يتساءل الكثير من الناس عن أمراض الأعصاب لما غلفت به من غموض وترسبات ثقافية، رغم تعددها والتي يعتبر الصرع من أكثرها شيوعاً، سواءً لدى الأطفال أو الكبار بما يقارب ست إلى ثماني حالات لكل 1000 شخص. بينما تكون هذه النسبة أعلى إذا ما اعتبرنا النوبات التشنجية غير الصرعية المستثارة نتيجة حالة مرضية كانخفاض سكر الدم أو الكالسيوم أو الصوديوم أو التهابات سحايا الدماغ أو السكتات الدماغية أو إصابات الرأس المباشرة أو بعض الأدوية. في حالة عدم وجود مسبب مثير لنوبة التشنج وفقدان الوعي مباشرة تعتبر النوبة صرعية، لذلك يستلزم تشخيص الصرع إجراءات تشخيصية دقيقة، وتختلف مسببات الصرع عند الكبار عن بعضها عند الأطفال كمثل بعض المتلازمات الوراثية التي تظهر عند الكبار فمنها الصرع العام وهو : 1- الصرع اليفعي (محددة بسن يافع للمريض) الرمعي (والمقصود بها هي حركة لا إرادية تستفز العضلات) : ويمتاز بوجود نوبات رمعية عضلية قوية عند الصباح الباكر. 2- الصرع الغيابي اليفعي: وهو يشابه نظيره في الأطفال لكن يتميز بوجود نوبات غيبية صرعية أقل ونوبات تشنجية توترية رمعية عامة أكثر. 3- الصرع التوتري (حركة لا إرادية متكررة للعضلات) الرمعي العام: ويتميز بوجود نوبات صرعية توترية رمعية عامة فقط تحصل عادة عند الصباح الباكر. ويميز أغلب انواع الصرع العام أنها تستجيب للعلاجات الدوائية أكثر من النوبات الصرعية الجزئية. كما يتشابه الصرع عند الكبار مع الأطفال في الكثير من أنواع النوبات الصرعية الجزئية، ويحدد مكان البؤرة الصرعية في الدماغ (وهي مصدر نوبة الصرع) نوع وأعراض النوبة الصرعية في هذة الحالات الجزئية ويتم تسمية الصرع حسب موقع هذه البؤرة، وحيث أن الكبار قادرين على التعبير عما يصاحب هذه النوبات، يكون وصفها أدق عن نظيره في الأطفال. وتختلف مسميات الصرع ولكن يشكل صرع الفص الصدغي ما يقارب 60% من الصرع الجزئي، ويختلف هذا النوع من الصرع عن غيره بأعراض خاصة، حيث يؤثر على الجهاز المسؤول عن الذاكرة والعاطفة مما يؤدي إلى شعور المريض بحالات نفسية خاصة كأن يشعر المريض أنه في مكان غيرمألوف أو العكس، أو إحساس غريب بشيء يخرج من أسفل البطن إلى الحنجرة أو رائحة غريبة عادة ما تكون كريهة أو طعم غريب في الفم، وفي كثير من الأحيان إحساس بخوف شديد غير مبرر. تستمر هذه الأعراض عادة لفترة بسيطة لا تتجاوز الثواني المعدودة ثم يفقد المريض وعيه واتصاله بمن حوله ويبدأ بحركات لا إرادية متكررة ومتناسقة مثل التحديق في شيء معين والمضغ والبلع بصفة متكررة أو تحريك ملابسه أو فتح وإغلاق أزاريره، وربما انتهت النوبة الصرعية على هذا لتصحبها حالة من الإرهاق والنوم أو قد تتطور إلى تشنجات توترية رمعية عامة. في الغالب يكون هذا النوع من الصرع لايستجيب بشكل جيد للعلاجات الدوائية. وتشكل مقدمات النوبة الصرعية (أو مايسمى النسمة) في حال وجودها جزء مهم في التشخيص والعلاج. يعتبر العلاج الدوائي هو العلاج الرئيسي لكثير من حالات الصرع حيث أن 47% من المرضى لا تعاودهم النوبات الصرعية بعد الإستخدام الصحيح والمستمر لأول علاج يوصف بالطريقة الصحيحة، وترتفع هذه النسبة إلى 60-70% بعد استخدام علاج ثاني. أما في حال فشل علاجين دوائيين استخدما بالشكل الصحيح في السيطرة على النوبات الصرعية فإن نسبة نجاح العلاجات الأخرى تكون ضئيلة قد تصل الى 3-5% فقط. وفي هذه الحالة يجب على الطبيب المعالج والمريض التفكير جدياً بإحالة هذه الحالات الى مراكز الصرع المتخصصة للتقييم الجراحي لوقف معاناة المريض والأهل والمجتمع. * قسم العلوم العصبية