الوساطة العقارية مهنة في أساسها السعي لعرض العقارات أو الايجارات، وتعتمد على العلاقات الشخصية والثقة التي يمتلكها الوسيط.. ولم تقتصر هذه المهنة على العمل في العقارات فقط بل تكاد تكون في جميع القطاعات الاخرى، لكن مع تسارع وتيرة العمل العقاري وكثرة الطلبات وقلة العروض، دخل الكثير من الوسطاء غير المتخصصين في المهنة، مما يضعف مهنة الوسطاء العقاريين وافتقاد الثقة لدى بائعي العقار من تسليم سمعتهم لأولئك الوسطاء. وفي القطاع العقاري، تراوحت نسبة الوسيط جراء ما يقوم به من عمليات بيع او شراء او ايجار بين 2 و2.5 في المائة من قيمة الصفقة في الغالب يدفعها المشتري بالسعودية، وهي ما جرت عليه العادة منذ زمن. وتطور عمل الوسيط مع اتساع أعمال القطاع العقاري ومخططات الاراضي إلى أن اصبح عملا مؤسسيا اضافة الى العمل الفردي، ما جعل البعض يشرعون في تأسيس شركات خاصة تقوم بعمل الوساطة، وكذلك فان هذا الاتساع عمل على دخول شركات كبرى في عملية الوساطة العقارية، التي في الغالب يمارسها القائمون على تلك الشركات، التي اكتسبت سمعة قوية تكون لهم ربحاً اضافيا من غير التطوير العقاري الذي يعتبر العمل الأساسي للشركة العقارية. هذا بالإضافة إلى دخول شركات عالمية بأسلوب حديث ومنظم للوساطة العقارية يعتمد اعتمادا كبيرا على بيانات العقارات وصورها، ويأخذ طابع الرسمية في التعامل ما يساعد على تنظيم مهنة الوساطة العقارية، الأمر الذي يتطلب ايجاد علامة تجارية سعودية في الوساطة العقارية تعمل باحترافية كاملة. دخول شركات عالمية بأسلوب حديث ومنظم للوساطة العقارية يعتمد على بيانات العقارات وصورها ويهدف التنظيم في عمل الوساطة العقارية، الذي يطالب به العقاريون، إلى الحد من الممارسات التي يعمل بها بعض الوسطاء وتسيء إلى سمعة المهنة، خصوصا مع افتتاح مكاتب عقارية عدة في مختلف مدن المملكة لممارسة العمل العقاري الذي لا يشترط الحصول على ترخيصه، سوى امكانية القراءة أو الكتابه، ما يدفع العقاريين إلى المطالبة بتنظيم تلك المكاتب وتصنيفها بحسب امكاناتها، ما يساعدهم على التعامل مع مكاتب وساطة عقارية على مختلف الصعد، وليس فقط في ما يتعلق بالاستثمار العقاري. ويشدد خبراء أكاديميون على طرح تشريع جديد يهدف إلى تنظيم مهنة الوساطة في عموم السوق المحلي، وذلك بعد كثرة الفوضى والتجاوزات التي شهدها السوق في الفترة الماضية، وجاء تشديد العقاريين في الفترة الماضية نتيجة التغيرات والتطورات في السوق العقاري عبر زيادة الطلب والمعروض من الأراضي والعقارات، ودخول شركات من مختلف الاحجام في السوق، الأمر الذي ساعد على كثرة الطلب على الوساطة العقارية، وطرح مشاريع عقارية مختلفة. وبين هؤلاء الخبراء ان هناك فئة من الوسطاء يعملون على الإعلان عن أراض وعقارات لا تمت لهم بصلة أو لا يملكونها ولا يحق لهم التصرف فيها بهدف كسب عملاء أو استدراجهم، ما يؤثر على الأسعار في السوق العقاري، أو فتح علاقات جديدة قد تمكنهم من الحصول على عروض أخرى، مشيرين إلى ان تلك العملية قد تؤثر في الكثير من الوسطاء العقاريين أصحاب المكاتب العقارية لوجود من يضلل بصنعة الوساطة العقارية. وأكد البعض ان عمل الوسيط العقاري يجب ان يتحلى بصفات عدة من أهمها الصدق وهي التي اختفت عن نسبة كبيرة من الوسطاء الذين يعملون على ترويج الأراضي، والخلفية العقارية، وكيفية التعامل مع المشتري والبائع وأساليب الاقناع، بالإضافة إلى التحلي بالصبر وعدم أكل حقوق الوسطاء الساعين في الصفقة نفسها، مبينين ان هناك الكثير من الممارسات الخاطئة في الوساطة العقارية حالياً، مؤكدين ان هناك الكثير من المواقف التي نمت عن وسطاء عقاريين دخلاء بعيدين كل البعد عن المهنة التي يجب ان تدخل ضمن نطاق الأمانة والحفظ على سرية ممتلكات الغير. ويساعد التنظيم للمهنة على خروج الكثير من الفوضويين من السوق، خصوصا وانهم يعتبرون من الاسباب الرئيسية في ارتفاع اسعار العقارات في البلاد، عبر الترويج من اجل رفع الاسعار للحصول على اكبر حصة من السعي او المبلغ الذي يتقاضاه من جراء عقد الصفقة العقارية. وتوقع عدد من اصحاب شركات الوساطة العقارية، أن تساهم شركات التمويل العقاري في انتعاش القطاع العقاري المحلي، وذلك من خلال طرحها لبرامج التقسيط العقاري عن طريق الدفع الميسر بحيث تتناسب مع دخول أصحاب المرتبات المتوسطة والموظفين الصغار، اضافة إلى دخول البنوك السعودية كطرف في المشروع ليخلق تنافساً قوياً لكسب أكبر حصة من العملاء، وقالوا ان سوق العقارات ظل بشكل عام غير نشط لعدم وجود جهات تمويلية في السابق ما جعل مشاريع البناء وخاصة المساكن الخاصة تحتاج إلى وقت طويل للتسويق، وكذلك تأخر صرف قروض البناء من قبل الصندوق العقاري هو الذي فتح باب المنافسة من قبل البنوك وشركات المقاولات والشركات العقارية وهذه المؤشرات تعتبر ايجابية ومشجعة، فضلاً عن انها تتماشى مع التطور العمراني ومتطلبات الزيادة السكانية التي تشهدها المملكة. وأشاروا الى ان شركات الوساطة العقارية قد خصصت برامج تقسيط العقارات من فلل وأراض وعمائر سكنية وتجارية، تتناسب مع كافة أفراد المجتمع بمستوياته المادية المختلفة من دون شروط معقدة، لافتين الى توفير مسوقين ذوي كفاءة عقارية، اضافة إلى اتاحة فرص مميزة لخدمة تسويق وبيع العقارات نقداً مقابل تقسيطها على العملاء. ويؤكد عقاريون مخضرمون أن سوق الوساطة العقارية في المملكة غير منظم ويصاحبه عشوائية، كما يصاحبه عدم تخصص وازدياد في أعداد الداخلين إلى السوق من دون أية مؤهلات أو خبرات، ما يجعل السوق مستباحة للكثيرين.. هذا بالإضافة الى ان العمل بهذه المهنة غير مكلف، ولا يحتاج إلي أي ترخيص أو مؤهلات نظامية أو غير نظامية. من جهتهم، اوضح خبراء ان ضخامة السيولة، والتدفقات المالية التي تدخل وبشكل وقتي إلى سوق العقارات السعودية، دليل على رغبة الجميع في الحصول على جزء من مكتسبات السوق العقارية، إضافة إلى سهولة العمل في السوق العقارية، التي لا تحتاج إلى رؤوس أموال أو خبرات كبيرة، فالشخص مهما كانت قدراته ومؤهلاته وسنه يستطيع أن يدخل إلى السوق العقارية السعودية بكل سهولة. وظهر في الفترة الاخيرة عبارات في الاعلان "الوسطاء يمتنعون" بمعنى عدم تدخل الوسطاء، وانتشرت هذه العبارة في سوق العقارات السعودية مؤخرا، وأصبحت شرطا أساسيا لكثير من المتعاملين في السوق، على الرغم من الدور المؤثر الذي يلعبه الوسطاء في العادة، والخدمات الكثيرة التي يتيحها تدخلهم، بدءا بالتسويق وإيجاد المشتري في وقت قصير، وبالسعر الذي يرضي الأطراف كلها في معظم الأحيان. واعتبر الخبراء أن الثقة في دور الوسيط شابتها شوائب، وهذا ليس في مصلحة الصفقات العقارية، وقالوا: لو كان لدى الوسطاء وعي عام ومعرفة جيدة، فهو مجال عمل مربح وجيد للوسطاء، والوسطاء لهم دور ممتاز في نقل المعلومة، إلى جانب أن أهمية الوسيط تكمن في أنه يسوق للعرض العقاري، وهو لا يزال إلى الآن أفضل الطرق في السوق العقارية المحلية، وخصوصا للأفراد، لأن سياسة اللجوء إلى الشركات المختصة كما يحدث في أسواق عقارية أخرى لا تزال غير ذات جذور في وعي المجتمع. وتؤمن الوساطة في المجالات العقارية ربحا جيدا، ولا تحتاج إلى أكثر من العلاقات الشخصية القوية ومعرفة الكثير من الأشخاص وحضور مناسبات كثيرة، وبالتالي فهي مجال مناسب لكثير من الراغبين في تحسين دخلهم، إلا أنه يجب الأخذ في الاعتبار متطلبات السوق الجديدة، وتطوير الأداء ليتسنى للأطراف المشاركة كافة في الصفقة العقارية الاستفادة بشكل متساو. ويرى البعض أن الاستغناء عن الوسطاء أمر إيجابي، لأنه عند اللجوء إلى المكاتب ذات الصفة المستقلة والمحترفة يمكن أن تحاسب الجهة المسؤولة عن الخطأ في حال حدوثه عندما يحصر التعامل في الصفقات العقارية في المكاتب المرخص لها بالتعاملات التجارية والمحترفة.. وبالتالي، فإن الإشكالات في التعاملات العقارية ستكون أقل، ويمكن للوسطاء التعاون مع المكاتب العقارية وأن يتحركوا تحت مظلتها لكي يصبح عملهم أكثر إقناعا وأقل إثارة للإشكالات المستقبلية. وفي جانب آخر، وصف عقاريون دور الوسيط في المكاتب العقارية بالمتشعب والمتمازج، وقالوا انه تارة يأخذ عمل المحرّج وتارة أخرى يعمل كسمسار خفي لعدد من المكاتب العقارية، وأرجعوا هذا التشعب إلى عدم وجود نظام لتصنيف مسميات المهن العقارية وإبراز حقيقة الأدوار دون تداخل في المهام. وطالبوا باستخدام التقنية في ممارسة مهنة التحريج على العقارات، وهو طابع يتسم بالهدوء من دون إحراج أو تشهير بالمشترين لما فيه من مبالغة، أو أن تتولى شركات التطوير العقارية كل العملية كونها تمتلك الأدوات لترتقي بعملية البيع والشراء في السوق العقارية ولا سيما أن هناك شركات تطوير عقارية عربية وعالمية دخلت أخيرا في السوق السعودية.