ياالله بدعوة مسلم مستجابه من عابد له نافلة تالي الليل يتواصل القول عن أهمية السيل وماء المطر لسكان الصحراء ووسط الجزيرة العربية، حتى صارت ثقافته تتركز في الدعوات بينهم على السليقة وتتكرر، غير مقيدة بأن يكون مطرا وسيلا نافعا وهذا من باب التفاؤل بلا شك، فيدعون للبلدان وكل ما يحبون من الأشخاص والحلال بأن يصيبه السيل وينزل عليه المطر، وهذا مما ننفرد به دون معظم البلدان العالمية. ونلاحظ ما جاءت في قصيدة هذا الشاعر الذي سطر لنا مشاعره في البر والسيل والفياض ويتضح من مضامينها تفاؤله وفرحته بالسيل حيث يقول: السيل جانا وأشوف النفس مسرورة ياالله عسى ماطره يصبح ويمسينا يسقي بلادي من طريفٍ إلى شروره ومن البحر غربها للشرق يروينا سحاب بأمر الولي تمشي ومامورة يصب وبله على الدار وبوادينا تربّع الأرض تنبت عشب وزهوره والسيل يلطم على فياضه ويسقينا ويرد السيل والمطر أيضاً في الأمثال الشعبية مثل: [ يقلبه السيل ويقول: ديمة ] ويضرب لمن يظن بأن الأمر سهل وهو واقع تحت أمر كبير وعظيم ويجهل ما يجري له. وأيضا [يرد السيل بعباته]: ويضرب مثلا لمن يجابه الأشياء الكبيرة والعظيمة بجهوده القليلة، كما أن العباءة لا تقوى على سد مجرى السيل، والمثل يدل على أن السيل يحتل في ثقافتنا مكانة تجعله في الصدارة من حيث القوة. وأيضاً:(كل عليه من زمانه واكف) والمقصود بالواكف هو نزول الماء مع السقف بسبب عطب فيه من قوة السيل والمطر. ويضرب مثلا لعموم المشكلة. يقول فواز الغسلان: ويقول للي طاح والخير فاته واصبح قريب"ن" ياعرب من وفاته (محد"ن" يسد السيل عنك بعباته ) وبعض البلاوي ماترد بفزعاته ولا تخلو قصائد الشعراء في مجملها من ذكر للسيل والاستهلال أحيانا بدعوات متواصلة بأن تسقى الديار التي يحبونها ويشتاقون لها. يقول الشاعر دغش الدوسري وهو خارج المملكة وحنينه لبلاده السعودية مستهلا بالدعاء لها فيقول: عسى السيل يسقي دار الأجواد يا شخبوط عساها الحيا والله يعمّر مبانيها ديارٍ بها التوحيد في حكمها مربوط وحكم الشريعة منهجٍ من مباديها سقى الله نهار لا نزلنا المطار هبوط مطار الرياض الله يحفظه وأهاليها وتأتي مقدمة القصائد والمدخل عادة لتكون توطئة وسلاما فيضمن الشاعر مع هذه التوطئة ذكر ما هو محبوب ومقبول ومعروف عند السامعين مثل عدد ما هل المطر، وعدد ما ابرق البرق واعداد الهبايب ...الخ وكلها جمل لا تبتعد كثيرا عن محيط المناخ السائد والمألوف وأمنيات الجميع برؤية البروق والمطر. ويتضح من أبيات وقصائد غالبية الشعراء أنهم يرحبون في ساحة القلطة أو شعر الرد والمحاورة أو غيره بمدخل للقصيدة وبمقدمات يتصدرها أبيات تتضمن ما يعز عليهم وما غلي وما له عند السامعين قبول كالمطر والسحاب والسيل والسقيا وغيرها، وهذا يؤكد فرحة الجميع في بلادنا الملقي والمتلقي بهطول المطر ورؤية السحاب ونزول الغيث. يقول الشاعر في ترحيبه: يامرحبا بك عد ماهلت مزون واعداد طير في السما حلق وحام ويقول شاعر آخر في ترحيبه : يا مرحبا ترحيبة البدو لسهيل واعداد ما هبت سحايب مطرها يا مرحبا يا ريحة الورد والهيل لا هبت النسمة وتطاير عطرها و يقول الشاعر علي الحبابي سلام ما هلّت هماليل السحاب سحاب صيف هلّ من مخايله واعداد من صلّى ومن يقرا الكتاب واعداد ما تزهى الفياض السايله ويقول شاعر أيضا في أبيات استهلالية هي مقدمة لمطارحة شعرية: يا مرحبا عد ما صب المطر وعداد ما برقه يسابق راعده والهم من الجفاف وانقطاع المطر لا يعاني منه أهل البادية فقط، والذين يخافون على حلالهم وأغنامهم من الهلكة والفقد بعد جوعها وعدم وجود ما يطعمونها به، بل معاناة أهل الحضر الذين يعتمدون على الزراعة أشد وأصعب فهم في مشقة من جفاف آبارهم أو توقف الزراعة البعلية التي يعتمدون فيها على سقيا ماء المطر دون إمكانية الري والتي تقوم على حرث جوانب الرياض والفياض والسهول التي ترتوي بماء المطر في الشتاء، فتعد للزراعة فإذا ما رويت طرحوا فيها بذور القمح مثلا باعتباره الغذاء الرئيس للناس في وسط الجزيرة أو غيره ثم يرقبون نباته واكتمال نموه ويحمونه ويتابعونه حتى وقت نضجه وحصاده من أول الشتاء حتى بداية الصيف. فإذا ما حصل أن انقطع المطر عنهم أيقنوا أنه لا زراعة بعلية في عامهم هذا وربما الذي يليه، ومشكلتهم أن الجوع والحاجة تنازعهم الراحة مع ما عليهم من ديون لبعض أهل التجارة الذين أعطوهم القمح بالدين المضاعف، ومن أين لهم أن يسددوا ديونهم ويطعموا أنفسهم وأولادهم والجفاف يضرب أطنابه في أرضهم؟ يقول الشاعر جعفر بن هادي بن شري جعل السحاب اللي مقاديمه بروق يمطر على نجد وعموم الجزيرة يمطر على دار المطاليق من فوق وبلٍ من الوسمي سيوله غزيرة وتنبت نفود العرق والخافق يتوق لشوف البراري والغيوم المطيرة والدعوات بالسيل والأمطار والربيع تكون عادة مصحوبة بالأماني التي يتطلع لها من يدعو بذلك، ومن تلك الأمنيات والتطلعات: الرحلات البرية مع الرفاق الذين بصحبتهم تنجلي الهموم وينشرح الصدر ويأنس بعضهم ببعض يتبادلون الأخبار والأشعار والقصص والمعلومات ويقضون أجمل الأوقات في جو ربيعي مناسب لا حر فيه ولا برد، حيث يتمنى ساكن الصحراء مثل تلك الأجواء التي يفتقدها معظم أوقات السنة. وقد أخذ الشعراء أيضا صورة متكاملة للسحاب نشأته وتكونه وإغاثة الناس به وسقيا العطاش وإطعام الجياع وسقي الزروع اليابسة، فجعلوا من هذه السحب والغيوم والغمام والأمطار والسيول مشبها به، في كل مجالات العطاء والكرم والنجدة والشهامة، ذلك أن الخيوط كلها تتجمع في قطرة الماء التي ينزلها رب العالمين فتغيث الجميع ويتبدل حالهم من الحزن والألم إلى السعادة وانفراج كل الأزمات، ولهذا لا نستغرب المدح من خلال التشبيه بالسيل. يقول الشاعر عثمان المجراد يثني على حايل: مثل الذهب مهما علا فوقه غبار يبقى طوال الوقت سلعه ثمينه ومثل المطر مهما المطر سال مدرار لاغاب عام صاحوا الناس وينه؟ وتمني السيل في أحيان كثيرة ليس من أجل رفاهية المكشات والرحلات الكمالية أحيانا بل من أجل حياة ضرورية للأشجار والحياة النباتية وزوال الهم والفقر عن السكان التي تتعلق بها حياة الناس والبهائم ويتضح هذا من خلال قصيدة للشاعر بدر الحويفي يخاطب الشاعر مبارك العوني ، وفيها يعطي نظرة عامة لما ينتظر من السيل والأمطار وما في القحط من هموم ومشكلات يتعرض لها الناس، وفرحة الجميع بالربيع ودعوته بالغيث من أجل عموم السعادة وتمنيه أن تصدر الدعوة من شخص مستجاب الدعوة حلال ماله ومأكله، فيقول: يامبارك، الصقار قرب هبابه والطير قرنس واكمل الريش تكميل والوسم له يومين داخل حسابه الله لا يحرم وطنّا من السيل ياالله بنو يوم يردم ربابه توابعه مثل الجبال المظاليل يومر على غسل المحول انصبابه في قدرة الخالق يكيله مكاييل يحيي الهشيم اللي يبس في ترابه يبست عروقه والهوا شالته شيل حتى قال: نطلب مطر رحمة ثقيل سحابه فيه البروق تلوح مثل القناديل ياخذ ثمان أيام حسبة وجابه دقاق رفاق من زلوفه هماليل واليا انتهى الثامن وعزل ضبابه نهار تاسع باذره كنه النيل والعصر لامن المولع مشى به يغيب هوجاسه وينسى الولاويل