الزيادة المستمرة، والارتفاع المتواصل في أسعار الوحدات السكنية، وبمعدلات تفوق مقدار النمو في مستوى الدخل لمعظم الأسر في المملكة، هو مما يتضح بشكل جليّ في سوق الإسكان المحلي الذي تعبر عنه بحدة الأحياء المحيطة بمراكز الأعمال، والمناطق الواقعة على امتداد محاور النقل والمواصلات الرئيسية في مدن المملكة، الأمر الذي يمثل تهدبداً يمكن أن يوهن من المكاسب التي قد تتحقق من برامج الإقراض والتمويل التي توجه للمستفيدين من خدمات هذا السوق . وعلى نحو ما في الأسواق الأخرى بدول العالم، توجد لدينا في المملكة الآليات التقليدية المعروفة لتيسير الحصول على المساكن، التي منها القروض الحكومية والبنكية، وما سينضم للسوق قريباً من آليات أخرى، تتمثل في الرهن العقاري والتمويل التأجيري، إلا أن ما يبدو غائباً من تلك الآليات التي جرى توظيفها منذ عدة عقود في عدد من الدول الغربية، وذلك من أجل تحقيق ذات الغرض هو ما يعرف - إن صحت الترجمة - بآلية الشراكة المشاعة في امتلاك المساكن، أو ما يطلق عليها باللغة الإنجليزية (shared equity homeownership ) التي تعد في الواقع آلية متفردة عن غيرها من الآليات الأخرى، حيث تقوم على مبدأ مشاركة المؤسسات الحكومية المتخصصة والمعنية بقطاع الإسكان أو الهيئات والجمعيات غير الربحية ذات العلاقة بنصيب أو نسبة محددة من التمويل المالي سواء للمطورين في مجال الإسكان أو الأسر بوجه عام الراغبة في شراء مساكن مقابل المشاركة المشاعة لتلك المؤسسات أو الهيئات والجمعيات بحصة تعادل مقدار مساهمتها التمويلية من العائد في طرح تلك الوحدات السكنية التي جرى تمويلها للبيع في السوق، لتتولى تلك المؤسسات أو الهيئات أو الجمعيات بعد ذلك توجيه هذا العائد الاستثماري المتحقق لتوفير مساكن بتكاليف ميسرة لأسر مستحقة لذلك، وفق رغبتها وقدرتها المالية، أو إتاحة تلك الوحدات السكنية للشرائح المختلفة من تلك الأسر، وذلك بتكاليف تتواءم مع مستوى دخلها، وذلك بعد إعطاء المالك الأصلي الذي سبق وأن تمت مشاركته في امتلاك تلك الوحدة السكنية نصيبه المشاع من عائد بيع تلك الوحدة السكنية . إن هذه الآلية المتمثلة في الشراكة المشاعة في ملكية وحدات سكنية بحصة تتفق ونسبة ما يقدم من تمويل لتطويرها أو شرائها والعائد الاستثماري من طرحها للبيع بعدئذ، وتوجيه ذلك العائد لتوفير مزيد من الوحدات السكنية الميسر امتلاكها، تجعل منها في الحقيقة عنصراً مهماً في برنامج متواصل قد يستمر لعقود وأجيال يتيح امتلاك المساكن للعديد من الأسر المحتاجه التي قد لا تجد في الآليات الأخرى ما يتيح لها تحقيق رغبتها في الحصول على مسكن . إن وزارة الإسكان، وجمعيات الإسكان الخيرية حري بها أن تتبنى هذه الآلية، وأن ترعى البرنامج الذي يمكن أن تعمل ضمن إطاره، لتكون أداة أخرى من الأدوات التي توظف لدعم سياسة العرض لمزيد من الوحدات السكنية المنخفضة التكاليف..