أصدر الباحث الكويتي والمحقق طلال بن سعد الرميضي كتاباً بعنوان شخصيات من تاريخ الكويت لعام 1432ه والناشر مكتبة ومركز فهد بن محمد الدبوس يقع الكتاب في 272 صفحة من القطع الصغيرة وكان من هدف المؤلف في تأليف كتابه هو إبراز شخصيات نسيت على مر الزمن وتوالي السنوات ودور هذه الشخصيات الاجتماعي والثقافي والأدبي والفكري يقول المؤلف في مقدمة لكتابه إن عملية توثيق السيرة الذاتية لرجالات خدموا هذه الأرض الطيبة يعطي القارئ أبعاداً مختلفة حول طبيعة الحياة القديمة ما قبل النفط ويكشف لنا العادات الموروثة والتقاليد السائبة والتي أصبحت جزءاً من التراث الشعبي..انتهى كلام المؤلف.. وقد ضم الكتاب احدى عشرة شخصية بذل المؤلف جهده وطاقته في رسم كل شخصية على حقيقتها بما توفر لديه من المصادر المطبوعة وهي قليلة والشفاهية والروائية والتي قام عليها أكثر مادة الكتاب وقد تطرق المؤلف إلى عشرات الشخصيات الكويتية الشعبية وغير الشعبية منها الأستاذ عبدالمنعم السالم وحمود الغربة وخليفة الرشيد وهاشم الرفاعي وعبدالله الصانع وزويد بن سمران ويهمنا في هذا الكتاب الجميل والطريف شخصية الحميدي بن منصور التي نسبت حولها الأساطير والقصص والحكايات الشعبية والقصائد الصارخة فقد كشف الأستاذ طلال عن بعض جوانب هذه الشخصية التي اختلف الناس حولها وما هي جنسيتها وأين عاشت طوال حياتها وهي شخصية مثيرة للجدل والنقاش والتوقف كثيراً ولما كانت الكويت إحدى المناطق التي قيل انها مسكن للحميدي بن منصور جعلها المؤلف من هؤلاء الشخصيات الكويتية في كتابه مع أن الأقوال كما يذكر المؤلف متضاربة في مسقط رأسه فمنهم من قال إنه من البحرين وقيل إنه من عمان وقيل إنه من السودان ولكن من خلال أشعاره اتضح أنه عاش في الخليج العربي أو على الأقل عاشر الكثير من أهالي الخليج العربي وتأثر بهم ويورد الأستاذ طلال في كتابه قائلاً إن بعض الروايات تقول إن هذا الرجل عاش على ظهر سفينة خليجية طوال حياته متنقلاً بين السواحل ونظم القصائد والأشعار الخليجية ودليل هذا الكلام انتشار قصصه وقصائده بين بحارة الخليج العربي أما عصره الذي عاش فيه فهو في القرن التاسع عشر الميلادي القرن الثالث عشر الهجري ويرجح الأستاذ طلال أنه من مدينة ينبع البحر وهذه الشخصية مشهورة بين الناس وقد سرد الباحث طلال في مؤلفه جملة من أبياته ومنها هذان البيتان: أنا الحميدي المغني ربابتي فوق فني ايش علي من الناس وايش على الناس مني وله كذلك أبيات فيها نوع من الحكمة والموعظة: بالهون ياراقد الليل بسك من النوم خله باكر تزور المقابر وتنام الليل كله ويشير الحميدي بن منصور لمن يسعى في عمل ويكون سعيه من غير نتيجة مثمرة في هذين البيتين: مسكين ياطابخ الفاس تبقى مرق من حديده اليا عورك ضرس الأضراس ادوه شلع الحديده الرميضي وتختلف القصص حوله فمر يرى الحميدي بن منصور اماماً حكيماً يستشيره أهل قريته إذ ادلهمت عليهم مشكلة وأخرى وشخصية أخرى مستهترة بالقيم والأخلاق والمبادئ كما هو الظاهر من بعض القصص والقصائد التي رواها الباحث طلال ويروي أيضاً قصة في ختام حياة هذا الرجل الأسطورة وهي أن الحميدي بن منصور أحس بنهاية حياته ورحيله إلى عالم البرزخ وأراد أن يختبر أولاده الثلاثة ماذا هم فاعلون بعده ؟ وطلب الابن الأكبر وانشده بيتاً: الموت في الحنجرة زار وأيه بتلقون بعدي في الضيف والصهر مرشد البذال يقصد الحميدي يا أولادي كيف تعاملون الأصهار والضيوف فأجابه الولد الكبير بعد عمر طويل إن شاء الله فقال الحميدي ناد أخوك الأوسط، فقال الحميدي لابنه الأوسط فلم يزد مثلما قال أخوه الأكبر ثم أتى الأصغر وأسمعه الحميدي البيت فأجابه الابن الأصغر على شكل موال شطر واحد: للضيف نذبح ونقدح ونحطه حيث يختار والصهر منا وفينا قسيم في المال والدار والجار يخطي علينا ولا نخطي على الجار ففرح الحميدي وقال لولده الصغير أنت خليفتي بعد موتي ومن الشخصيات الكويتية التي تطرق إليها المؤلف شخصية الشاعر الفنان عبدالله الفرج رحمه الله وقد نبه المؤلف إلى أن الصورة المتداولة بين الناس وفي الصحف ومواقع النت ليست صورته الحقيقية ولعل الصورة الحقيقية لعبدالله الفرج هي ما نشرتها مجلة العربي منذ سنوات واستعرض المؤلف الرميضي حياة وقصائد الشاعر خليفة الرشيد وكذلك أزال الضبابية حول شخصية الأديب عبدالله الصانع الذي كانت له جهود ونشر وتصحيح الكثير من الكتب الأدبية والتاريخية وخاصة الدواوين الشعرية الشعبية فقد قدم وراجع ديوان مرشد البذال ومنصور الخرقاوي وعبدالله الحبيتر وسالم بن تويم وهذه الترجمة من الباحث الرميضي من أوائل الترجمات لشخصية الصانع ولم ينس المؤلف الجامع الأشعار الشعبية الراوية محمد بودي رحمه الله وهي كذلك ترجمة رائدة تحسب للمؤلف وفقه الله في إبراز هذه الشخصية التي دونت ووثقت الكثير من الأشعار الشعبية سواء من شعراء الكويت وشعراء نجد والخليج العربي وأن مخطوطته الشعرية الأصل فقدت عندما كان ينتقل من منزله القديم إلى منزل آخر جديد وتوفي رحمه الله عام 1383ه. منصور الخرقاوي غلاف الكتاب