه الوسائط وتردع من يهدد أمن المجتمع عبر ما يتم نشره، مبيناً أنه جاء نظام مكافحة الجرائم الالكترونية لمعالجة بعض سلبيات هذه الظاهرة، إذ نص النظام إبتداء في المادة (2/3) على أن من أهداف النظام حماية المصلحة العامة والأخلاق والآداب العامة، ثم تناول النظام في جانب العقوبات في المادة (3/4) المعاقبة بالسجن مدة لا تزيد على عام وبغرامة لا تزيد على (500) ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين لمن يمس الحياة الخاصة للآخرين عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بكاميرا أو ما في حكمها، ناصحاً بأنه من حق كل فرد يتم نشر ما يمس حياته الخاصة أن يطالب بتحريك دعوى ضد من فعل ذلك، ومن واجبه أن تتعاطى الجهات المختصة مع طلبه وتوقع العقوبة النظامية في حق من تثبت إدانته بهذا الفعل. صالح الكليب وذكر الشيخ "صالح بن خليفة الكليب" -عضو الدعوة بوزارة الشؤون الإسلامية- أنه لا ينبغي على الإنسان الخروج بهذه الصورة المخالفة لتعاليم الله والأخلاق الفاضلة والأعراف المعتبرة، فكيف يرضى هذا الشخص لنفسه أن يكون مهرجاً ليضحك الآخرين ويسيء لنفسه وأهله، ناصحاً بإتقاء الله سبحانه وتعالى ومخافة عقابه، كذلك من المهم الابتعاد عن نشر مثل هذه المقاطع والتي يحمل وزرها ووزر من عمل بها. د.منصور بن عسكر تنشئة ضعيفة وأوضح "د.منصور بن عسكر" -أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- أن التنشئة الإجتماعية الضعيفة ساهمت في انتشار مثل هذه المقاطع السلبية؛ بسبب عدم نقل القيم الإيجابية من الآباء لجيل الأبناء، مما سبب هذا الخلل الاجتماعي، كما أن الكبت النفسي وتهميش الأبناء له دور كبير أيضاً، مضيفاً أنه يمكن مناقشة الشهرة السلبية من ناحيتين، الناحية الأولى تتعلق بالفرد نفسه والناحية الثانية بالجمهور المشاهد، فقد يكون سبب لجوئهم لهذا التصوير السلبي مرض نفسي، أو أنهم يحملون عقدا نفسية أثرت عليهم، فتجدهم يفرغون هذه العقد في مقاطع مسجلة للتنفيس عمّا بداخلهم، وهناك نظرية في علم الاجتماع تفيد أن البرامج الهابطة التي يوجد فيها انتقاص للقيم والعادات المجتمعية أكثر مشاهدة من البرامج الهادفة بسبب أن الأولى سهلة المحتوى. ولخّص طرق العلاج في تنمية الوعي بالخطوط الحمراء التي لا يجب على الفرد تجاوزها ليعرف حدود عرضه فلا يمس ولا يخدش، كذلك زيادة الترابط الأسري وملأ الفراغ بما يعود بالنفع، واحتواء الأسرة لأبنائها ومنحهم المكانة والقيمة الاجتماعية التي يستحقونها، إضافةً إلى الخوف من الله عز وجل ومراعاته في السر والعلن وتقوية الانتماء الاجتماعي للفرد بحيث يعرف أن إساءته ستضر به وبعائلته وكل من يمت له بصلة، إلى جانب الابتعاد عن تعاطي المخدرات والمسكرات.