أكد الأمير فيصل بن تركي بن عبدالعزيز المستشار في وزارة البترول والثروة المعدنية السعودية، أن «الصناعة البتروكيماوية السعودية تعيش اليوم حقبة ذهبية». ولفت إلى أنها «تسجل أكبر نمو في تاريخها، وأن إنتاج المملكة من المواد البتروكيماوية والمواد الكيماوية والبوليميرات سيبلغ 100 مليون طن بحلول عام 2016، أي بنمو نسبته 250 في المئة مقارنة بمستويات عام 2006». وكان الأمير فيصل يتحدث في الجلسة الأولى للمنتدى السنوي السادس للاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات الذي افتتح أعماله في دبي أمس بعنوان «التوجه نحو الصناعات التحويلية: تحقيق قيمة مضافة ونمو مستدام»، وكان المتحدث الرئيس فيها. وتناول في كلمته ثلاثة محاور رئيسة، أولها نظرة عن تطور الصناعات الأساسية السعودية والسياسات التي تنتهجها حكومة المملكة العربية السعودية للاستخدام الأمثل لموارد المملكة من البترول والمعادن. وثانيها التقدم اللافت الذي حققته الصناعة البتروكيماوية في المملكة، فيما عرض في المحور الأخير السبل التي تمكِّن الشركات الخليجية والشركات السعودية تحديداً من مواصلة النمو والتقدم في بيئة شديدة التنافس، ومساهمتها في التنمية الاقتصادية لدول الخليج. مرحلة التأسيس وأشار إلى «دعوة الملك المؤسس عبدالعزير آل سعود، الجيولوجيين إلى التنقيب عن البترول والذي اكتُشف عام 1938، ما ساهم في تنمية اقتصاد المملكة وبناء صناعة بترولية وطنية متطورة وحديثة. وتلى ذلك الموجة الثانية من التنمية الصناعية في المملكة واستغلال الغاز المصاحب وغير المصاحب للزيت الذي كان يحرق في الماضي». وأوضح أن هذه المرحلة «تُعد مرحلة دخول المملكة إلى الصناعات الأساسية خصوصاً البتروكيماوية، إذ تبنّت مبادرات طموحة، أهمها إنشاء شبكة الغاز الرئيسة لجمع الغاز ومعالجته وتوفيره كلقيم ووقود، وتطوير البنية التحتية الأساسية من خلال الهيئة الملكية للجبيل وينبع، وإنشاء المصانع وتشغيلها إذ تأسست شركة «سابك» التي شكلت نواة الصناعة السعودية من خلال شراكاتها مع الشركات العالمية، وأصبحت اليوم رائدة في الصناعة على مستوى العالم». ولفت فيصل بن تركي إلى «اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وحرصه على تحقيق الرفاه المستدام للشعب السعودي بإطلاق إبداعاته، ورفع مستوى معرفته ومهاراته». وأعلن أن وزارة البترول والثروة المعدنية «تعمل على إدارة ثروة المملكة البترولية والمعدنية لزيادة القيمة المضافة لتلك الموارد، وعلى سبيل المثال من خلال تنفيذ برامج التنقيب الطموحة لتحويل الموارد الطبيعية في المملكة إلى احتياطات غاز جديدة وإنتاجها باستخدام أحدث التقنيات وتطويرها، ما سيؤدي إلى زيادة طاقة إنتاج الغاز إلى ما يقارب 15 بليون قدم مكعبة قياسية في اليوم بحلول عام 2016، مقارنة بنحو 7.7 بليون قدم مكعبة قياسية عام 2002». وأشار إلى أن المملكة «أسست أكبر شبكة تكرير في الشرق الأوسط»، متوقعاً أن «تصل طاقتها إلى 3.5 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2016». وأكد أن «الصناعة البتروكيماوية السعودية تعيش اليوم حقبة ذهبية، إذ تسجل أكبر نمو في تاريخها وسينمو إنتاجها من المواد البتروكيماوية والكيماوية والبوليميرات إلى 100 مليون طن بحلول عام 2016، أي بنمو نسبته 250 في المئة مقارنة بمستويات عام 2006». وأعلن أن وزارة البترول والثروة المعدنية، وبالعمل مع مصنعي البتروكيماويات، تسعى إلى «تنويع منتجات المملكة لتشمل 120 منتجاً جديداً، وإنشاء صناعات تحويلية جديدة تساهم في دعم الاقتصاد الوطني، منها المطاط الصناعي والمستخدم في صناعة الإطارات أو صناعة مواد البناء، وأنواع من البلاستيك الهندسي والمستخدمة في صناعات منها السيارات ومواد البناء، والصناعات الكهربائية والأجهزة المنزلية ومواد التغليف العالية الجودة للاستعمالات الطبية والأطعمة، وكذلك المواد الكيماوية المستخدمة في صناعات النفط والغاز والمنظفات والمساحيق للاستخدامات الصناعية والمنزلية». التزامات ضخمة وأشار إلى أن هذا النمو «نتج عن الالتزامات الضخمة للّقيم والوقود التي وفرت للصناعة البتروكيماوية»، كاشفاً أن «كميات اللقيم والوقود والطاقة الملتزم بها للصناعات البتروكيماوية بحلول عام 2016، ستصل إلى 8.7 بليون قدم قياسية مكافئة في اليوم أو ما يساوي 1.6 مليون برميل في اليوم من الزيت المكافئ». ولفت إلى أن «معظم المواد البتروكيماوية خصوصاً ما يزيد على 85 في المئة من البوليميرات التي تنتجها الصناعة السعودية، تصدّر لتعود إلى المنطقة والمستهلكين حول العالم على شكل منتجات نهائية، بعد أن تكون وفرت فرص عمل في بلدان أخرى، وبهذا تضيع الفرصة على المملكة لتلبية الطلب المتنامي في المنطقة للمنتجات، وفي الوقت ذاته توفير فرص عمل في الصناعات التحويلية». واعتبر أن «هذه الفرصة الضائعه في توفير فرص العمل، أمر غير معقول في الظروف الحالية التي ستتوافر فيها شريحة متنامية من الشباب المتعلم في شكل جيد والذي يبحث عن فرص عمل». وفي هذا السياق، أشاد بن تركي بمبادرة الحكومة إلى «تأسيس البرنامج الوطني لتطوير التجمعات الصناعية، كوسيلة لتشجيع الاستفادة من القيمة المضافة لمواردنا للانتقال من الصناعات الأساسية إلى الصناعات التحويلية المستهدفة، وهي القادرة على توفير فرص عمل كبيرة وذات مردود مادي جيد، بحيث تكون جاذبة للمواطن السعودي. يُضاف إلى ذلك إمكان تصديرها وتلبية طلب السوق المحلية». وأوضح أن من «تلك الصناعات المستهدفة المعادن ومنتجاتها، وصناعة السيارات وأجزاءها، وصناعة البلاستيك والتعبئة والأجهزة المنزلية، ومنتجات توليد الطاقة الشمسية». برنامج التجمعات الصناعية وأعلن أن برنامج التجمعات الصناعية «يعمل مع الجهات الحكومية الأخرى على عدد من المبادرات الهادفة إلى إيجاد حوافز مناسبة لتنمية هذه الصناعات، وإنشاء شركة وسيطة تتولى تدريب الكوادر الوطنية وتطويرها وتوظيفها، للعمل في هذه الصناعات، فضلاً عن إنشاء شركة للاستثمارات الصناعية من القطاعين العام والخاص، للاستثمار في المشاريع الصناعية التي تشكل تحدياً للقطاع الخاص للقيام بها بمفرده». وإلى مبادرة التجمعات الصناعية، أعلن الأمير فيصل أن الدولة «تعمل على تمكين الشركات الخاصة من التوسع في صناعة المعادن من خلال مشاريع تدعم تنمية الصناعات التحويلية، ومن هذه المشاريع الضخمة مشروع حديد شركة «الراجحي» في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، والمشروع العالمي للألومنيوم لشركة «معادن» مع شركة «ألكوا» في منطقة رأس الخير التعدينية». ولفت إلى أن هذه المشاريع «ستوفر منتجات للصناعة المستهدفة في المملكة». وأكد أن لدى المملكة «فرصاً صناعية ومنها صناعة السليكون والفوسفور». وعن النمو المستقبلي للصناعات التحويلية، ذكر أن الشركات البتروكيماوية في السعودية «تحتاج إلى تطوير التقنيات والسوق المحلية بحيث لا تعتمد فقط على تنافسية أسعار اللقيم والوقود». ورأى ضرورة أن «تدرك الشركات أن الوزارة تقوّم المشاريع من منظور شامل لضمان تأمين المشروع والصناعة ككل، فرص عمل مجدية للمواطنين، وأقصى قيمة مضافة». وعن توسع الشركات في مجالات قريبة من أعمالها البتروكيماوية، أوضح أن على الشركات البتروكيماوية «التوسع في سلسلة القيمة المضافة في الاقتصاد السعودي من طريق توفير حاجات توسع الصناعات التحويلية الوطنية ودعمها، بحيث ينتج عنه زيادة في استخدام منتجات الشركات في السوق المحلية الذي لم يتحقق على الشكل المرجو». لذا رأى أن على الشركات «تبني سبلاً أكثر فاعلية للتوسع في استخدام منتجاتها في السوق المحلية وتشجيع نمو الصناعات التحويلية المحلية». واعتبر أن هذا التوجه «سيدعم الشركات البتروكيماوية في التوسع في إنتاجها بهدف تلبية الطلب المحلي المتزايد». وأكد قدرة الشركات البتروكيماوية العاملة في المملكة «على تحقيق النمو من خلال مشاريع تعزّز القيمة الاقتصادية للّقيم والوقود المستخدم في مشاريعها. ومثال على ذلك تقوّم وزارة البترول والثروة المعدنية مع شركة «سابك»، اقتراح الشركة لتطوير تقنية متكاملة لتحويل الزيت الخام بأسعار السوق السائدة إلى مواد بتروكيماوية من خلال معامل تختلف عن مصافي التكرير التقليدية». واعتبر أن «في حال نجاح الاقتراح، فسيزيد القيمة المضافة للزيت الخام، ويعطي شركة «سابك» كميات من اللقيم اللازمة لزيادة إنتاجها من البتروكيماويات، إضافة إلى تزويد السوق المحلية بالمنتجات البتروكيماوية الوسيطة». القطاع في الخليج وشدد فيصل بن تركي على أن في «إمكان شركات البتروكيماويات في الخليج النمو أيضاً من خلال إظهار مزيد من بعد النظر والريادة في الدخول في مجالات صناعية جديدة، كما أن لدى الشركات أفضل المواهب الوطنية، وتتمتع بإدارة وطنية رائدة ولديها المواد الأساسية والقدرة المالية إضافة إلى تشجيع من الحكومة للاستثمار في صناعات جديدة». وأوضح أن ذلك «ليس جديداً إذ توجد أمثلة على ذلك في شركات من المشرق والمغرب وكذلك في المملكة»، لافتاً إلى أمثلة لهذه الشركات كشركة «إل جي» الكورية و «نوكيا» الفنلندية وشركة «التصنيع السعودية». وخلُص الأمير فيصل بن تركي إلى أن «التوسع في الصناعة التحويلية مفيد للشركات والدولة والمواطنين، لأنها تعطي الشركات البتروكيماوية فرصة لتعزيز أسواقها وتنويع أعمالها، وهي تساهم في الوقت ذاته في تنويع الاقتصاد الوطني وتأمين الوظائف المجدية للمواطنين». وأعلن أن «القائمين على صناعة البترول ماضون قدماً في تطوير موارد المملكة وتأمينها للشركات التي تثبت جديتها لتطوير الصناعات التحويلية وتنميتها».