لم تكن الموسيقى الغنائية بالمملكة العربية السعودية، إلا جزءا مهما في نقل الأفكار إلى الأقطار العربية الأخرى لتصبح أهم منفذ في نقل الثقافة الاجتماعية والموروث إلى الخارج عبر الرابط القوي لمفهوم الموسيقى، وقد ساهم الراديو والتسجيلات والأفلام السينمائية والتلفزيون في نقل الطبقات الاجتماعية في مصر ولبنان وسوريا والمغرب، حيث باتت تشكل هذه النوعية من الفنون رصيدا مُهما للمعلومة عن تلك المجتمعات في تلك الدول، وشكلت نبذة عن اللهجات الشعبية والتعرف إلى التاريخ والرموز. مُنذ أن بدأت الأغنية والإعلام كان للمرأة السعودية دور في نقل ثقافتنا عبر أصواتهن "الناعمة" في مختلف الصيغ والألوان الشعبية، المطربة توحة وابتسام لطفي وعتاب وسارة قزاز التي تغنت من كلمات الأمير محمد العبدالله الفيصل وألحان سراج عمر ومحمد شفيق "1975م" وسارة عثمان وحياة الصالح وغيرهن. ربما في بدايتهم كانت الأعراس منفذا لبروزهن محلياً وتقديمهن للساحة، هو ما حصل لتوحة وابتسام وعتاب وسارة عثمان وحياة، لكن نقلها عبر الأصوات النسائية بات حكراً على ابتسام لطفي وعتاب، إذ استمر الوضع للعنصر النسائي بدعم إعلامي خارجي وبعض من المحلي المقروء قرابة العشرون عاماً، ويعتقد أنه قد ساهمت في نقل ثقافتنا الاجتماعية والفنية بشكل جيد. المطربة عتاب 1947-2007 م بداية الثمانينيات الميلادية كانت وطئة لدرب السنين وأيدلوجية مخيبة للآمال، حيث انسحب بعدها أهم الركائز في الصوت النسائي للأغنية السعودية، ابتسام وتوحة ثم عتاب بعد "الديو" مع طلال مداح والهجرة إلى مصر ثم مشاركات متفاوتة بين الألبومات والجلسات الخاصة في الكويت وإنتاجات "فنون الجزيرة"، من هناك انسحب الجميع بشكل تدريجي من الساحة ولم يعد هناك صوت "ناعم". في نهضة القنوات الفضائية بعد تحرير الكويت بسنوات! التقطت الأصوات النسائية السعودية الجديدة انفساها بغية تحقيق ذاتهن في أثبات الوجود، لاسيما بعد انتشار مؤسسات الإنتاج. بدأت الفنانة الجوهرة التي لقبت آن ذاك ب "جوهرة الجزيرة"، إذ قدمت انتاجها مع الأوتار الذهبية – 1999 - وظهرت بشكل متميز"جايز أنسى" جددتها نوال الكويتية - 2004 - و"فدوة عيونك" وألبوم آخر الا انها انسحبت من الفن كاملاً وبشكل مفاجئ!. وصلت المطربة سارة الغامدي التي ظهرت في أغنية وظنية – 2006 – مع الراحل سامي أحسان، ثم وقعت عقداً مع روتانا وألبوم امراتي "محدً ضربكم على يديكم"، وانتشرت ألبوماتها بشكل مذهل، هناك لم تكن على الهامش بل تميزت في إنتاجها حتى نافست في ذلك الوقت مصاف المطربات الخليجيات الكبار "أحلام ونوال"، لكن صادفها ما صادف الأصوات النسائية السعودية، تهميش وتحقير من مجتمع تغلغلت فيه أيدلوجية فكر الثمانينيات الذي ألغى كُل القيم الفنية وتحطيمها وقضي على موهبتها وانسحبت . المطربة ابتسام لطفي 1978 لم تكن المطربة السعودية في بداية الأمر مطلع الستينيات وبعد افتتاح الإذاعة السعودية أن تظهر باسمها الحقيقي، كانوا يستعينون بأسماء مستعارة "توحه/ فتحية -1934- ابتسام/ خيرية – 1950 - عتاب/طروف - 1947". من المؤكد أن المجتمع بدأ في تقبل الأمر نوعاً ما واستمر توهجهم بشكل اعطى مساحة كبيرة لوجود أسماء اخرى في المناطق الأخرى، بعد الازدهار الفضائي ظهرت أصوات "نسائية" لا تقل قيمة عن سابقها، توقعاً أن الانفتاح الفضائي ساهم بشكل أوباخر في الانفتاح الذهني وتقبل الفنون من العنصر النسائي/ ربما شيئاً من هذا لم يحدث/ المجتمع أولاً وارتباطه بمفهوم القبيلة قبل الدين أحبط كل المحاولات في تبني الرسالة الفنية و"كسَر" كل المجاذيف وإلغاء حياة كريمة بتبني الإشاعات وتمريرها ما أعطي سرعة لتلاشي مفهوم الصوت النسائي السعودي وانعزاله. هؤلاء لم يكونوا مجرد مغنيات على ألبومات فقط!؟، وقد يبدو الأمر مدهشاً إذا عرفنا أنهن مشاركات رئيسيات في كتابة جزء مهم من حياتنا وعملية نقلها للأجيال القادمة محلياً وخارجياً. المطربة المعتزلة سارة الغامدي