تُعد حقوق المرأة المتعلقة بالميراث من أبرز الظواهر التي يدور حولها الخلاف كثيراً، حيث تتناقلها وجهات النظر في مجتمعات العالم، ولو نظرنا للوسط الاجتماعي لوجدنا نساء عجزن عن المطالبة بحقهن في الميراث، فيما دخل كثير منهن في دوامة المطالبة. وتعود أسباب المماطلة في تسليم النساء حقوقهن من الميراث إلى عدة أسباب منها طمع الأقارب، وهذا الطمع إما لعدم علم المرأة بنصيبها، أو لضعفها وحاجتها للرجل، كذلك التأخر في تقسيم "التركة"، وقد يكون ذلك التأخير إما بسبب تهاون الورثة، أو بسبب تشعب تركة الميت وكثرة أملاكه وتفرقها في أماكن مختلفة، وبالتالي لا تعرف المرأة كم نصيبها، كما أن البعض يرى أن المرأة لا تحسن التصرف في مالها، ويدّعي أنه يحافظ على مصلحتها، وهو ما يجعلها لا تستفيد من مالها، إلى جانب أن هناك من يدّعي ضياع الأموال، خاصةً إذا كانت الزوجة من خارج الأسرة، فتحرم من ميراث زوجها بحجة أنها أجنبية!. إن ما نُشاهده من تأخر بعض النساء في استلام حقوقهن من الميراث يتطلب تدخل الجهات المعنية عبر حصر الأرامل والأيتام، مع سنّ نظام لمعرفة المتوفين ومن يرثهم، وهل استلم الورثة مالهم أم لا؟، إضافةً إلى التنسيق والتعاون مع كتابات العدل، كما تبرز الحاجة إلى استعانة المرأة بمن يساعدها لكي تعرف الاجراءات، من خلال توكيل محام يتابع استخراج التركة. وطالبت السيدة "م .ح" -التي تحدثت ل"الرياض" عن معاناتها- بإرثها وإرث ابنها بعد وفاة زوجها منذ عشر سنوات، إلاّ أن المعاملة متعثرة. توريث النساء وقال "د.إبراهيم بن محمد الزبيدي" -عضو الدعوة والإرشاد بوزارة الشؤون الإسلامية-: إن الله سبحانه وتعالى يقول: "لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً"، وقال تعالى: "يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ"، وقال تعالى: "وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ"، وقال تعالى في الزوجات: "وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ"، مضيفاً أنه في هذه النصوص الكريمة التصريح بتوريث النساء سواء أمهات أو جدات أو أخوات أو زوجات أو بنات، مبيناً أنه سمّى هذه المواريث حدود ومن خالف ذلك ولم يورثهن كان عاصياً لله ورسوله، ظالماً مبدلاً لأحكام الله، متعدياً، حدوده بعد أن يبين له الحكم الشرعي في ذلك. يكفي تهاوناً وجشعاً واستغلالاً أو مغامرة بتجارة خاسرة.. والنهاية:«ما لك شيء» إعطاء الحقوق وأشار "د.الزبيدي" إلى أن الله تعالى قال لما بين هذه المواريث للرجال والنساء: "تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"، إلى قوله: "وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ"، مؤكداً على أن الواجب هو التوبة من حرمان النساء من ميراثهن وإعطائهن حقهن الذي فرضه الله لهن، فإن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر". عمل مُنكر وأوضح "د.الزبيدي" أن عدم توريث النساء يُعد من أعمال الجاهلية التي أبطلها الله، حيث إنهم كانوا لا يورثون النساء، فشرع الله للنساء نصيباً من الميراث، مضيفاً أن الذي يعاند في هذا ويمنع النساء حقهن من الإرث فإنه يتصف بصفات أهل الجاهلية، وإن استحل ذلك أو جحد ما شرعه الله فقد كفر -حسب قوله-، مبيناً أن ما يفعله بعض الناس من إعطاء النساء جزءاً من المال مقابل التنازل عن الميراث ليس من عمل الإسلام ومن ألزمهن بذلك فقد عمل منكراً وخالف شرع الله، قال تعالى: "يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ"، وهكذا الأخوة الأشقاء والأخوة لأب يرثون للذكر مثل حظ الأنثيين، ولا يجوز لأحد أن يحيد عن هذا الأمر. طمع الأقارب وذكر "د.نهار بن عبدالرحمن العتيبي" -عضو هيئة التدريس بجامعة شقراء- أن ضياع ميراث النساء يرجع إلى طمع الأقارب في ميراث المرأة، وهذا الطمع إما لعدم علم المرأة بنصيبها، وإما لضعفها وحاجتها للرجل، فإذا طالبت بحقها حصل لها من اللوم والتعنيف والمعاملة السلبية ما لا تريده، فازداد شقاؤها شقاء وازداد همها هماً، مضيفاً أنه لعلاج ذلك لابد من تضافر الجهود؛ لأن هذه المسؤولية مسؤولية مجتمعية، وهذا يستلزم تدخل وزارة الشؤون الاجتماعية؛ لأنها هي الممثل الأساسي لكل ما يخص المجتمع، ومن خلالها يتم حصر الأرامل والأيتام، مع سنّ نظام لمعرفة المتوفين ومن يرثهم؟، وهل استلم الورثة مالهم أم لم يستلموا؟، موضحاً أنه يمكن التنسيق والتعاون مع كتابات العدل، مشدداً على أن الأمر فقط يحتاج إلى تنظيم ومتابعة. تأخر التركة وأشار "د.العتيبي" إلى أن ضياع ميراث النساء يعود كذلك إلى التأخر في تقسيم "التركة" وهذا يحدث كثيراً، وقد يكون ذلك التأخير إما بسبب تهاون الورثة، أو بسبب تشعب تركة الميت وكثرة أملاكه وتفرقها في أماكن مختلفة، وبالتالي لا تعرف المرأة كم نصيبها، وربما تأخر حصولها على نصيبها سنوات عديدة، مضيفاً أنه يمكن علاج هذا السبب بالمبادرة بتوزيع التركة وعدم التأخر، موضحاً أن التركة المتفرقة يوزع كل ما يتم معرفته مباشرة، ثم إذا تم معرفة أموال جديدة توزع مباشرة، وهكذا حتى يتم انهاء جميع ما للميت، ثم يحصل كل وريث على ما يستحقه بما في ذلك النساء، لافتاً إلى أنه من أسباب ضياع ميراث النساء هو بعض التقاليد والعادات الاجتماعية!. استئذان المرأة وأكد "د.العتيبي" على أن اعتقاد البعض أن المرأة لا تحسن التصرف في مالها، وادعاءه أنه يحافظ على مصلحتها، يجعلها لا تستفيد من مالها -الذي تكون هي في أمس الحاجة إليه-، وربما ضياع ميراثها فيما بعد، خاصةً عندما لا يهتم الولي على المال بالكتابة وتحديد ما للمرأة من مال، وأين يوجد هذا المال، مضيفاً أنه يمكن علاج هذا السبب بإخبار المرأة الوريثة بمقدار مالها، وإعطائها ما تحتاجه، واستئذانها في المتاجرة بما بقي منه بعد تحديده، فإن أذنت فيتم إخبارها بالأرباح والخسائر وما يشترطه ذلك الولي من أجل المتاجرة لها في هذا المال. زوجة أجنبية وأوضح "د.العتيبي" أن ضياع ميراث النساء يعود كذلك إلى دعوى ضياع أموال الأسرة إذا كانت الزوجة من خارج تلك الأسرة، فتحرم مالها من ميراث زوجها بحجة أنها أجنبية من العائلة أو الأسرة، مشدداً على أنه لعلاج هذه المشكلة لابد من رقابة مجتمعية من وزارة الشؤون الاجتماعية، ويمكن أن تلجأ هذه المرأة إلى القضاء للحصول على حقها، لكنها تحتاج إلى من يساعدها لكي تعرف الاجراءات التي يمكن من خلالها معرفة كيفية المطالبة لدى المحاكم، وهذا يقتضي أن توكل المرأة محاميا أو شخصا غريبا لكي يتابع ذلك ويساعد على استخراج التركة. مطالبة النساء بحقوقهن تجعلهن يستقبلن اللوم والعتب من أقاربهن سيدة عند باب محكمة تطالب بإرثها ..وهنا مُتحدثةً للزميل عبده الناشري د.إبراهيم الزبيدي د.نهار العتيبي