الشباب.. مرحلة من أهم مراحل العمر، وهي مرحلة تتميز بالحيوية في الجسد والنفس، والقدرة على الانغماس في الحياة. لكنها أيضاً مرحلة حرجة في حياة الإنسان!!. ففي مقتبل العمر لا يأبه الشاب كثيراً بقسوة الواقع ومرارته، فلديه من الثقة التي تملأ جوانحه، ومن الأمل الذي يملأ مشاعره، ومن الحيوية التي تفيض بها نفسه ما يجعله فريسة سهلة لكثير من الانفعالات السطحية التي تكون ردود فعل مباشرة لأحداث الحياة اليومية. والشباب مرحلة من مراحل الاكتشاف، ولكنه اكتشاف مبدئي يحتاج إلى التوجيه المستمر، فليس من الغريب أن نجد الشاب وهو يرتاد أبواب الحياة فيجد أنها تحتاج إلى جهد وإلى عمق وإلى صبر فيؤثر الراحة ويدعها ليهرب إلى سطح الأحداث يحياها كيفما اتفق. وقد يرتاد أبواب الخدمة الاجتماعية فيجد أنها تحتاج إلى تضحية وإلى بذل وإلى جهد فيتركها ليعيش الحياة بدون هدف، وربما يدفعه تيار الحياة إلى الشرك المنصوب للضعفاء فيسقط في المجرى الموحل للحياة اليومية، ليجد نفسه بدون ضابط أخلاقي، وفكره بلا محتوى، وحياته بلا هدف ولا معنى. وعند هذا المنعطف الحاد من منعطفات الحياة عندما يكون الشاب غير مزود بسلاح الإرادة وبدون سلاح المعرفة يجد نفسه وجهاً لوجه أمام الزمن. والزمن واسع الآفاق يغوص فيه الإنسان الأعزل من الهدف والإرادة، كما يغوص السمك الصغير في المحيط الكبير فلا يظهر له أثر. وللزمن سلاح فتاك هو الفراغ، فإذا أحاط الفراغ بالشاب الذي يمتلئ حيوية وقوة لجأ إلى مغريات الحياة الصغيرة وربما إلى تعاطي المخدرات وغيرها من العادات السيئة التي تختلس من وجوده الفترة الذهبية لتأسيس القواعد الأولى لحياة هادفة، يمكن أن تكون منطلقاً له إلى آفاق واسعة يحقق فيها طموحاته وآماله، ويكون هدفاً بعد ذلك للسهام المسمومة من كل مكان. ان بعض الشباب وخاصة ممن تنقصهم التربية الجيدة والأهداف الواضحة يقعون فريسة سهلة للفراغ والغموض. وهما رأسان لأفعى واحدة. أفعى تلتف حول جسد الشاب فيقع فريسة سهلة لها. لكن النصر يكون دائماً لمن كسب الوضوح، وضوح نفسه وهدفه وعرف مبادىء الحياة الصحيحة فعاش في الدنيا كأنه سيعيش أبداً، وأدرك قيمة العمل الصالح كأنه سيموت غداً. والنصر لمن انتصر على نفسه وعرف قيمة الزمن فقتل أفعى الغموض والفراغ بالعمل الواسع العميق الذي يرفعه في نظر نفسه ويفيد مجتمعه وأمته. إن الشباب هم الثروة الاقتصادية الأساسية لأي مجتمع من المجتمعات. وفي كلمته الضافية لحفل تدشين فعاليات الدورة الثالثة لمنتدى الغد (مساء السبت 24 جمادى الآخرة 1434ه) يقول الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض: "الشباب هم عماد المستقبل بسواعدهم تبنى الأوطان في زمن المعرفة والإبداع والإتقان. وهم يمثلون قرابة 70 في المائة من عدد سكان المملكة". ان الشباب في المملكة العربية السعودية وهم يمثلون هذا الثقل السكاني المادي والمعنوي يستحقون منا مزيداً من الرعاية والاهتمام وفتح مجالات العمل على مصراعيها. ولعلني أدعو هنا إلى مزيد من الحوار حول القضايا التي يعاني منها الشباب وهي قضايا متعددة. ويمكن لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني أن يتبنى هذه القضايا، وخاصة القضايا التي تخص الفراغ عند الشباب، والمشكلات التي يعانيها الشباب في المراحل المختلفة من حياتهم...