ثمة صورة من الماضي.. أبدأ بها سوانح اليوم.. صورة لنساء كُنَ يتجمعن عند مدخل مستشفى الشميسي.. ومدخل مستوصف الفوطة.. وهن يبعن.. قوارير صغيرة.. لزوم التحاليل.. ومن المؤكد أنهن لم يسمعن عن وجود وزارة للعمل تمنع أو تسمح لهن بممارسة ذلك النشاط.. فعصرهن تزامن مع ازدهار عصر وتجارة بائعات (البيزه) والطواقي.. في أُشيقر وسوق السدرة.. وبعدهما سوق الكباري.. فتأملوا تلك الأسامي لأسواقٍ سادت ثم بادت.. ماعلينا.. وسأختم سوانح اليوم بقصة طريفة حدثت لأحدهم عندما اشترى قارورة صغيرة.. من إحداهن.. وثمة حقيقة فيما يخص الخدمات الصحية لسكان وأهل الرياض فيما مضى.. وهي ان التطبب والعلاج يكاد ينحصر في صرحين طبيين عملاقين آنذاك.. وهما المستشفى الشميسي ومستوصف الفوطة.. أما العلاج بمقابل مادي (برايفت سكتر) ففي عيادات في عمارة الباخرة وشارع الوزير.. ولا يهون الدختور الرخاوي.. الذي قال فيه أحد العشاق المتيمين بعد أن هجرته حبيبته: علتي حار فيها الدختور الرخاوي.. وفي عمارة الباخرة وشارع الوزير.. كنا عندما نقرأ تحت اسم الطبيب كلمة بكالوريس طب وجراحة.. نظن أن هذا الطبيب قد حاز من العلم أعلى الشهادات.. ولم يخطر لنا في بال أنه سيأتي حين من الدهر تكون فيه البكالوريس لا تسمن ولا تُغني من جوع.. خاصة في الطب.. وأنتقل لأصف ماهو مرتبط بذاكرتنا نحن الكهول وكبار السن.. فالمستشفى الشميسي يتم تطويره وإضافة توسعات وأبراج إليه.. من آن لآخر.. فهو بحق يعتبر مرجعا علاجياً وتعليمياً.. أما مستوصف الفوطة.. فهو واقف يُصارع الزمن.. ولسان حاله وحالنا عندما نراه.. يردد: أبكي على ما جرى لي ياهلي.. فمن يُريد جُرعة من الشجن وتذكر صدى السنين الحاكي.. فليمر به ولينظر إليه وإلى (بخشة) الفوطة أمامه.. ماعلينا.. فأعود كما وعدتكم.. لأختم سوانح بقصة تُروى عن رجل متين وذي كرش شبيهة بامرأة حامل في شهرها الأخير.. قام بمراجعة الطبيب.. فطلب منه الطبيب عينة للبول لتحليلها.. وعند خروجه من عيادة الطبيب والمستشفى.. اشترى قارورة صغيرة من إحدى البائعات السالف ذكرهن وقام بتعبئتها بالعينة المطلوبة.. إلا انه نسي القارورة في الحمام.. وتصادف دخول زوجته بعده.. فأسقطت القارورة على الأرض من غير أن تشعر.. فخافت من زوجها إن هي أخبرته.. فقامت بتعبئة القارورة بمعرفتها وأرجعتها في نفس المكان.. ليأتي الزوج ويأخذ القارورة لمختبر المستشفى كما طلب منه الطبيب المعالج.. وبعد يومين أو ثلاثة عاد لأخذ النتيجة من المختبر.. فإذا نتيجة الفحص تُشير إلى انه حامل.. فاستغرب وأُصقط في يده.. وعاد لمنزله مهموماً لا ينام الليل.. وربط بين نتيجة الفحص وكرشه الكبيرة (كاد المُريبُ يقولُ خذوني) وإلى سوانح قادمة بإذن الله. *مستشار سابق للطب الوقائي في الخدمات الطبية.. وزارة الداخلية