يلجأ كثير من الرجال إلى الكذب على زوجاتهم لدوافع مختلفة؛ بحثاً عن كمال الذات "أنا صح وانت خطأ"، أو تجنُّب الدخول في جدال "خلّها على طمام المرحوم"، أو تقريب بين وجهات النظر "حتى لا نخسر بعض والضحية الأطفال". وتتحدث العديد من الزوجات عن نجاحهنَّ في كشف كذب أزواجهن، من خلال الإشارات التي تصدر منهم أثناء اقترافهم الكذب، وهي غالباً ما تكون على شكل إيماءات وحركات جسدية، أو عبر أسلوب المبالغة في تلفيق بعض الأحداث والقصص، خاصَّة تلك التي يؤدي فيها الزوج دور البطولة، ومع ذلك فهنَّ يرين أنَّ هناك نوعاً من الكذب المحمود، إذ يُظهر الزوج عبره مشاعر الود والمحبة أو المديح والإعجاب بهدف ديمومة الألفة واستقرار الأسرة. ورغم براعة النساء في كشف أدنى كذبة من أزواجهن، إلاَّ أنَّ كثيراً منهن يلجأن أحياناً إلى تصديقهم على نحوٍ متكرر حتى اعتدن على كذبهم، ويبقى أنَّ هذا التصديق أو التظاهر به تستمده الزوجة من محبتها لزوجها وحرصها وحنانها عليه. كذب الرجل وقالت "أم ريناد" -موظفة-:"هناك العديد من الأزواج ممن يجدون أنفسهم مُضطرين لاستخدام الكذب ليتجنبوا الصدامات مع زوجاتهم"، مُضيفةً أنَّها تتقبَّل الكذب الخفيف، مُوضحةً أنَّها ترى أنَّ العلاقة المبنية على الصدق والإخلاص والتفاهم علاقة سامية ومثالية، مُشيرةً إلى أنَّ الوضوح المُطلق والصراحة المؤلمة قد تتسبب أحياناً بحدوث خدوش واضحة في علاقة الزوجين ببعضهما ممَّا يعيقهم عن تحقيق حياة زوجية مستقرة، لافتةً إلى أنَّها غالباً ما تتمكن من كشف كذب زوجها عليها من خلال ما يُبديه من تكلُّف في الظهور بمظهر الجاد عبر تقاسيم وجهه وفي نبرات صوته واختياره الكلمات المؤثرة عند الحديث معها، إلى جانب ميله إلى استخدام الكلمات نفسها مرات عديدة للظهور بموقف ثابت أطول مدة ممكنة. ووافقها الرأي زوجها "أبو ريناد" حيث لفت إلى أنَّ الرجل يتمتع بحرية أكثر من المرأة في التصريح بالكذب، إذ أنَّه لا يكذب في أمور حياته اليومية كما تفعل المرأة، وذلك فيما يتعلَّق بالمأكل والملبس وأسلوب الحياة اليومي، بل إنَّه يستخدم الكذب في القضايا الكبرى في حياته اليوميَّة، ومن ذلك افتعال المشاكل والخيانة وتبديد الأموال، مُشيراً إلى أنَّ الرجال خبراء في الكذب، مُوضحاً أنَّ العديد منهم -بحسب رأيه- يستطيعون حبك الكذبة والتفنُّن في تأليفها على زميله أو أهله أو جاره وكأنها حدثت بالفعل، مُضيفاً أنَّ حبل الكذب يبدو قصيراً جداً أمام الزوجة، وذلك عندما تكتشف بأعجوبة ما يصعب على الآخرين اكتشافه، مؤكِّداً على أنَّ المرأة المُتعقِّلة هي من تمرر الكذب الأبيض وتكفّ عن الجدال وسرد الأسئلة على زوجها. مبررات التقبل وأكَّدت "بشائر اللافي" -أخصائيَّة اجتماعيَّة- على أنَّ المرأة قد تتقبل كذب زوجها أو تتجاوز عن أخطائه وزلاَّته على الرغم من اكتشافها لذلك، مُرجعةً ذلك إلى خشيتها من الانفصال عنه أو وقوع نوع من الخلاف بينهما أو خوفاً من توتُّر الجوّ الأسري عند وجود أولاد، مُضيفةً أنَّه ليس بالضرورة أن يكون تقبُّلها لكذب زوجها نوع من اللامبالاة، ولكن قد يكون ذلك رغبة منها في الاحتفاظ بزوجها وأسرتها. وقالت إنَّ ذلك لا ينفي وجود بعض الزوجات اللامباليات بهذا الشأن، إذ أنَّ ذلك يعتمد على شخصية الزوجة سواءً كانت من الصنف الذي لا يبالي بكذب الزوج رغم علمهن بذلك، أو ممَّن لا تسمح لهنَّ كرامتهنَّ بتقبل هذا الأمر على الإطلاق، مُوضحةً أنَّ الاستمرار في تصديق الكذب من شأنه إيجاد نوعاً من التنافر بين الزوجين، إلى جانب حدوث عدم الثقة بينهما، وكذلك انعدام الشعور بالأمان، إضافةً إلى تأثير ذلك بشكلٍ سلبي على الأبناء، لافتةً إلى أنَّ مصارحة الزوجة لزوجها بعلمها بشأن كذبه وتغاضيها عن ذلك قد ينتج عنه العديد من ردود الأفعال لديه. وأضافت أنَّ ذلك يعتمد على نوعيَّة الأشخاص وعلى الحالات الاجتماعية المختلفة، مُشيرةً إلى أنَّه قد يصاب الزوج في بعض الأحيان بحالة من الصدمة عند المصارحة أو بحالة إنكار، كما أنَّه قد يُصاب باللامبالاة في أحيان أخرى، خاصَّة عندما يكون من غير المُبالين بالحياة الزوجية وشؤونها، إلى جانب أنَّ بعض الأزواج قد يفتعل شجاراً ليُغطِّي على أخطائه ويعمل على تمويه الموضوع برمته. وأشارت إلى أنَّ ردود الأفعال تختلف باختلاف شخصية الزوج وبحسب وضعه الاجتماعي، مؤكِّدةً على أنَّ الكذب يُعدُّ من معكرات الأجواء الأسرية ومن المسببات الكبرى للمُشكلات، كما أنَّ الاستمرار فيه قد يُولِّد انعدام الثقة بين الزوجين. موقف المرأة وقالت "لطيفة السعران" -أخصائية اجتماعية- إلى أنَّ المصداقية تُشكِّل ركناً من أركان البناء الاجتماعي السليم، مُوضحة أنَّ الكذب عند الرجال له أسباب عديدة، منها: الأنانية والضغوط المادية والمعنوية ونظرة الكمال لنفسه والمحافظة على المنصب والتخلص من المحاسبة والخوف، إلى جانب الهروب من تحمُّل المسؤولية، وكذلك التحجُّج بأعذار وهميَّة، إضافةً إلى كثرة طلبات المرأة؛ الأمر الذي يدفعه إلى التعذُّر بل والانشغال. وأضافت أنَّ الرجل قد يكذب للحصول على التقبُّل الاجتماعي، كأن يدَّعي أنَّه صاحب ثروة أو حاصل على شهادات معيَّنة؛ لينال تقدير الآخرين، لا سيَّما إن كان ذلك أمام المرأة، مُوضحةً أنَّ هناك اعتقاد خاطئ من قبل العديد من الرجال لما تريده المرأة، ومن ذلك أن يدَّعي الرجل الثراء ظناًً منه أنَّه سينال إعجابها، بينما قد يعجب المرأة صفة الصدق والأمانة والقدرة على تحمُّل المسؤولية، مُشيرةً إلى أنَّ المرأة لا تبحث عن الرجل الغني كما يعتقد البعض بل تبحث عن الأمان، ليقينها من أنَّه لن يمنحها ذلك سوى رجل تثق به، لافتةً إلى أنَّ عدم فهم المرأة للرجل ووجهة نظره قد يدفعه أحياناً للكذب ليتجمَّل أمامها، وليحافظ على مكانته لديها، فيلجأ حينها إلى حجج خيالية يعتقد أنه سيقنع المرأة بها، وحالما تكتشف المرأة خيوط الكذب وتقطعها تظهر المشكلات على الفور، مُؤكِّدةً على أنَّ ما يجعل المرأة غير مبالية هو أنَّها ترغب في إتاحة العديد من الفُرص للرجل فتتغاضى عن كذبة، في محاولة منها للتغير، بيد أنَّ استمرار الكذب يجعلها لا تصدق بعد ذلك كثيراً ممَّا يقول. وأشارت إلى أنَّ من طبيعة المرأة التسامح، بيد أنَّ الرجل -للأسف- قد يستغل هذه الصفة، مُضيفةً أنَّ ذلك لا يأتي غباءً منها، بل لأنَّها ترجو من ذلك التغيير من قبل زوجها، ولتحافظ على عشها الصغير وأطفالها، مُوضحةً أنَّه في المجتمع الذكوري قد لا يتم تحميل الرجل المسؤوليَّة عن الأخطاء، إذ أنَّ البعض يرى أنَّ خطأ الرجل عيب والمرأة حرام، الأمر الذي يجعل المرأة تتقبل كذب الرجل لعلمها أنَّ المجتمع سوف يجد مبررات لكذبه، على خلاف لو أنَّ الأمر كان متعلِّقاً بها، مُشيرةً إلى أنَّه لا يوجد تصنيف للكذب، فليس هناك كذب أبيض وكذب أسود، بل نحن من وضعنا هذا المبرر لأنفسنا، ذاكرةً أنَّه في حال غياب الضمير فإنَّ الكذب واستمراره يعد مرضاً يحتاج إلى العلاج.