تأخذ بعض الآدميين العزة بالإثم والكبر والغرور والزهو بسبب مراكزهم الإجتماعية أو شهاداتهم العلمية أو السلطة التي بأيديهم أو الغنى أو بسبب الشهرة والأضواء أو الوسامة ويؤدي بهم ذلك إلى التكبر والتعالي على إخوانهم من الآدميين خلق الله لا يعطونهم بالاً ولا يعيرونهم إنتباهاً ولا يصغون إليهم وينظرون إليهم نظرة دونية تراهم كالطواويس بل وصل بهم الحال إلى إيمانهم وإعتقادهم الجازم بأن على الآخرين إحترامهم وتقديسهم وتقديمهم على أنفسهم في كل الخدمات التي تقدمها القطاعات العامة والخاصة حتى في حالة الوقوف على سبيل المثال لا الحصر أمام الجوازات في المطارات أو مكاتب الخطوط أو في أي مكان يكثر فيه الزحام تراهم يتجاوزون الصفوف ويدفعون بأيديهم الآخرين ليصلوا إلى مقدمة الصف إيماناً منهم أنه هذا من حقهم لأنهم أفضل من غيرهم بل حتى الدخول إلى دورات المياه فهم في نظر أنفسهم أولى وأحق لأنهم طواويس آدمية أو كما يحلو لبعضهم قوله (أنت ما تعرف أنا مين)، ونسي هؤلاء أو تناسوا أنهم بشر لحم ودم خلقوا من طين ضعفاء مساكين أمام قدرة الله وسلطانه وجبروته لا يستطيع الواحد منهم أن يمنع الذباب الوقوف على أنفه ولا البعوض من الطنين حول أذنه ولا طرد النوم عن عينه ولا يتحمل وخزة لإبرة ولا يعلم من خلف الباب ولا من الطارق حتى يسأل لا يعلم المسكين ماذا تحمل له الساعة القادمة ناهيك عن الساعات أو الأيام أو الشهور، لا يستطيع منع المرض عن جسده ولا يستطيع منع الشمس من دخول بيته ولا الظلام أن يخيم على ملكه ولا يعلم عن رزقه ولا مدى حياته أو موته فأقول لهؤلاء اتقوا الله وتواضعوا لله فأنتم لم تخلقوا أنفسكم ولم تحصلوا على ما حصلتم عليه إلا بفضل الله وعونه وكرمه، أفهذا شكر الله أو هكذا تقيد النعم؟ ثم أذكرهم بقوله تعالى: (ولا تمش في الأرض مرحاً إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً، كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها). الإسراء: الآية 37/38). وقوله تعالى: (يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ..). وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (بينما رجل يتبختر في بردته إذ أعجبته نفسه فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة). وقوله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: (الكبر ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحداً منهما ألقيته في جهنم ولا أبالي). أين فرعون وأين قارون وأين الجبابرة في العصور القديمة والعصور الحديثة؟ كلهم أصبحوا جيفاً تحت التراب ألا فاعتبروا أيها الطواويس الآدمية، وتذكروا أنكم خلقتم من طين ومآلكم إلى الطين، قال الشاعر: إيليا أبو ماضي: نسي الطين ساعة أنه طين فصال تيهاً وعربد وكسى الخز جسمه فتباهى وحوى المال كيسه فتمرد يا أخي لا تمل بوجهك عني ما أنا فحمة ولا أنت فرقد وقال آخر: يا مدعي الكبر إعجاباً بصورته نظر خَلاك فإن النتن تثريب لو فكر الناس ما في بطونهم ما أستشعر الكبر شباب ولا شيب حمود محمد الشميمري-جدة