ياراكب اللي عليها السيف ما رقموها البلدية سواقها غليمٌ حريف يوّصل عدادها المية من الباطن تروحت لطريف يم الحدود الشمالية يا ترى هذا الشاعر الذي كان حلمه أن يصل قائد السيارة التي تنقله بسرعته إلى 100 كم ماذا سيقول بعد عقود من قصيدته لو رأى هذه الأيام طريف وهي تتبختر بارتقاب زفاف حالم منتظر؟ هل كان سيصدق أن تلك البلدة البسيطة قديما ستسجل حضورا عالميا؟ وأن ذات القرو الذي تتزاحم عليه الماشية قبل عقود ستكون مصدرا مهما من مصادر الثروة في بلادنا؟ وأن تلك البيئة الطاردة سابقا لشح وظائفها ستكون بيئة جاذبة في هذا الجانب؟ قد يقول قائل: لا تتعجل فربما كان حظ طريف البلدة من جوارها لمناطق الثراء غبرة مصانعها، وستكون فاتورة ما تدفعه أكثر مما تقبضه بكثير، وسيتمثل لسانها ببيت القائل فيها: بطريف ولا عدني بطريف شوف الغضي ما حصل ليّه! المهم أن هذه المدينة الوادعة التي تمثل الطرف قبل الأخير لمنطقة الحدود الشمالية، والتي قارب عدد سكانها حاليا المائة ألف لا يتجاوزها عمرها مع العمران - حسب معلوماتي - 65 عاماً، وبعدد بسيط من السكان حينها، وهي وإن كانت قد أنشئت استجابة لمتطلبات خط الأنابيب الذي يربط المملكة بلبنان إلا أن حظها منه كان قليلا، ومع ذلك استطاع عدد من أبنائها بطموحهم أن يسجلوا تفوقا علمياً، فكانوا من أوائل أبناء منطقة الحدود الشمالية الذين أصبحوا أساتذة في الجامعات الكبيرة في المملكة. هذه المدينة تمتاز بصيف ناعم لطيف، ولو التفتت إليها يد العناية ستكون مصيفا جاذباً، وأهاليها يحلمون أن يواكب تطورها المكانة التي ستحتلها مدينة وعد الشمال، وإلا سيكون الفارق شاسعا وموجعا، ومن الأهمية بمكان أن تعرف الوزارات التي شهد وزراؤها الحدث والذين لم يشهدوه أن كل إدارة تتبعها ولم تقم برسم خطط عاجلة لمواكبة التطور المتوقع سينكشف قصورها ويتعرى سوء تخطيطها، فالزوار ستختلف جنسياتهم ورؤاهم، وهذه المحافظة ستشهد تعاقب الرائين، ودون هذا وذاك، هي محتاجة بالفعل لتطوير خدماتها، ومن صميم واجب من يتعاقبون على كراسي إداراتها أن يرفعوا لمراجعهم مواضع التقصير الخدمي الذي يفترض أن يعالج، وكذلك من الضرورة الملحة فتح فروع للإدارات أو المؤسسات المهمة التي ليس لها فروع في هذه المحافظة، بل من المهم تكوين لجان متخصصة لتطوير هذه المحافظة وتحقيق أحلام أهلها، وأيضا تهيئتها لمواكبة الحدث والموقع الجديد، وعلى بعض مسؤوليها أن يفيقوا من سباتهم فلم تعد طريف في زاوية نائية من الأرض بل أصبحت رئيسة في منظومة المدن المهمة، ومن السهل أن ينكشف بعد الآن قصور الخدمة فيها وتراخي مقدمها.. أما شريكها الآخر في الحضور هذه الأيام فهو حزم الجلاميد الذي لا يتجاوز عدد سكانه ألفا، تلك القرية الهادئة التي كانت مقصدا لهواة صيد طيور الحبارى، وقبل سنوات قليلة اكتشفت في أراضيها كمية كبيرة من الفوسفات، وأخذت موقعا جديدا على خارطة الأهمية، فقد أظهرت الاكتشافات أن الصيد في باطن أراضيها سيهمش الصيد في جوها، وأن هذه القرية الصغيرة ستكون كبيرة بما تحوزه أراضيها من مناجم الفوسفات، بل إنها تعد من المواقع الرئيسة التي تركز فيها شركة معادن عملها. صورة من أحد شوارع طريف منذ عقود ألعاب احدى المدارس قديماً العمل على خطوط التابلاين بالقرب من طريف