ثمة مقولتان أو حكمتان قديمتان يرددها ويطبقها (الأولون) فيما يتعلق بالأسنان وشؤونها وشجونها.. الأولى (لا وجع إلا وجع الضرس) والكل يعرف تكملتها والرد عليها.. من عرس (زواج) وهم دين ووجع عين.. ماعلينا.. والحكمة أو المقولة الآخرى (دوا الضرس خلعه) أي عندما يؤلمك سن من أسنانك فاخلعه لتستريح.. فلديك ثمان وعشرون سنا وضرسا يمكنك الاستغناء عن بعضها.. ولا داعي لمعالجة من تسوس بحشو أو سحب عصب (ووجع راس) هكذا كان مفهوم (الاولين) عن آلام الأسنان وأوجاع الضروس.. أين نحن الآن من زيادة الوعي (النسبي) فيما يخص المحافظة على السن.. أو كما قال لي أحد أطباء الأسنان.. بأن طبيب الأسنان ينظر إلى سن المريض كنظرتنا نحن الأطباء البشريين إلى أي عضو في جسم الإنسان.. لا يُبتر إلا إذا اُستُنفدت جميع الوسائل في إنقاذه.. وعن نفسي أقول ان لي تجربة طفولية مع آلام الأسنان كان علاجها الخلع والخلع فقط وبدون أي إجراء آخر لسني من طبيب الأسنان المعالج آنذاك (في المستشفى الشميسي) وقبل أربعين سنة أو تزيد.. ويُروى عن أحد (الاولين) انه اشتكى ألماً في أحد أضراسه فأخذه صديق له لأقرب معالج للضروس ممن يطبق (دوا الضرس خلعه) في الديرة.. وكان هذا (الدنتست) يقوم بحجامة وحلق رؤوس الكبار وتطهير (تختين الصغار) ويقع دكانه في الديرة وتحديدا في نهاية شارع الشميسي القديم.. ولا تزال تلك الدكاكين قائمة إلى الآن وفي نفس الموقع هناك عمارة قديمة فيها عيادة الدكتور الرخاوي الذي خلدت ذكراه أغنية قديمة أذكر منها شطراً يقول علة باطنية حار فيها الدكتور الرخاوي.. ولا تزال عيادة الرخاوي قائمة إلى الآن أثراً بعد عين.. وأعود إلى الشاكي من آلام ضرسه وصاحبه والمعالج الشعبي.. حيث قام الاثنان بمسك المريض جيداً (تتييته) والصاحب يقول للمعالج شف شغلك ولا يهمك صراخه (تراه هوال) فأدخل (خلاع الضروس) آلة الخلع في فم المريض باتجاه مصدر الألم مطبقا عليه فأخذ يجره لخلعه والمريض يصرخ من الألم والصاحب يردد (تراه هوال) وعندما تأخر خروج الضرس أوقف المعالج السحب مستغرباً قوة ذلك الضرس.. لينظر داخل فمه لماذا لم يستجب الضرس المعطوب لآلة الخلع.. فإذا به يُطبق بآلة الخلع على لسان المريض (الهوال) الذي تحول لونه إلى اللون الأزرق وقد أوشك أن تقطعه (آلة خلع الضروس من لغاليغه) والدكتور المعالج وصاحبه يعتقدان أن المريض كان يصرخ لأنه (هوال).. وإلى سوانح قادمة بإذن الله.