شدني منطق وهدوء وثقة كابتن طيار نوال الهوساوي وهي تتحدث لبرنامج الثامنة مع داود عن قصة السيدة التي وصفتها بالعبدة. السيدة نوال تحدثت بثقة عن القانون والحق والعدالة وأن من الأفضل في مثل هذه المواقف أن يتحكم الانسان بانفعالاته ورد فعله ويثق في نفسه ويثق بعدالة القانون. لقد أحسنت السيدة نوال التعامل مع الاساءة العنصرية وقدمت درسا اجتماعيا عمليا قويا حيث وثقت الحادثة وكلفت محاميا وتم احالة القضية الى المحكمة. هذا سلوك حضاري أدى كما أرادت السيدة نوال الى تحويل الموقف الى فرصة للتعلم ونشر الوعي والتذكير بأن مجتمعنا الاسلامي يجرم العنصرية وحين تظهر بعض الممارسات العنصرية فإن الحل الأمثل هو التعامل معها بالطرق النظامية. إنها فرصة أيضا للتذكير بأهمية التقنين ووضوح الأنظمة وتوعية الناس بها لحماية حقوق الانسان وتحقيق الأمن والعدالة في المجتمع وهذا ينطبق على قضايا كثيرة مثل العنف الاسري، والتحرش الجنسي، والابتزاز، وغير ذلك من السلوكيات التي تهدد سلامة وتماسك المجتمع. في موضوع التوعية ومكافحة التمييز العنصري بكافة أشكاله لا نحتاج الى إنشاء أجهزة جديدة تتولى هذه المسؤولية. الأجهزة موجودة والمهم هو اكتمال تقنين القوانين وتوجيه خطابنا الديني والثقافي نحو التثقيف والتوعية، وتعليم الناس كيفية التعامل مع المواقف التي تظهر فيها العنصرية سواء أكان مصدر العنصرية أفرادا أم مؤسسات. وفي هذا الموضوع لا نحتاج الى أنظمة فالمساواة مبدأ اسلامي، قال تعالى : (يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم). وقد يشعر الانسان لأي سبب بأنه متميز عن الآخرين ونقول يمكنك أن تتفوق في دراستك أو عملك بما تبذله من جهد، وبما منحك الله من قدرات، أما من حيث الانسانية فإن كنت تشعر بالتميز أو الغرور بسبب لون أو جنس أو جنسية أو نسب فسوف نهديك قول الشاعر إيليا أبو ماضي : نسي الطين ساعة أنه طينٌ حقير فصال تيهاً وعربد وكسَا الخزّ جسمه فتباهى وحوى المال كيسه فتمرد يا أخي لا تمل بوجهك عني ما أنا فحمة ولا أنت فرقد وأخيرا فإن العنصرية جزء من تاريخ الجاهلية واذا وجدت في مجتمع اسلامي فهذا لا يسيء الى الاسلام وإنما هي ممارسات خاطئة من بعض المسلمين واذا أردنا أن نقضي على هذه الممارسات فإن الخطوة الأولى هي أن نعترف بوجودها ثم نتعامل معها بالدين والتربية والثقافة والقانون..