توقعنا أن يتوقف إهمال التراث الفني السعودي بعد تحول الإذاعة والتلفزيون إلى هيئة مستقلة، بحيث يعود الاهتمام بالأغنية السعودية وبروادها الأوائل بعد سنوات من التهميش. لقد ترك هؤلاء الرواد في العراء تحت ضغط مؤسسات خارجية استغلتهم واستغلت أرشيفهم الكبير؛ لأن وزارة الثقافة والإعلام وهيئة الإذاعة والتلفزيون وجمعية الثقافة والفنون، وهي الجهات المعنية بالأمر، مازالت في سبات متناسية دور الحفاظ على الإرث الغنائي السعودي. بعد وفاة المطرب المحدث طلال مداح ذهبت نسخة من أرشيفه إلى إذاعة صوت الخليج في قطر التي تهتم بالأغنية الكلاسيكية بشكل ساهم في نمو التنافس بين الفنانين وجذبهم إلى ساحة الإعلام المسموع خاصة في قطر، والتي تسعى في ترسيخ مفهوم الغناء كجزء هام من الثقافة، هذه الإذاعة بالذات لديها وعي واهتمام بأرشفة أعمال الفنانين السعوديين السابقين بشكل مكثف ومقنن، وتلت تجربتها الأولى مع طلال مداح تجربة الراحل سلامة العبدالله حينما قامت بتقديمه من جديد في حفل الأغنية العربية ثم لقاءات وتسجيل أرشيفه كاملاً، وبعده أتى حمد الطيار القريب جداً في علاقته مع مدير عام الإذاعة محمد المرزوقي وكذلك تم تسجيل أرشيفه كاملاً، تبعها العديد من الفنانين السعوديين الذين أرشفوا اعمالهم بشكل متتال في ظل غياب فادح لهيئة الإذاعة والتلفزيون؟. ابتسام لطفي هذا الأرشيف هو في الأساس ملك للإذاعة السعودية ومن المؤلم أن ترى الإذاعة هؤلاء الرواد وأغانيهم وهي تتسرب للخارج دون أن تفعل شيئاً!. ودون أن تبادر للاحتفاء بالفنانين والعناية بأرشيفهم. هل هذا الإهمال مجرد لا مبالاة أم أنه يعود لموقف ضد الموسيقى وضد الفنون؟ التلفزيون السعودي والإذاعة لم يقدما أي خبر عن وفاة أحد رموز الفن السعوديين عدا الفنان الراحل حمد الطيار الذي جاءت الإشارة إليه متأخرة بعد أن كتبت عنه الصحف الخليجية ونعته إذاعات دول مجلس التعاون الخليجي. كل هذا يوحي بأن الغناء "عيب أو حرام" من وجهة نظر الهيئة؟. نقول هذا ونحن نرى كيف عادت المطربة "السعودية" ابتسام لطفي للساحة الغنائية بعد ابتعادها طوال "26" عاما، وكيف قامت بتسجيل أرشيفها كاملاً لإذاعة صوت الخليج وسط تجاهل تام من القنوات والإذاعات السعودية الرسمية! وكأن هذه الفنانة الكبيرة التي أذهلت العالم بعد عودتها لا تعنينا كسعوديين لا من قريب ولا بعيد!، ابتسام استضافتها الإذاعات وكتبت عنها كل الصحف بالخليج العربي، فيما قنواتنا وإذاعاتنا نائمة تماماً؟. الإذاعة السعودية بالذات معنية بابتسام لطفي دوناً عن غيرها من الإذاعات وذلك لأن أغلب أغانيها الشهيرة سجلت أساساً لمصلحة الإذاعة قبل نحو ثلاثين عاماً، كما أن آخر لقاء لها كان عبر أثير الإذاعة السعودية وكنا نتمنى أن تكون عودتها عبر ذات الإذاعة لكن لا حياة لمن تنادي؟!. ما فعلته ابتسام مع إذاعة صوت الخليج يعيدنا إلى المطربين السابقين الذين قدموا ارشيفهم للإذاعة القطرية بسبب أن لا أحد هنا يقدره ويعيده للواجهة ويوثقه ويحميه من السرقات؟!. سلامة العبدالله