أكد اقتصاديون وخبراء عالميون أن قطاع البتروكيماويات في المملكة بحاجة إلى التحول من تصنيع المنتجات الأولية إلى المتوسطة والمتقدمة منها، إذا كانت الشركات تريد الصمود والمنافسة في الأسواق المحلية والدولية، مشيرين إلى أن خلاف ذلك، سوف يخلف تحديات كبيرة أمام مصانع البتروكيماويات إذا قررت شركة أرامكو السعودية رفع سعر الغاز، والذي يباع لهم الآن بسعر منخفض في وقت يشهد قطاع البتروكيماويات نمواً ثابتاً مساهماً بنسبة 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ولاحظت "الرياض" اجماع خبراء وتنفيذيين بتروكيماويين على أن صناعة البتروكيماويات السعودية تتأهب لتحويل عملياتها من المنتجات الكيميائية الأساسية إلى الصناعات المتخصصة التي تبدو أكثر قدرة على المنافسة في الأسواق العالمية، مشيرين إلى إن قطاع البتروكيماويات يؤدي دوراً أساسيا في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق القيمة المضافة إلى الاقتصاد، ملمحين إلى أن أبرز مشكلات هذا القطاع هو أن الجزء الأكبر من تلك المنتجات تمثل منتجات كيميائية أولية، ولكن لم لا تتطور إلى منتجات وسيطة أو متقدمة الأمر الذي سوف يؤدي إلى انخفاض كبير للجدوى المطلوبة، والقيمة المضافة للاقتصاد. وألمح خبير بتروكيماوي أوروبي وهو المدير الإداري للاستشارات اللوجستية الكيماوية وإدارة الموارد المحدودة في بريطانيا السيد ليزلي ماكيون إلى أن النوايا في المملكة تستهدف زيادة حصتها من المنتجات الأولية إلى 15 في المائة في الأسواق العالمية بحلول عام 2015، وهو مؤشر خطير يدل على أن المملكة ستواصل تصنيع المنتجات الأولية، مشيراً إلى أن هذا الاتجاه سوف يحفز العديد من الشركات الدولية لترك السوق مفتوحة للشركات السعودية التي تتجه لتحويل العمليات إلى إنتاج المنتجات المتوسطة والمتقدمة للاستفادة من اسعار أرخص للمنتجات الأولية. وتتزامن تلك الظروف مع جهود حثيثة تبذلها حكومة المملكة لتنفيذ برنامج التجمعات الصناعية كإحدى المبادرات الحكومية التي تم تأسيسها مؤخراً لتقود مهمة تنمية وتطوير خمسة قطاعات صناعية سريعة النمو في المملكة، والتي تتجه نحو التصدير، وهي صناعة السيارات وأجزائها، وصناعة المعادن، وصناعة الطاقة الشمسية، وصناعة البلاستيك ومواد التغليف، وصناعة الأجهزة المنزلية. وتشترك هذه الصناعات التي تم اختيارها بعناية في صفتين رئيسيتين، أولاهما أن كل هذه الصناعات يمكن أن تستفيد بحد أقصى من وفرة الموارد الطبيعية والمواد الخام والطاقة في المملكة، والأخرى أن لهذه الصناعات إمكانية ضخمة للنجاح والازدهار. ويعي العديد من المستثمرين الإمكانات الكبيرة للمملكة، حيث استقطبت المملكة استثمارات بلغت قيمتها 32 مليار دولار في عام 2010 م، وتعد بذلك أكثر من أي دولة أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويسعى برنامج التجمعات الصناعية الذي تشرف عليه كل من وزارة التجارة والصناعة ووزارة البترول والثروة المعدنية، إلى تطوير تجمعات صناعية توجه منتجاتها للتصدير؛ بحيث تكون قادرة على المنافسة عالمياً على المدى الطويل، وذلك من خلال استغلال الطاقة والموارد البتروكيماوية والمعدنية المتوفرة في المملكة. وتهدف هذه التجمعات إلى تنويع الاقتصاد، وتوفير المزيد من فرص العمل المتميزة. ويتم حالياً تأسيس خمسة تجمعات صناعية، أحدها مخصص لصناعة المركبات بأنواعها وأجزائها، وآخر لصناعة المعادن، وثالث للصناعات القائمة على الطاقة الشمسية، وتجمع لصناعة البلاستيك ومواد التغليف، والخامس لصناعة الأجهزة المنزلية. وفي كلٍ من هذه التجمعات يعمل فريق عمل يمتاز بالاحترافية والخبرة في مجال تنمية وتطوير القطاع الصناعي المستهدف، على تسهيل أعمال المستثمرين وتقديم المشورة والدعم الفني والتقني بما يعود بالفائدة على اقتصاد المملكة والمستثمرين. وفي هذا الصدد وجه المهندس عزام شلبي رئيس برنامج التجمعات الصناعية بالسعودية إلى كل مستثمر يرغب في الاستثمار في المملكة قائلاً: “نؤمن بأن اختيارك للمملكة لتكون مركزاً لعمليات تصنيع منتجاتك سيعود عليك بمردود مالي ناجح، وبزيادة في الحصة السوقية لمنطقة الخليج العربي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والقارة الأفريقية. ويكمن دورنا في تأمين كل الدعم الذي تحتاج إليه لتجعل من استثمارك في المملكة أمراً واقعاً، ولكي نقوم بهذه المهمة على أكمل وجه، فقد أعددنا فريقاً من الخبراء في القطاعات الصناعية التي نستهدفها، إضافة إلى معرفتنا العميقة بعوامل نجاح الاستثمار الصناعي في المملكة". وتمثل الأهداف الرئيسة لبرنامج التجمعات الصناعية دوراً محورياً في تحقيق رؤية عام 2020م وأهداف الاستراتيجية الوطنية للصناعة، إضافة إلى أهداف أخرى أكثر شمولاً حيث يهدف البرنامج إلى الاستغلال الأمثل لوفرة الطاقة والموارد الطبيعية والمواد الخام في المملكة العربية السعودية، وتنمية صادرات المملكة بالسرعة الممكنة، وتحقيق فوائد كبرى من خلال تنمية المهارات والتقنيات.