شاعر الكويت الكبير منصور الخرقاوي ، الذي نحن بصدد الحديث عنه، كان والد منصور الخرقاوي شاعراً اشتهر في عزف الربابة، وكانت لخاله اهتمامات بالشعر العربي فأصبح الطفل منصور بوتقة زاخرة بأنواع الأحداث الأدبية وعلى دراية بها في سن مبكرة بحكم البيئة التي كان يعيش بها، وهذا ماكان له الأثر الكبير في حياته. أدخلته والدته المدرسة في سن مبكرة، فدرس في المدرسة المباركية ومن ثم مدرسة الملا مرشد والمدرسة الأحمدية، وفي تلك المرحلة كان خاله أحمد عبدالرحمن الرباح يدربه على العمل في دكانه، وقد عرف عنه إجادته طب البادية وأدويتها لاطلاعه على الطب العربي آنذاك. وفي السادسة عشرة من عمره بدأ منصور الخرقاوي يتعلم الشعر وترك المدرسة، فعلمته والدته الكفاح في الحياة، واتجه إلى العمل في البناء مع ابن عمه الفنان القدير سعود الراشد وابن عمته خلف، ومرت عليه سنوات قاسية. تعود أصول عائلة منصور منصور يوسف الخرقاوي إلى قبيلة طي- شمر التي قدمت من منطقة الخرقاء فانتسب إليها «خرقاوي»، وهي مساكن طي- شمر... ومسقط رأس شاعرنا منصور الخرقاوي «سكة عنزة» حيث كان منزل عائلته حول سوق المناخ حالياً، وكانت سكة عنزه تقع في شرق المباركية شمالاً وجنوباً في السوق في مدينة الكويت. ولد منصور الخرقاوي في عام 1925، توفي والده وهو جنين في بطن أمه، لذلك سمي منصور على اسم والده، فتعهده جده لأمه عبد الرحمن سليمان الرباح وأصبح له والداً، وبعد وفاته كفله خاله أحمد عبدالرحمن الرباح. وفي عام 1958 عمل في دائرة الشؤون الاجتماعية ومركز الفنون الشعبية تحديداً في لجنة جمع التراث، ثم في بيت البدر الذي تحول إلى دائرة الإرشاد والأنباء، وزارة الإعلام حالياً، وبقي إلى العام 1980 عندما أحيل إلى التقاعد. كان يقرأ كتب التراث وغيرها وبعد اجادته القراءة، أحبها وأصبح يتردد على المكتبة العامة وفيها كان يلتقي بالادباء والقراء والاساتذة الكويتيون وغيرهم وكان يستمع ويستمتع بالاحاديث وما تدور من المناقشات الادبية التي تطرح في المنتديات الثقافية وقد قرأ الكثير من كتب الشعر والادب وكان من عادته ان يسجل ملاحظات حول ما يقرأ، وكان له قراءات ومساجلات كثيرة مع العديد من شعراء الكويت القدامى، سواء شعراء الفصحى أو العامية، ومن أهم تلك المطارحات والردود ما دار بينه وبين الشاعر المبدع الدكتور خليفة الوقيان، ورد عليه بقصائد بليغة باللهجة العامية، وما دار بينه وبين الشاعر عبدالله الدويش وغيره من زملائه الشعراء الشعبيين. ويعد الشاعر منصور الخرقاوي من أكثر الشعراء الشعبيين جرأة في طرح افكاره ونقده للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية. يقول عنه خالد سالم الباحث في التراث انه شاعر شعبي مخضرم وأحد أكبر شعراء العامية المتميزين في الكويت ومن أوائل الشعراء الذين كتبوا الأغنية الكويتية الحديثة وله الكثير من الأغاني والسامريات. فاستأذن منه بعض الملحنين أن يقوموا بتلحين قصائده ولعل أشهر الأغاني الخالدة التي كتبها هي أغنية(جودي) التي قام بتلحينها حمد الرجيب وغناها الفنان الراحل غريد الشاطيء وقبل ذلك كتب أغنية (حمام يا اللي على روس المباني) التي غناها أكثر من فنان أولهم الفنان الكويتي عبد الله بن حميد الذي توفي في منتصف الخمسينات وقد سجلها على اسطوانة كماغناها الفنان محمود الكويتي والفنان العراقي الشعبي حظيري أبو عزيز بعد أن قام بتغيير بعض كلماتها. حمام يا اللي على روس المباني ذكرتني مغرم روحه شجية ذكرتني جادل حبه سباني مدعوج الاعيان مردوع الشفية لا نبة منه ولا خط فاني وين اتصبر وهو يطري عليه زول المها صد عني من زمان وش في يديني على جالي الثنية يا ناس راعي المودة مايداني مايبكي الا من جروح خفية بس من اللوم جاني ماكفاني معذور يا راعي النفس الخلية (هب ريح الصبا)، غناها الفنان سعود الراشد في الإذاعة الكويتية (1967)، وقدمها في الحفلات العامة التي شارك فيها، كانت من أبرز الأغاني التي كانت سبب في شهرته وانتشاره آنذاك: هب ريح الصبا والطير غنى ذكر القلب أيام قديمة يا خليل على خله تجنى المولع ترى عينه رحيمة وقد قال الشاعر منصور الخرقاوي هذه القصيدة بعد ما رأى الاحياء القديمة وهي تهدم متحسرا على جيرانه. يادار وين الي على الحي باقين قصف الشوارع كالمنايا للأعمار وين الرزاقه و العوازم مقيمين لا فرق الله شمل الأجواد يادار أمشي وأهوجس وأقصر خطاي والين لولا المنارة تهت من هول ما صار في مفرق الشارع و بين الفريجين وقفت مبهوتن و قفيت محتار ياعونة الله وين ذيك الدواوين وين النشاما معدن الجود و الكار أحد تكايف و أحدن خاطره شين الأمر فوق الكل و الناس الأسرار اللي بقا لازم تجيه النياشين ماله مفر من الكلكتر و الأغبار عندي خبر محنا من الناس مسوين لو شتتونا يوصل الجار للجار الخرقاوي محمود الكويتي خليفة الوقيان سعود الراشد