وفقا لإحصائيات مصلحة الإحصاءات العامة لعام 1433/1434 يبلغ سكان المملكة المواطنون حوالي 20.21 مليون نسمة، منهم 13.04 مليون فوق سن ال 15 سنة، استبعدت منهم مصلحة الإحصاءات 7.78 ملايين خارج القوة العاملة، وبالتالي تقول مصلحة الإحصاءات بان القوة العاملة الوطنية تبلغ 5.26 ملايين، يبلغ المشتغلون منهم 4.63 ملايين والباقي 629 ألفا متعطلون عن العمل، أي ان نسبة البطالة وفقا لتقديرات مصلحة الإحصاءات هي 12 %. بينما وفقا لحافز فقد بلغ عدد الباحثين الجادين عن العمل (المستفيدين لانطباق الشروط عليهم) 1.9 مليون عاطل أكثر من 20 % منهم جامعيين، أي ان نسبة البطالة 36 %. يلاحظ ان حافز لا يشمل الا الفئة العمرية ما بين 20 – 35 سنة بينما القوة العاملة وفقا لتعريف مصلحة الإحصاءات هي من سن 15 سنة وفوق، بمعنى انه في حالة شمول حافز لكامل القوة العاملة سيكشف لنا ان معدل البطالة قد يفوق ال 70 % (نعم هذا ما تدل عليه الأرقام الرسمية). اذن كيف نوفق بين تقديرات مصلحة الإحصاءات للبطالة بأنها 12 % وبين ما يثبته حافز بأنها 36 % وأكثر. إذا سلّمنا بصحة ارقام مصلحة الإحصاءات فإن اول ما يتبادر الى الذهن هو احتمال ان الذين استبعدتهم المصلحة خارج القوة العاملة وعددهم 7.78 ملايين يوجد بينهم عدد كبير يئسوا من حصولهم على العمل فتوقفوا عن البحث فعندما جاء حافز أعاد لهم الأمل فعادوا للبحث عنه من جديد. الاحتمال الثاني ان مصلحة الإحصاءات بالغت في عدد المشتغلين (غالبا بسبب التوظيف الوهمي) فقدّرتهم ب: 4.63 ملايين بينما في الواقع لا يتجاوزون ال: 3.28 ملايين يمكن توزيعهم – تخمينا – كالتالي: حوالي 1.92 مليون يشتغلون لدى الحكومة (جميع الفئات المدنية والعسكرية) وحوالي 1.1 مليون يعملون لدى القطاع الخاص وشبه الخاص والمختلط (بما فيهم سابك وارامكو وشركات الكهرباء والخطوط السعودية والبنوك) والباقي 260 ألفا غير المنظور والمتسببين. الخطورة (التي لم يفطن لها تقرير مجلس الشورى) تكمن في ان بيئة العمل في القطاع الخاص لدينا طاردة للمواطنين (ليس لأنهم لا يتقبلون العمل) بل لأن بيئة العمل لا تتوفر فيها مقومات متطلبات الحياة للعمال الوطنيين بسبب اغراق سوق العمل بعمال تقل مقومات متطلبات حياتهم كثيرا عن الاحتياجات الدنيا للمواطنين إضافة الى ترسيخ – بشكل مخطط من البعض وبغفلة من البعض الآخر – فكرة ان الشباب السعودي لا يتقبل العمل. نعود للرقم 7.78 ملايين مواطن الذي اعتبرته مصلحة الإحصاءات خارج القوة العاملة وهو رقم كبير يشكل 60 % من المواطنين فوق سن 15 سنة بينما القوة العاملة 40 % فقط ومعنى هذا انه يوجد مجال واسع – لو صدقت النية والكفاءة – لدى الجهات المسؤولة عن اصلاح وتنظيم سوق العمل بوضع خطة سليمة لتحسين بيئة العمل لتكون جاذبة من حيث الأجور وساعات العمل (كما هو الحال في جميع الدول الحديثة) فتتحول شريحة كبيرة من المواطنين من قوة معطلة خارج قوة العمل الى قوة منتجة تساهم في انتاج الناتج القومي المستدام للوطن. موضوع زاوية الاحد القادم – إن شاء الله – بعنوان: اقتصاديات ايجابيات التصحيح على جودة المشاريع الحكومية.