تعكس ملابس الطفل كثيراً من شخصيته، وذوق والديه، وربما مستوى أسرته اجتماعياً، كما تعد من الأولويات التي تساعد على نشأته والتعايش مع من حوله، خصوصاً في المراحل العمرية الأولية، حيث يحتاج إلى معرفة ما يتناسب مع عمره، حتى يتمكن من القدرة على شراء ملابس يرتاح فيها ويتكيف معها ولا تعيقه في حركته. ويحتاج الطفل إلى زرع الثقة بنفسه، والاستقلال بشخصيته من خلال اختياره ملابسه، حيث يدخل بعض الأطفال في نزاع شديد بينه وبين والدته على نوع معين من الملابس، وعلى الرغم من أنّه قد يكون مناسباً، إلاّ أنّ الأمهات في كثير من الأحيان يجبرونهم على لباس معين؛ مما قد يؤثر على بناء شخصية هذا الطفل وشعوره باستقلالها، ويزعزع قدرته على اتخاذ قرارات مبنية على قدراته الذاتية. حينما يرفض زياً معيناً لا يكون الحوار على أساس «الأمر والنهي» أو «الصراخ» وإنما ب «إتيكيت القناعة» تنشئة اجتماعية وقالت "د.ألفت شوقي محمد" - أستاذة ملابس ونسيج بجامعة الطائف - إنّ مراحل النمو من العوامل الهامة التي تؤثر فيما يلبسه الطفل، وما يجب توافره في هذا الملبس، فالطفل الصغير لا يهتم بملبسه إلاّ في إطار كون هذا الملبس لا يعوق حركته ونشاطه، ويهمه كذلك أن يكون ملبسه مقبولاً لدى زملائه، مضيفةً أنّ اختيار الملابس له دور هام في التنشئة الاجتماعية للطفل، فهي تساعده على التعاون وعدم الأنانية، وتعطيه الثقة بالنفس، وكذلك تنمي فيه الإحساس والذوق السليم. وأضافت أنّه من الضروري الاهتمام بتصميم ملابس الأطفال باختيار التصميمات البسيطة، التي لا تعوق حركتهم وفي الوقت نفسه تتميز بالمظهر الجمالي، حيث يعني المظهر اللائق أحوال نفسية جيدة، مشددةً على أهمية معرفة الأم خصائص المرحلة العمرية التي يمر بها طفلها، ويكون اختيارها لملابس طفلها في ضوء تلك الخصائص؛ حتى تفي باحتياجاته النفسية والفسيولوجية. خطوط الموضة وأشارت إلى أنّ إشراك الطفل في اختيار ملابسه أمر مهم، خاصةً في مرحلتي الطفولة الوسطى والمتأخرة؛ لأنّ الطفل يهتم فيها بأن تكون ملابسه مسايرة لأصدقائه، وفي مرحلة الطفولة المتأخرة يهتم بخطوط الموضة، ويفضّل أن تكون ملابسه حديثة في تصميماتها وألوانها، كما تقدم له الأم في الوقت نفسه بتقديم النصيحة لطفلها عندما تجده يختار ملابس غير لائقة، بطريقة يتقبلها ويأخذ ما يستطيع التآلف معه بكامل قناعته. الطفل يعتز كثيراً بالزي الوطني تغيرات النمو وأضافت أنّه من المهم أن تناسب ملابس الطفل التغيرات التي تصاحب كل مراحل النمو، حتى تحقق الغرض الأمني، الوظيفي، والجمالي، المتوقع من استخدامها، وتفي باحتياجاته النفسية والعضوية، بدءاً من مرحلة المهد وحتى سن الثانية من العمر، حيث تتميز هذه المرحلة بأنّ أسلوب حياة الإنسان يبدأ في التكوّن خلالها، من خلال النمو الجسمي السريع، والحركات العشوائية التي يحتاجها الطفل لنموه. د.ألفت: اختيار الملابس بحسب المرحلة العمرية و«النمو الاجتماعي» لتلبية احتياجاته النفسية والفسيولوجية وأشارت إلى أنّ سلوك الطفل في هذه المرحلة بالوظائف "الفسيولوجية" كالتغذية، والنوم، والإخراج، وينحصر عالمه في الأشياء التي تؤثر مباشرة على حواسه، والحاجات النفسية، و"الفسيولوجية" كالحاجة إلى حماية كافية من الظروف البيئية المختلفة، وعدم قدرته على التحكم في عمليات الإخراج في بداية حياته، إلى جانب حساسيته الشديدة؛ مما يجعله عرضة للإصابة بالتهابات جلدية بسرعة، واعتماده على غيره في تناول غذائه لفترة من الوقت، وليونة عظامه وعضلاته؛ مما يسهل تأثرها إذا ما تعرضت إلى معاملة خاطئة ضغط مفاجيء أو مستديم. تصميم الملابس وأضافت أنّ هذه المرحلة تحتاج إلى نوعيات خاصة من الملابس، يتوافر فيها عنصر الأمان - كما في الخامات النسيج المتينة -، وخواص النعومة والرقة - كما في الأقمشة القطنية -، إلى جانب كون الأقمشة خفيفة الوزن، وثابتة الألوان؛ حتى لا تحدث أضرار بجلد الطفل، بالإضافة إلى مراعاة البساطة في تصميم ملابس الأطفال في هذه المرحلة العمرية، وأن تكون خالية من التعقيدات التي قد ترهق الطفل أثناء ارتدائه لها، ومراعاة مقاسات ملابس الأطفال لتكون مناسبة، ليست بالضيفة التي تعوق حركتهم، ولا بالواسعة التي تسبب المتاعب والإصابات. فطام نفسي وأشارت إلى أنّ مرحلة الطفولة المبكرة تتميز باستمرار النمو بسرعة، ولكن أقل من سرعته في مرحلة المهد، كما تتميز بزيادة الميل إلى النشاط الحركي والعضلي، والاتزان "الفسيولوجي" والاستقلالية، حيث يتدرج طفل هذه المرحلة في الاستقلال بنفسه نسبياً، وترك الاعتماد على غيره، ولهذا تعتبر مرحلة الفطام النفسي، مبيّنةً أنّه من الضروري وضع هذه الفروق في الاعتبار عند تصميم الملابس لهذه المرحلة العمرية. التصميم البسيط مهم جداً في مراحل الطفولة الأولية حالة مبهجة وقالت إنّ الطفل يصبح قادراً على التحكم في عضلاته، خاصةً عضلات اليد، لذلك نجده يحاول أن يتعلم ارتداء ملابسه بمفرده، ويحصل الطفل على الأمن بارتداء الملابس المألوفة لديه، ويحصل على هذه الألفة من سابق ارتدائه لها أو رؤية أحد يرتديها ممن يحيطون به، ويألف الطفل ملابسه لعوامل أخرى: كاللون، والنسيج، والدفء، والبرودة، وتأثيرها على حركته من ناحية اتساعها أو ضيقها، وأحياناً يميل الطفل إلى ملابس الخروج، فيبتهج ويكون في حالة سارة عندما يراها؛ لأنّها ترتبط بالتنزه بالنسبة له، فهو يشعر بالأمن كلما ارتدى ملابس مألوفة لديه، وترتدي الفتيات في هذه المرحلة العمرية ملابس أكثر زخرفة من الأولاد، حيث يضاف إليها شرائط ملونة، التطريز، وغيرها من المكملات التي تضيف جمالاً للملبس. بداية المراحل وأضافت أن إدراك الأم الكامل لاحتياجات الأطفال في بداية مراحلهم العمرية، مثل وجود الفتحات الأمامية في الملابس التي تسهل على الطفل عملية ارتداء الملبس، وسعة فتحات الرقبة لتسمح للطفل بإدخال رأسه من دون مشقة، وكون المقاس مناسباً بحيث يعطي قدراً كافياً لحرية حركة الطفل، وأن تكون خالية مما يعرض الطفل للأخطار عند اللعب مثل الجيوب الكبيرة والأكمام الواسعة الطويلة، إلى جانب عدم وضع أشرطة عند الرقبة أو أحزمة طويلة؛ حتى لا يسئ الطفل استعمالها فتؤذيه. عملية الارتداء وأشارت إلى أنّ الطفل يتغيّر في مراحله الوسطى، التي تتمثل الثلاث صفوف الأولى من المرحلة الابتدائية، حيث لم يعد ذلك الصغير الذي يلتصق بأمه، بل إنه يحاول أن يُظهر نوعاً من الاستقلال عنها في كثير من الشؤون، ويميل إلى الابتعاد عن المنزل والاشتراك في ألعاب جماعية، ويحتم انضمامه في الأنشطة المختلفة ارتداؤه لملابس رياضية مريحة لا تعوق حركته، وتتميز بالمتانة لتتحمل فترات اللعب الطويلة، مبيّنةً أنّه يفضل استخدام الأقمشة السميكة مثل "الجينز"، موضحةً أنّ عملية ارتداء وخلع الملابس في هذه المرحلة لها صفة الاستقلالية التامة، لذلك يجب أن تكون الملابس سهلة الارتداء ومريحة حتى يستطيع الطفل أن يعتمد على نفسه. محاكاة الأقران وقالت إنّ هناك فروقاً هامة بين الأطفال في المرحلتين، ومن أهم هذه الفروق النمو الاجتماعي للطفل، فالطفل في مرحلة ما قبل المدرسة لا يهتم كثيراً بجماعات الأقران، وتتركز حياته الاجتماعية على أسرته فقط، أما الطفل في المدرسة الابتدائية يبدأ في الاستقلال ويمر في مرحلة تكوين الأصدقاء، ولذلك تتأثر أنواع الملابس في هذه المرحلة بملابس الأقران، عن طريق محاكاة الطفل لزملائه، مبيّنةً أنّه في هذه المرحلة تفضل الملابس متعددة الجيوب؛ لأنّ الطفل يميل إلى جمع الأشياء والاحتفاظ بها، كما أنّ أطفال هذه المرحلة يفضلون الألوان الزاهية، وبتقدم السن يقل الاهتمام بالألوان الزاهية. ثقة بالنفس وأضافت أنّ سرعة النمو تقل في مرحلة الطفولة المتأخرة، والتي وتمثل الثلاث صفوف الأخيرة من المرحلة الابتدائية، بينما يزداد نمو العضلات وقوتها، وتتغير النسب الجسمية قليلاً، حيث تقع قريبة الشبه بها عند الراشد، وتستطيل الأطراف ويتزايد النمو العضلي، وتكون العظام أقوى من ذي قبل، مبيّنة أنّ اهتمام الطفل بملابسه في هذه المرحلة العمرية يزداد بصورة واضحة، فالملابس الجذابة لها تأثير على الأقران تجاه الطفل الذي يرتديها، إلى جانب تأثيرها الكبير على شخصية الأطفال؛ إذ تمدهم بالثقة بالنفس، ويشعرون أنّهم مقبولون عند الآخرين ومتميزون عنهم، موضحةً أنّه في نهاية هذه المرحلة يهتم الأطفال بتصميم ملابسهم، ويتكوّن لهم رأي وشخصية خاصة تجاه الملابس، والفتيات في هذا السن لديهم وعي - غير ناضج - تجاه خطوط الموضة. لباس مريح وأشارت إلى أنّه يجب مراعات أن تكون ملابس هذه المرحلة حديثة في خطوطها، وألوانها، وخاماتها، مع استعمال إكسسوارات ذات ذوق رفيع، وأن تنمي تصميمات الملابس في الطفل إحساسه بالجمال والذوق السليم، وذلك عن طريق استخدام المكملات، إلى جانب ضرورة توافر عنصر الراحة في الملابس، حيث أنّ اللباس المريح يعتبر أحد العناصر التي تساعد في سير عملية النمو بطريقة سوية وسليمة. هبة: بعض الاختيارات تعوّد الابن على عدم الثقة في قدراته الذاتية ذكرت الأستاذة "هبة ناصر أحمد بدوي" - مختصة بالصحة النفسية - أنّ اختيار الطفل لملابسه يعد من الأمور المهمة التي تساعد على تنمية شخصيته، وإذا اختار الطفل قميصاً لا يتوافق مع ألوان ملابسه الأخرى فعلى الأم أن لا تعارضه، وأن تعطي له مساحة لحرية الاختيار، مع شرح أسباب رفضها لشراء هذا القميص، مع تركه يفرح بالملابس التي اختارها بنفسه، من خلال السماح له بارتدائها بعض الوقت عند الرجوع إلى المنزل؛ لأنّ هذه اللحظات يمكن أن تظل باقية في ذاكرته مدى الحياة. وقالت: "هناك أنواع لشخصية الأطفال من ارتدائهم لملابسهم فالطفل القيادي يختار ملابسه بطريقة معينة كل يوم عن الذي يليه، ويستطيع أن ينوع في اختياراته حسب كل مناسبه، من دون تدخل الأم، والطفل العنيد يظهر من خلال تمسكه باختيار الملابس نفسها كل يوم، وله تركيبة خاصة، يثير العديد من المشاكل مع مدرسيه ويكون أصدقائه لهم طبعه، والطفل المسالم أو العادي يقبل أي ملبس دون اعتراض، ويكون هادئاً مطيعاً لنصائح والديه ومعلميه". مساحة الحرية المتاحة للطفل تحدد ذوقه مستقبلاً وأضافت أنّ موضوع زرع الثقة في نفس الطفل أمر في غاية الأهمية، حيث يرى علماء النفس والتربية أنّه مفتاح الشخصية السوية، والطريق الأكيد نحو النجاح في الحياة الأكاديمية والعملية، والطفل منذ صغره يبدي استعداداً للاستقلالية، ولكن - مع الأسف - فإن بعض الآباء يهملونها، حيث تمنعه الأم من أن يأكل بمفرده، خوفاً على ثيابه من الإتساخ، وتلبسه ملابسه حتى لا يلبسها بصورة خاطئة، ويختار له الأبوان الألعاب، والكتب، التي تعجبهم، من دون أن يسألوه عن رأيه. وأشارت إلى أنّ الابن عندما يعاني من مشكلة معينة نرى الأباء يتبعون معهم أسلوب الوعظ، والارشاد، والتأنيب، واللوم، أو يلجأون إلى أن يحلوها بأنفسهم، مبيّنةً أنّ كل هذه الأساليب تشعر الطفل بالعجز، والاتكالية، وعدم الثقة في قدراته الذاتية على حل مشكلاته، وهذه من العيوب التي قد تصيب شخصيته في الصغر، وتستمر معه حتى يكبر وتؤثر سلباً في كثير من أموره الحياتية، وهي نتاج لممارسات تربوية خاطئة من الأبوين قد لا يلتفتون إليها أو تصدر عنهم دون قصد. وقالت أنّه من المهم تنفيذ رغبات الطفل في الملبس، وعدم إجباره على زي معين، وتوفير المظهر اللائق له، مع المدح والثناء، وتعزيز ثقته بالنفس واحترام الآخرين، مع مراعاة عدم إجبار الأم لطفلها على ارتداء ملابس معينة، حيث يواجه ذلك بالعناد، فينعكس ذلك على حالته النفسية، فيصبح طفلاً متمرداً على الدوام؛ مما يوجب تلبية رغبة الطفل، إلاّ إذا رأت الأم أنّ هذا الزي غير ملائم، حيث يجب إقناع الطفل بالجيد والصحيح، وأن تعلمه أنّ ارتداء زي معين في الليل أفضل، وزي آخر في النهار أفضل. وأشارت إلى ضرورة إعطاء الأطفال ثقافة في اللبس منذ الصغر، في المرحلة الابتدائية، حيث يجب أن يتعلم الأطفال ما الملابس الجيدة التي يستفاد منها والملابس غير المناسبة؟، وتوعيتهم بالطرق الآمنة للبس، مع مراعاة الجانب النفسي في أزياء الطفل، إذ تتكون معالم شخصية الطفل في مراحل عمره الأولى. وأضافت أنّه الخطأ أن يعتبر الأهل أنَّ فكرة اختيار ملابس أطفالهم معركة عليهم كسبها، وأنَّ رأيهم هو الذي يجب أن يتمَّ تنفيذه، ويمكن للطفل أن يختار الملابس التي يودُّ ارتداءها، ولكن في حال كانت الملابس التي اختارها غير ملائمة للغاية من حيث الشكل واللون، أو من حيث السعر فيحال كان مرتفعاً نسيباً، فإنَّ الأهل يمكن أن ينصحوا طفلهم باختيار ملابس أخرى. أسماء: المهم «الذوق» وليس نوع «الماركة» ذكرت الأستاذة "أسماء الضبع" -خبيرة في التنمية البشرية- أنّ النساء والأمهات يختلفن في أسلوب اختيار الملابس للأطفال، فمنهن من تفضل أن تشتري لابنتها أو ابنها دائماً الماركات العالمية الشهيرة بأغلى الأسعار، لمجرد أنّها ماركات، بغض النظر عما إذا كانت الملابس مناسبة للطفل؟ وقالت إنّ بعض الأمهات وصلن إلى تفضيل أن يلبس الابن ملابس قديمة من ماركة عالمية، على أن يلبس من ماركات عادية حتى لو كانت جديدة! كما وصلت بعض الأمهات إلى درجة أن تُشبع ابنها بهذا المفهوم، وكأنّها ترسخه في داخله، حتى يكبر ويعتبر أنّ عدم ارتداء الماركات قد يسيء إليه كثيراً وينقص من قدره! وأضافت أنّ من فرط حب الأم حبها لأولادها تود أن تراهم كما كانت تتخيلهم في أحلامها، فدائما تلبس ابنتها أو تضع على رأسها أشياء ثقيلة، وأحيانا خشنة غير مريحة، وتصر على ذلك بكل الطرق؛ لتسعد بمشهد ابنتها الرائع، ولكن من دون أن تتساءل: هل هذا مريح لابنتي ويمكنها من التحرك، واللعب، والقفز؟ وأشارت إلى أنّ بعض الامهات يصل اهتمامها بالأناقة لدرجة أنّها لا بد أن تلبس صغارها ملابس مبالغ فيها، ولو كانت ضيقة على الطفل أو تحد حركته، وكأنهم كبار بالغون، ولا تسمح لأحدهم أن يجرب مرة بنفسه أن يختار لون ملابسه أو ماذا يريد ارتداءه، وقد يصل الافراط لدرجة أن بعضهن تتدين ليس من أجل ضروريات الحياة، ولكن من أجل المباهاة والتفاخر والتسابق مع الأخريات في هذه المجالات. الذوق في الاختيار أهم من نوع الماركة وأضافت أنّ بعض الأمهات قد تفضل توفير النقود والنفقات، ولا تكترث ولا تهتم بما تشتريه لطفلها، فما هي إلاّ ملابس تستره أمام معارفها وعائلتها، مشددةً على أنّ الصواب في الاعتدال، فالأفضل الاهتمام بملابس الأطفال وهيئتهم، ومراعاة ذلك، ولكن في حدود المقدرة المالية. وأشارت إلى ضرورة وضع الأولويات بشكل سليم، فلا يكون غلاء السعر هو معيار اختيار ملابس الأبناء، منوّهةً بأهمية تربية الطفل على أن ما يستهين هو به أو لا يعجبه قد يعجب غيره، وهذا شيء طبيعي وسنة من سنن الكون وجمال الحياة في اختلاف البشر، وأذواقهم، وأولوياتهم، وأن يتدرب الطفل على أنه لو لم يحافظ على ثيابه الجديدة فسيعاقب بعدها لفترة بعدم شراء ما يرغب فيه؛ حتى يتعلم المحافظة على أشيائه ولا يستهين بها. د. سلوى: عناد الطفل لفت انتباه أو تقليد لآخرين بيّنت "د. سلوى المجالي" -مرشدة نفسية وتربوية- أنّ اختيار ملابس الطفل يعكس شخصية والديه أو والدته على اعتبار أنّها من تشتري الملابس للطفل، مؤكّدةً أنّ الطفل في عمر مبكر لا يقرر ماذا يلبس حيث تقرر الأم نيابة عنه، وقد يرفض ملابس معينة أو قد يختار ملابس بعينها، ليس لأنّه يفهم أنّ هذا انعكاس لقراراته أو انعكاس لمبادئه الخاصة، بل هي على الأغلب مجرد محاولة لفت انتباه أو تقليد لاخرين في محيطه. وقالت: "في حال اختيار الطفل شيئا يناسبه على الأم أن تشجعه على اختياراته؛ لزيادة ثقته في نفسه، وأنّه قادر على تحمل مسؤولية قراراته حتى لو كانت بسيطة، فتلك المهارة الحياتية التي يتعلمها هنا قد تكون مفاتيح لقرارات مستقبلية، فإذا اختار الطفل وقرر أن يلبس لوحده على الأم أن تتدخل بطريقة غير مباشرة، بأن تقول له دعنا نجرب هذه، أو هذه جميلة عليك أو أحب هذا اللون عليك، لكن إذا أصرت الأم على ملابس محددة قد تدخل في صراع مع الطفل، وتبدأ دائرة العناد والصراخ والبكاء". بعض الأطفال لا يرضى بذوق الأم ويحاول شراء ملابسه مع والده أو أحد أقاربه وأضافت: "بعض الأطفال يحب الألوان أو الموديلات التي لا ترضي ذوق الأم ويحاول شراءها مع والده أو أحد أقاربه بعيداً عن أمه، حيث أنّ محاولة الطفل فرض رأيه تعد نوعاً من البحث عن هويته الشخصية، خصوصاً حين يكون ذلك بعد عمر سبع سنوات، إذ يقلد ما يرى في بيئته من نماذج، سواءً نماذج حية أو نماذج من خلال الإعلام، وقد لا يرضي هذا الأم في معظم الأحيان؛ لأنّه في الاصل لا يناسب شخصيتها، وفرضها رأيها هنا ليس تسلطا بقدر ما هو محبة واهتمام، وهو في مصلحة الطفل، وعليها أن تحاول اصطحابه معها إلى السوق وتأخذ رأيه، وتسعى لأن تعرض عليه أكثر من فكرة حتى تجعله يفكر، وفي بعض المرات عليها أن تتقبل هذا التصرف، خاصةً إذا كان اختياره مناسب". وأشارت إلى أنّ علماء النفس يعتبرون أن فرض رأي الأهل في اختيار ملابس الطفل من الأساليب غير السوية والخاطئة في التربية، وهو يندرج تحت بند التسلط، الذي يجب على الأهل أن ينتبهوا له، حيث يجب أن يتمرن الأطفال على تحمل المسؤولية واتخاذ قرارات بسيطة، إلى جانب منح الطفل مساحة من الحرية بشكل لا يؤذيه؛ مما يساهم في زيادة ثقته في نفسه، وينمي التفكير الإبداعي لديه.