قرأت كتاب A stolen life "حياة مسروقة" للشابة جيسي دوجارد .Jaycee Dugard ولجيسي قصة مؤلمة وغريبة فلقد تم اختطافها وهي طفلة عمرها أحد عشر عاماً من قبل المجرم Phillip Garrido فيليب جارايدو، ولم يكتشف أمرها الا حين بلغت من العمر 29 عاماً أي بعد ثمانية عشر عاماً من الرضوخ لهذا المجرم وزوجته نانسي التي ساهمت في اختطاف جيسي وإبقائها في خيمة في الفناء الخلفي من بيتهما!! وخلال هذه السنوات تعرضت الفتاة للعنف الجنسي. ولعل الزوجة هنا ساهمت في الجريمة لتحمي نفسها من عنف زوجها ومرضه!! وبالتالي أحلت محلها هذه الفتاة التي كما تروي في كتابها عانت مرارة لا توصف!!فقد قام هذا المجرم باغتصابها مراراً.. فأنجبت وهي في الرابعة عشرة من عمرها ثم مرة أخرى وهي في السادسة عشرة من عمرها وتمت ولادتها في الحالتين في البيت!! فلقد فُرض عليها حبس إجباري مع تكبيل يديها في كثير من الأوقات!! الغريب في قصة جيسي أنها تعرضت لعملية غسل دماغ وسيطرة غريبة لدرجة أنه لم يسمح لها بذكر اسمها الحقيقي!! ولم تحاول الهروب، رغم أنها في مرحلة متقدمة من مرحلة اختطافها كانت تذهب للتسوق معه ومع وزوجته ورغم ذلك لم تحاول الهرب!! تحكي جيسي عن مدى سيطرة خاطفها فيليب على حياتها وإشعارها بأنه الشخص الوحيد في حياتها وأن كل ما يقوله هو الصحيح وفي مصلحتها!! ولعل الأمر يثير الاستغراب من عدم هروبها!! وهي حتى تم كشف أمرها عن طريق شرطية ذكية لاحظت الخاطف وتحركاته! وإلا ربما ظلت جيسي ملازمة لخاطفها طول العمر!! ربما علم النفس يجيبنا عن حيرتنا كيف بقيت جيسي ولم تهرب؟! هذا ما يعرف باسم"متلازمة ستوكهولم" وقد اشتق الاسم من حادثة وقعت في ستوكهولم في السويد في عام 1973 حين سطا مجموعة من اللصوص على بنك هناك واتخذوا بعض موظفي البنك رهائن.. وخلال تلك الفترة بدأ الرهائن يتعلقون بالجناة بل وقاموا بالدفاع عنهم بعد إطلاق سراحهم!! وعندما انتشر خبر تصرفهم الغريب واحتاج الناس الى تفسيره! قام Nils Bejerot نيلز بيجيروت وهو الطبيب النفسي والخبير الجنائي وأثناء مقابلة تلفزيونية باطلاق هذا المصطلح على هذه الحالة وهو الذي تابعها إذ استعانت به الشرطة لكي يتعامل مع الرهائن ومن يومها راج المصطلح لوصف هذه الحالة. وفسر ذلك بأن الضحية تشعر بالاكتئاب وبالخوف بعد عزلها عن محيطها! وتحت الضغط النفسي الكبير جدا وفي ظل صعوبة إنقاذها، لا تجد أمامها الا الخاطف أو المعتدي فتحاول أن تتخلص من قلقها ويأسها من خلال محاولة التقرب من المعتدي وتفسير أبسط حركة تبدر منه حتى لو أساء لها بأنها تعبير عن المحبة والاهتمام!!. وهذا ينطبق على حالات كثيرة منها العنف والاستغلال الجنسي والعاطفي لاسيما لدى الأطفال الذين يشير علماء النفس الى تعلقهم بالمعتدين أكثر من الراشدين!. وهذا الذي حصل مع جيسي.. والتي تلقت تأهيلا نفسيا غير قصير بعد اكتشاف خطفها، وخرجت في مقابلات تلفزيونية وألّفت هذا الكتاب"حياة مسروقة".. لتشاركنا تجربتها المريرة والتي ربما لا تتكرر!! وهل يوجد ما هو أكثر مرارة من أن يسرق الانسان حياة إنسان آخر؟!