منذ ما يقارب الأربعين عاما والمملكة تحتفي سنويا بأسبوع لزراعة الشجرة والعناية بها، ورغم أن مثل هذه الأسابيع ساهمت في زيادة المساحات الخضراء داخل المدن والقرى إلّا أنها وعلى الجانب الأخر والأهم فشلت في الحفاظ على الأشجار في بيئتها الطبيعية متمثلة في الأودية والرياض والفياض الصحراوية، فعلى مدى السنوات السبعة والثلاثين التي احتفينا فيها بأسبوع الشجرة شهدت البيئة الصحراوية تدهورا كبيرا وتناقصا يصل إلى حد كارثي في أعداد الأشجار والشجيرات والغطاء النباتي الشحيح الذي يغطي أجزاء قليلة من صحرائنا الطبيعية التي زدنا في اتساعها بسبب العبث والاستهتار بغطائها النباتي من الأشجار والشجيرات والتقاعس عن حمايته، ولعل أهم المخاطر التي تتعرض لها هذه الطبيعة هي الاحتطاب الأعمى الذي لا يميز بين الأخضر واليابس ثم الرعي الجائر الذي زادت خطورته مع تزايد أعداد الماشية وخاصة الطفرة الكبيرة في قطعان الإبل التي تشكل خطرا حقيقيا على الأشجار والشجيرات البرية. الكثير من الفياض والرياض التي كانت في الماضي محفوفة بأشجار الطلح والسدر وغيرها من الأشجار الأخرى تحولت الآن إلى قيعان خالية لا تكاد الطيور تجد فيها ظلا فكيف بالإنسان. ولكي نحافظ على البقية الباقية من الأشجار والشجيرات في بيئتنا لابد أن يواكب جهود الزراعة والتوعية جهود مكثفة ومنسقة لحماية هذه البيئة ووضع أنظمة تجرم وتعاقب من يعتدي عليها أو تفعيل هذه الأنظمة إن كانت موجودة بالفعل ووضع لجان من الجهات ذات العلاقة مدعمة بمشاركة أمنية على غرار لجان التعديات الخاصة بحماية الأراضي الحكومية من التعديات، فحماية الشجرة لا تقل أهمية عن حماية الأرض إن لم تكن أهم منها باعتبارها ثروة وطنية يجب حمايتها والمحافظة عليها خاصة، وأن هذه الأشجار المعمرة والمتأقلمة مع ظروف البيئة الصحراوية من الصعب تعويضها. ويمكن الاستعانة بلجان التعديات القائمة حاليا لتكون حماية البيئة من ضمن أعمالها باعتبار أنها تمثل نفس جهات الاختصاص مع دعمها من قبل الشرط وإدارة المجاهدين لتتمكن من القيام بعملها على أكمل وجه مع الصرامة في تطبيق النظام بحق الجميع دون استثناء أو تمييز.