مئات، بل آلاف المواضيع التي تتحدّث عن حقوق المرأة، يُسوّق كُتَّابها فيها أنَّ حريتها في الخروج من بيتها، أو الاختلاط بالناس بعمل، أو قيادتها لسيارتها بنفسها، أو تبوؤها لمنصب، أو ظهورها متبرّجة في فقرات إعلانية أو لقاءات إعلامية، وهو ما لا يقبله الواقع ولا المنطق، خاصة أن ما يهم بعض مَن يدّعون هذه الحقوق أن تنفذ الأجندة المكلّفين بها، وهي إفساد المرأة التي تربّي أجيال المستقبل تحت عنوان رئيس هو: «حرية المرأة وحقوقها». ولكن لم أرَ في حياتي مقالاً يتحدّث عن حرمان المرأة من حقوقها في الميراث التي نص عليها القرآن الكريم، والسنّة النبوية المطهرة. فآلاف النساء اللاتي ورثن عن أقربائهن، وقمن بتوكيل إخوانهن، أو أخوالهن، أو أعمامهن للتصرّف بميراثهنّ يفقدن نصيبهنّ من الميراث؛ بدعوى أنهم سوف يحفظون لها مالها إلى وقت الحاجة، حتى لا يطمع فيه زوجها، أو غيره، أو بحجة عدم مقدرتها على التصرّف بمالها، وغير ذلك من المبررات، وتقتنع المرأة بذلك إمّا قناعة، أو حياءً من أسرتها. وتدور السنون تفقد فيها تلك المرأة زهرة شبابها، وهي تنتظر الوقت الذي تستمتع فيه بميراثها، وتدور السنون وتبلغ المرأة من العمر عتيًّا دون أن تستمتع بحقها في ميراث مورثها، بينما إخوتها، أو أقاربها يستمتعون بميراثها ونصيبها من العقارات وإيرادها، وخلال هذه الفترة قد تمر هذه المرأة بظروف قاسية كان من الممكن أن تعالجها بجزء من ميراثها الذي يحتفظ به أقاربها المتولّون أمرها، وقد تهرم وتموت دون أن تستمتع بما كتبه الله لها من رزق وحقوق، وقد تنتقل حقوقها المسلوبة إلى ورثتها من أبنائها وبناتها، وتنشأ من ذلك مشكلات حقوق الورثة بين أبناء الأعمام، والأخوال، أو الأحفاد، ممّا يساهم في تفتيت وتدمير أواصر الرحم والقربى. وأنا أتوجّه بسؤالي هنا إلى هؤلاء المتحدّثين عن حقوق المرأة: هل قمتم أو اقترحتم آلية لضمان استلام المرأة لكامل حقوقها فعليًّا بعد صدور صك حصر الإرث؟ هل تريدون من المرأة أن تجوب الشوارع والمحاكم سنوات حتى تقبض حقوقها، وفي نفس الوقت تخسر أهلها إلى الأبد لتجرئها على المطالبة بحقوقها المنصوص عليها في القرآن والسنّة، وهي أصل من أصول الدين لا نقاش فيه؟! إنني -هنا- أتطلع أن تقوم الجهات المعنية بعمل آلية مضمونة النتائج تؤدّي إلى حصول جميع الورثة على حقوقهم فورًا، ودون تأخير، وإعطاء مدة معينة وملزمة للأولياء بتقديم ما يثبت توزيعهم الميراث على المستحقّين من الورثة، وخصوصًا النساء اللاتي لا حيلة ولا مقدرة لهنّ برفع الصوت للمطالبة بحقوقهنّ من أوليائهنّ، وأن يلزم القائم، أو المسؤول عن توزيع التركة بتقديم ما يثبت أنه قام بتوزيع المبالغ المستحقة، أو الأشياء العينية الأخرى على مستحقيها خلال عام على الأكثر من تاريخ صدور صك حصر الإرث، وعندها فقط يتم حصوله على إبراء ذمة من المحكمة المعنية، بدلاً من ضياع حقوق الورثة، أو لجوئهم للمحاكم من أجل الحصول عليها، وبالتالي فقدان صلة الرحم بعائلاتهم بسبب تقديمهم الشكوى. أتمنى أن يهتم مدّعو الدفاع عن حقوق المرأة بحقوقها المسلوبة الأخرى من عضل البنات، أو عدم أخذ حقوقهن في ميراثهن.. وغيرها كثير، فهي أولى من الخوض في حقها في قيادة السيارة، أو السفر بدون محرم، أو أيٍّ من القضايا الأخرى التي يثيرونها.