مرض اضطراب نشاط الدماغ الاشتدادي (المعروف بالصرع) من الأمراض القديمة والمعروفة تاريخيا. وكما نعلم قصة المرأة التي جاءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم تشتكي له بأنها تصرع. مما يدل أنه من الأمراض التي اهتم بها البشر قديما. وهناك فرق بين الصرع والتشنج، فالصرع هو مرض مزمن تحدث فيه التشنجات بشكل مستمر. والصرع أقسام وأنواع. كلها تشترك بازدياد النشاط الكهربائي في خلايا الدماغ. وتختلف أنواعه بحسب مكان هذا الخلل وانتشاره. والصرع في كثير من الأحيان ليس له سبب واضح وفي بعض الأحيان يكون بسبب مرض عضوي. إن الأدوية التي يتناولها مرضى الصرع تتحكم بالمرض بتثبيط النشاط الكهربائي الزائد في الدماغ. وقد تطورت العديد من التقنيات الجراحية لمعالجة الصرع. ومن أخطر أشكالها الصرع المستمر والذي قد يؤدي إلى الوفاة إن لم يعالج المصاب فورا. ما هو الصرع ؟ التشنج هو عبارة عن نوبة مؤقتة تحدث فجأة نتيجة لزيادة النشاط الكهربائي لخلايا المخ. وعندما تتكرر هذه النوبات بشكل مزمن -بغض النظر عن الفترة الزمنية بين النوبة والأخرى- فإنه يطلق عليها داء الصرع. في دراسة أجريت لمعرفة مدى انتشار داء الصرع في المملكة العربية السعودية، تم التوصل إلى أن 0.654 % من المجتمع مصاب بهذا المرض. وهذه النسبة قريبة من نسبة انتشار داء الصرع حسب الإحصاءات الغربية 0.5 %.وحسب الإحصاءات الغربية، فإن 2-5% من الأشخاص يصابون بنوبة تشنج مرة واحدة على الأقل في حياتهم. كما أنه وجد بأن نسبة الإصابة في الدول الصناعية أقل منها في الدول النامية. نسبة الوفيات عند المصابين بهذا المرض تزداد لأربعة أسباب رئيسية: الانتحار بسبب الاكتئاب الناتج عن الإصابة بهذا المرض، حالة الصرع المستمر، الإصابات الناتجة خلال حدوث نوبة الصرع، والموت الفجائي. تقسم نوبات الصرع إلى ثلاث أقسام رئيسة: الصرع المعمم (العام)، الصرع الجزئي، والصرع غير المصنف (أخرى). أولا: الصرع المعمم: يحدث نتيجة لزيادة النشاط الكهربائي في جميع خلايا المخ. ويتميز عن الصرع الجزئي بفقدان وعي المصاب خلال هذه النوبة. ويندرج تحت الصرع المعمم الأنواع التالية من التشنجات: التشنج الرمعي المقوي: وهذا النوع من الأنواع الأكثر انتشارا وشهرة. تبدأ هذه النوبة عند كثير من الأشخاص بشعور غريب أو نسمة. يشعر بأن النوبة ستبدأ الآن وقد يصرخ المصاب أو يبكي. بعدها، تبدأ النوبة بالمرحلة الأولى: مرحلة التشنج المقوي أو التصلب. يفقد المصاب وعيه ويقع على الأرض - وهنا تحدث الإصابات عادة - ثم يتصلب أو يتخشب الجسم لفترة دقيقة تقريبا. قد يعض المصاب لسانه وقد يتبول أو يتبرز بشكل لا إرادي. ثم تبدأ المرحلة الثانية: مرحلة التشنج الرمعي وفي هذه المرحلة يحدث ارتجاج أو ارتعاش للأطراف. ويكون مصاحبا لهذه المرحلة خروج رغوة من الفم. وقد تستمر هذه المرحلة لبضع دقائق يتبعها نوم عميق قد يستمر إلى نصف ساعة أو أكثر. تشنج الغيبوبة: ويعرف باسم ويسمى أيضا ب (صرع السرحان). ويحدث هذا النوع بشكل عام عند الأطفال. وفي هذه النوبة، يتوقف المصاب عن النشاط الذي كان يمارسه ويحدق لفترة زمنية وقد يصاحبها رعشة خفيفة في الأطراف. وقد يبدو للآخرين وكأنه في حالة سرحان ولكن في واقع الأمر يكون المصاب غائبا عن الوعي خلال النوبة. ثم يكمل المصاب نشاطه الذي كان يمارسه بعد توقف النوبة مباشرة دون أن ينام كما يحدث في نوبة التشنج الرمعي المقوي. وتستمر هذه النوبة لثوان معدودة مما يصعب في كثير من الأحيان على الأهل ملاحظتها، وعادة يتم ملاحظتها من قبل المدرسين والمدرسات إذ يشتكون للأهل بأن طفلهم كثير السرحان في الفصل. يقسم تشنج الغيبوبة إلى نموذجي وغير نموذجي،و الذي يميز التشنج النموذجي أنه يُظهر في تخطيط الدماغ الكهربائي نبضات كهربائية بتردد 3 هرتز. هذا بالإضافة إلى أن الإصابات كالأورام والجلطات وغيرها لا تسبب الغيبوبة النموذجية أبدا. وقد وجدت الدراسات بأن كثير من الأطفال المصابين بتشنج الغيبوبة النموذجي يصابون بالتشنج الرمعي المقوي فيما بعد. التشنج الرمعي العضلي: وهو مجرد ارتعاشات عضلية معزولة-التشنج المقوي: حيث يتصلب الجسم دون حدوث أي ارتعاشات - التشنج اللامقوي: حيث يرتخي الجسم ويقع المصاب مغمى عليه. ثانيا: الصرع الجزئي ويسمى أيضا بالتشنج البؤري: يحدث نتيجة لزيادة النشاط الكهربائي في بعض خلايا المخ في منطقة معينة من المخ. وقد يبدأ هذا النوع من التشنجات بشكل جزئي ثم ينتشر إلى جميع خلايا المخ وتتحول نوبة التشنج الجزئي إلى تشنج معمم ويطلق على هذا النوع من التشنجات اسم: التشنج الجزئي مع تعمم ثانوي وينقسم الصرع الجزئي إلى قسمين: - الصرع الجزئي البسيط: إن اختلال النشاط الكهربائي في منطقة محددة من الدماغ مع عدم انتشارها دون أن يفقد المصاب وعيه هي من مميزات هذا النوع. وعلى حسب هذه المنطقة يكون نوع هذا التشنج. فمثلا لو كان هذا النشاط في منطقة حركة اليد اليمنى، ترتجف اليد اليمنى. ولو كان في منطقة الكلام يفقد المصاب القدرة على الكلام. ولو كان في منطقة الإحساس يفقد القدرة على الإحساس في المنطقة المصابة وهكذا. من أشهر الأمثلة على هذا النوع: - · التشنجات أو التظاهرات الحركية وفي هذا النوع من التشنجات، يزداد النشاط الكهربائي في قشرة الدماغ الأمامية في المنطقة الجبهية المسؤولة عن وظيفة الحركة. فتبدأ الارتعاشات في منطقة الفم أو اليد ثم تنتشر إلى الذراع بل وحتى الأطراف السفلى دون غياب وعي المصاب. وتحدث هذه الارتعاشات في الجهة المعاكسة لفص الدماغ المصاب. فإذا اختل نشاط الفص الأيمن من الدماغ ظهرت الارتعاشات في النصف الأيسر من الجسد والعكس صحيح. تظاهرات حسية جسمية حواسية. عند حدوث النوبة في قشرة الدماغ الصدغية قد يشعر المصاب بالدوار المفاجئ، أو الهلوسة، وقد لا يتعرف على الأشياء أو الأشخاص أو الأماكن بالرغم من رؤيته المتكررة لها وغيرها من الأنواع مثل: وجود روائح غريبة، سماع أصوات غريبة، اختلال في النظر كرؤية الأجسام بغير أحجامها الطبيعية. وقد يظهر في بعض الحالات كطفح جلدي،أو نوبات غثيان. الصرع الجزئي المركب أو المعقد: ويتميز هذا النوع باضطراب وعي المصاب. وقد يبدو المصاب واعيا ولكنه لا يتجاوب مع المحيط الخارجي وقد يتصرف تصرفات تلقائية تماما كما يحدث للبعض عندما يتحدث أو يمشي خلال نومه أو حتى يفتح عينيه. والمثير في الحالتين (النوم والصرع المعقد) هو أن الشخص قد لا يتذكر ما كان يفعله خلال ذلك. و قد وجد بأن 80% من حالات الصرع الجزئي المعقد تحدث في قشرة الدماغ الصدغية حتى إن نوبات التشنج البسيطة التي تصيب قشرة الدماغ الصدغية قد تتطور إلى نوبات معقدة فيضطرب جراء ذلك وعي المصاب. إن نوبة الصرع الجزئي المعقد المعروفة والكلاسيكية - إن صح التعبير- التي تصيب المنطقة الصدغية تبدأ بتحديق الشخص المصاب وباضطراب وعيه ثم يقوم بعدها بتصرفات وحركات تلقائية عشوائية ومن أشهرها: ارتعاش الشفاه، المضغ دون وجود طعام في الفم، البلع المستمر والمص. ومن الحركات التي قد تحدث أيضا: العبث بالأشياء حوله والعبث بملابسه، وقد يلوي يده أو يربت بيده بشكل متكرر.و قد يتابع المصاب نشاطه الذي كان يمارسه كالأكل، أو المشي، أو الرسم لكن بشكل سيئ وغير متقن. وقد وجد أن بعض المصابين يتجاوبون نوعا ما مع المحيط الخارجي خلال النوبة ولكن يبقى هذا التجاوب غريبا. وتستمر هذه النوبة لتسعين ثانية تقريبا ثم يدخل المصاب بعدها في حالة من الارتباك أو التشوش يصعب التفريق بينها وبين النوبة إلا من خلال تخطيط الدماغ الكهربائي ثالثا: الصرع غير المصنف: و الذي يدخل فيه التشنجات التي لا تندرج تحت أي من المعمم أو الجزئي.وقد يكون الصرع جزءا من متلازمة كمتلازمة ويست، ومتلازمة لينوكس غاستوت أسبابه: في كثير من الحالات لا يمكن تحديد سبب معين. لكن يمكن لبعض الأمراض أو الإصابات أن تكون سببا في حدوث نوبات الصرع. والصرع – من ناحية السبب – إما أن يكون أوليا أو ثانويا. الصرع الأولي (لا يوجد سبب محدد له) أي أنه لا توجد أي أمراض عصبية أخرى أو آثار جلطات في الدماغ أو غيرها. وتزداد احتمالية الإصابة به إذا كان أحد الأقارب مصابا به. وقد ظهرت العديد من النظريات التي حاولت تفسير آلية الإصابة بهذا النوع منها اختلال تكون خلايا الدماغ العصبية عند الأجنة. ولكنه لم يتوصل إلى شيء قطعي بشأن سبب حدوثه. الصرع الثانوي: أي أنه يحدث بشكل ثانوي لأسباب معينة. وقد ينتج عن جميع هذه الأسباب نوبات تشنج. وبعضها يؤدي إلى الإصابة بالصرع (أي التشنجات المزمنة). من هذه الأسباب: - اختلال التوازن الأيضي حدوث العديد من التفاعلات الكيميائية في جسم الإنسان ومن علامات إبداع الخالق سبحانه وتعالى هي أن العناصرالكيميائية الأساسية موجودة بنسب وتراكيز معينة. ويجب أن تبقى كذلك حتى يبقى الجسم بأكمله في حالة اتزان. فإذا اختل التوازن بين هذه العناصر ظهرت العديد من الأمراض والمشاكل كالتشنج ثم الأدوية والعقاقير: بعض الأدوية قد تسبب التشنج عند بعض الأشخاص وأيضاالأمراض المختلفة.