يُحكى أنه في أحد البلدان العربية تم الاطلاع على مذكرات احد المسؤولين والتي كتبها بصدق للاحتفاظ بها لنفسه فقط! فهو قد تعب من التزييف في حياته العامة واراد الصدق مع نفسه ولو للحظات من خلال مذكراته! بدأ هذا المسؤول حياته في أسرة متواضعة وهذا لا يعد عيباً بل ربما يعطي دافعا للجد والاجتهاد لكن هذا المسؤول كان يرى الناس بعين الغيرة خصوصا مَن حوله من اصحاب الذوات والعوائل الكبيرة! لكنه خلال سنوات التعلم والدراسة اكتسب صفة هو يراها مفيدة له فقط، فقد كوّن له وجهين للتعامل مع الناس، ومع أقرانه فهو لا يظهر الا الوجه المنفرج ذا الابتسامة الصفراء اما عندما يخلو بنفسه وبعائلته يظهر الكره والحسد لكل من هو أعلى منه او من منحه الله نعمة او غنى! بعد تخرجه في الجامعة كان أمامه طريقان إما العمل بقوة والمثابرة والترقي للوصول إلى ما يطمح اليه او الطريق الاسهل في الدول العربية وهو (مسح الجوخ) للمسؤولين، والتصنع والمدائح، وهو اختار الطريق الثاني فقد تعلم كيف يصبح ماسح جوخ من الطراز الاول، ومتملقاً ومتسلقاً بل اكتسب صفة جديدة فقد اصبح كالمهرج لإضحاك رؤسائه مع انه يعتبرها خفة دم (لزوم الشغل)! يسمعهم ما يريدون سماعه بغض النظر عن مصلحة العمل! ومع الوقت تسلق وأصبح مديراً لدائرة حكومية من باب أن رؤساءه ظنوا انه لا يشكل اي خطر عليهم، فهو مهما اعتلى فإنه يبقى في نظرهم (المهرج)! وإذا حاول مستقبلًا اللعب فإنهم يعرفون تاريخه جيداً وسيزيحونه بسهولة! هو فهم هذا الاتفاق (غير المكتوب) وعرف حدوده ! ولكن لكي يستفيد من منصبه أكبر استفادة فمن يدري فربما أُزيح منه بأي وقت فليس هو أهل له في المقام الاول على كل حال! لذلك بدأ في مد أذرعته كالأخطبوط في دائرته وقام بجلب وتعيين أقربائه كما هي عادة المسؤولين في الدول العربية لكي يقوموا بالتغطية عليه! بدأ في استغلال المنصب من خلال عمل أمور ومناقصات بسيطة حتى لا يشك او يعلم أحد! ومع الوقت ازداد الطمع، وابن آدم طماع بطبعه، فأصبح كالمنشار لا يدخل شيء، او يخرج الا بعد ان يجمركه بنفسه! واصبح يشتهر بين موظفيه بلقب (أبو العمولات)، والموظفون صامتون إما بسبب انه يتحكم بالدائرة من خلال اقاربه المعينين، او بسبب أنهم يعلمون ان المسؤولين الكبار يعلمون ما يحدث ويتغاضون برضاهم فهو في نظرهم ما زال المهرج الذي لا يشكل خطرا، ويرضى بما يُعطى، ويلجم متى ما أرادوا لجمه ! اما الاداء والعمل في دائرته فحدث عن السوء ولا حرج . يعاني حاليا هذا المسؤول من تعب نفسي فرغم كل ما اكتسبه وانتفع به في منصبه ما زال يعرف داخليا انه سيبقى المهرج المتملق ! بينما زملاؤه واصدقاء طفولته الذين اجتهدوا وعملوا ورغم انهم لم يصلوا الى ما وصل اليه من منصب الا انهم سعداء داخليا لا أحد يجبرهم على تغيير قناعاتهم او التملق والأهم أنهم حافظون لكرامتهم.. * مما قيل هذا الأسبوع : معاذ الخطيب رئيس الائتلاف السوري لانشك انه رجل ذو يد نظيفة ونوايا حسنة لكن تلك الصفات لا تعطي دائما شخصية محنكة سياسياً ! فهو ما زال غِرا، ولا يملك خبرة سياسية ! يقال لا يلدَغ المؤمن من جحر مرتين.. ونظام السفاح الاسد خان العهود عشرات المرات لدرجة أنه وزع مئات الوعود للمبعوثين الدوليين، ولم يفِ ب 1% منها! إذن كيف يريد الخطيب التفاوض مع الاسد ولا يوجد دولة واحدة في العالم تثق فيه حتى إن حلفاءه يعرفون مكره! ومع كامل احترامي فهذه أسوأ مبادرة بل هي أسوأ فكرة تخطر لأي عاقل وعارف بعقلية سفاح دمشق! نحن لا نزايد لكن ما فائدة دروس الماضي مع الاسد إن لم يستفد منها الخطيب وامثاله ؟! والبعض يقول وماذا سيخسر الخطيب من التجربة؟ والاجابة بسيطة (وحدة الائتلاف الذي أغلبه ضد هذه المبادرة !