يضطر العديد من الآباء إلى تلبية رغبات أبنائهم، خاصةً في توفير مستلزمات المُناسبات الاجتماعيَّة، ومن ذلك الحصول على ملابس العيد، ويأتي ذلك رغبةً منهم في التعامل مع الأبناء بعقليَّة الجيل الجديد الذي تأثَّر كثيراً بمُتغيِّرات العصر الحالي، وأصبح مُعظم ما فيه يخضع لمُستجدات طغى عليها بعض العادات الدخيلة على مجتمعنا، والآتية من عدَّة ثقافات أثَّرت كثيراً على الجو العام لهذه المُناسبات. وبعد أن كان الجيل الماضي من الشباب -من الجنسين- حريصاً على ارتداء الأزياء التراثيَّة والمحليَّة في هذه المُناسبات، فإنَّنا بتنا حالياً أمام جيلٍ تمرَّد على الموروث الثقافي مهرولاً باتجاه آخر صرعات "الموضة"؛ فأصبح العديد منهم، خاصَّة الأطفال يرغبون في ارتداء بنطلون "الجينز" وال"تي شيرت"، وغيرها من الملابس التي أضحت بعيدةً كُلَّ البعد عن الموروث المحليّ. صورة الماضي وقالت "أم علي التميمي" -ربَّة منزل-: "كان الزيّ الوطني التقليدي في الماضي رمزاً للموروث الشعبي المحليّ"، مُضيفةً أنَّ العديد من الأسر في السابق كانت تتبادل التهاني ليلة العيد، بعد أنَّ تذهب العديد من الأمهات بصُحبة أطفالهن برفقة آبائهم إلى العديد من المحال البسيطة المُختصَّة ببيع ملابس العيد، مُشيرةً إلى أنَّ العديد منهنَّ كُنَّ يقمن بذلك قبل قدوم العيد بعدَّة أيام، لافتةً إلى أنَّهن كُنَّ يشترين قطع القماش لبناتهنَّ لتفصيلها وخياطتها بطريقةٍ يدويَّة لدى بعض النساء المُختصات في هذا الجانب، كما أنَّ من بينهنَّ من كانت تُنفِّذ ذلك بنفسها داخل بيتها، وذلك بطريقة فيها من البساطة الشيء الكثير. وأضافت: "تمضي بعضهنَّ لإحضار أقمشة الروز ورش المطر والزري"، مُوضحةً أنَّه طرأ على الوضع بعد ذلك شيءٌ من التغيير والتطوُّر، إذ أصبح "الخياطون" هم من يتكفَّلون بهذه المهمة بدلاً من النساء. وأشارت إلى أنَّ الأُمهات كُنَّ يستقبلن بناتهن صباح العيد وهنَّ بثيابهنَّ الجديدة، التي يغلب عليها الطابع الوطني التقليديّ، مُوضحةً أنَّ الآباء كانوا حريصين على أن يرتدي أطفالهم الذكور الثوب والشماغ والعقال والطاقيَّة، مُوضحة أنَّ أطفال المُوسرين كانوا يتميَّزون بارتداء "الدقلة" علاوةً على هذه الملابس، حيث يشتريها آباؤهم قبل حلول مُناسبة العيد بعِدَّة أيَّام، لافتةً أنَّ الآباء كانوا يصطحبون أبناءهم لأداء صلاة العيد قبل أن يذهبوا معاً للسلام على الجيران والأقارب وتهنئتهم بالعيد، مُبيِّنةً أنَّ الآباء كانوا حينها أكثر حرصاً من أبنائهم وبناتهم على الالتزام بارتداء تلك الأزياء الوطنيَّة، على الرُغم من الجهد البدنيّ الذي يبذلونه في سبيل توفيرها، في ظلِّ ضيق ذات اليد لدى العديد منهم. وقالت إنَّ الوضع الآن أصبح مُغايراً لما كان عليه الحال في السابق نظراً لخروج العديد من أبناء الجيل الحالي عن هذا الخط، وتمسُّكهم بارتداء الملابس الحديثة، مُضيفةً أنَّ العديد منهم تأثَّروا بشكلٍ واضح ببعض الثقافات الأجنبيَّة في هذا الجانب، مُوضحةً أنَّ لوسائل التقنية الحديثة وانتشار وسائل الإعلام المختلفة ودخول القنوات الفضائيَّة إلى كُلِ بيت في المملكة دورٌ كبير في هذا الجانب، خاصَّةً بالنسبة للفتيات، اللاتي أصبحن يتسابقن على تقليد العديد من الفنانات والمُذيعات وعارضات الأزياء، لافتةً إلى أنَّ العديد من الآباء والأمهات أصبحوا ينقادون خلف رغبات الأبناء والبنات فيما يتعلَّق بشراء ملابس العيد، مُبيِّنةً أنَّ ما يرتدونه في العيد أصبح لا يختلف عمَّا يلبسونه في سائر أيَّام العيد، اللهمَّ إلاَّ في كون الملابس صبيحة العيد تكون جديدة. هُويَّة وطنيَّة ولفتت "مها الزامل" -موظفة- إلى أنَّه من الأهميَّة بمكان أن يهتم الشخص بمظهره الخارجي، سواءٍ كان ذلك في المُناسبات أو في الأيَّام العاديَّة، مُضيفةً أنَّ ذلك لا يعني أن تكون الملابس التي يرتديها مُتوافقةً مع الزيَّ التقليديّ، ومع ذلك فهي ترى ألاَّ يُبالغ الشباب في الانسياق خلف الموضة بشكلٍ مُبالغ فيه، مُوضحةً أنَّ ذلك من شأنه أن يجعلهم -مع مرور الوقت- يُضيُّعون هُويتهم الوطنيَّة، خاصَّة عندما يتعلَّق الأمر بمناسباتنا الدينيَّة كالأعياد، مُشيرةً إلى أهميَّة تعويد الأبناء على ارتداء الِّلباس التقليديّ في هذه المُناسبات التي نتميَّز بها عن غيرنا من أبناء العديد من المُجتمعات. "موضات" عالميَّة وأوضحت "العنود البقعاوي" أنَّ الثورة الكبيرة في عالم الاتصالات والتطوَّر الواضح الذي طرأ على حياة العديد من أفراد المُجتمع جعلهم يتأثرون كثيراً بما يرونه عبر هذه الوسائل من موضات، سواءً على صعيد الملابس أو فيما يتعلَّق بأساليب أدوات التجميل، مُضيفةً أنَّ العديد من الشباب باتوا ينساقون خلف الموضة فيما يتعلَّق بمظهرهم الخارجي، سواءً على مستوى ملابسهم أو فيما يتعلَّق بقصَّات الشعر الغريبة، التي جعلتهم يميلون إلى ارتداء "البنطال" وال"تي شيرت"، مُشيرةً إلى أنَّ العديد من الفتيات يحاولون تقليد المُمثلات والمُطربات وغيرهنَّ من المشاهير، الأمر الذي أدَّى إلى ظهور جيل منهنَّ لا يميل إلى الالتزام بارتداء الملابس التقليديَّ، والميل إلى الإفراط في استخدام أدوات التجميل، لافتةً إلى أنَّ ذلك يمكن ملاحظته عند حضورهنَّ في العديد من المُناسبات الاجتماعيَّة، كالأعراس، أو خلال مناسبات الأعياد. وأيَّدتها في ذلك "نويِّر الشمري"، إذ ترى أنَّ العصر الحالي يمكن أن يُصطلح على تسميته عصر "الماركات" و"المولات"، مُضيفةً أنَّ العديد من المراكز التجاريَّة ساهمت بشكلٍ كبير في ابتعاد العديد من أبناء وبنات الجيل الحالي عن الالتزام بالموروث الثقافي على صعيد الملابس التي يتم ارتداؤها في الأعياد وغيرها من المُناسبات الاجتماعيَّة الأخرى، مُوضحة أنَّ العديد من المحال المُختصَّة في هذا الجانب تحرص -عادةً- على توفير آخر "الموضات" العالميَّة، مُشيرةً إلى أنَّ ذلك -فيما يبدو- يأتي لتلبية الطلبات التي تنهال عليهم في هذا الجانب من قِبل العديد من الشباب -من كلا الجنسين-، إلى جانب اهتمام العديد من الأمهات بتوفير هذه النوعيَّة من الملابس لأطفالهنَّ، مُشيرةً إلى أنَّ ذلك أدَّى إلى قِلَّة من يهتمون بارتداء الملابس المحليَّة التقليديَّة في مناسبات الأعياد. موديلات حديثة وبيَّن "حمزة العويدي" -بائع في أحد المحلات التجاريَّة بحائل- أنَّ هناك اهتماماً متزايداً وإقبالاً كبيراً من العديد من أفراد المُجتمع على شراء الموديلات الحديثة، التي تتماشى مع متطلَّبات ورغبات الجيل الحالي من الشباب والفتيات، إلى جانب حرص العديد من الأمهات على شراء هذه النوعيَّة من الملابس لأطفالهنَّ، مُضيفاً أنَّه لاحظ انخفاض الطلب على الملابس التقليديَّة والزيّ الشعبي في الآونة الأخيرة، خاصَّة في مُناسبات الأعياد، مُوضحاً أنَّ الطلب أصبح بشكلٍ كبير على شراء البدلات والأطقم الحديثة للصغار، إلى جانب الملابس ذات الموديلات الأمريكيَّة والأوروبيَّة.