اعتماد المملكة بشكل كبير ومتزايد على الأيدي العاملة الوافدة ، وبالذات حين ترتفع معدلات النشاط الاقتصادي لدينا بين فترة زمنية وأخرى ، هو حقيقة لا تخفى على أحد ، فهذه الأعداد التي تتدفق من الخارج ، ويصل مقدار نموها في بعض السنوات إلى أرقام قياسية ، قد تبلغ 8 % ، تؤدي بلا شك إلى الارتفاع الحاد في الطلب على الاحتياجات الأساسية ومنها المساكن بطبيعة الحال ومؤشر إظهار هذه الحقيقة يبرز بشكل واضح في عدد الوحدات السكنية المشغولة بأسر غير سعودية التي تبلغ وفق البيانات الإحصائية نحو 1.4 مليون وحدة سكنية ، وتمثل نسبتها 30 % ، من إجمالي المساكن في المملكة ، التي تتجاوز 4.6 ملايين وحدة سكنية. إن إشغال هذا المقدار من الوحدات السكنية من قبل الأيدي العاملة الوافدة وأسرها ، أو بالاحرى قيام شركات ومؤسسات القطاع الخاص التي ينتسب لها نحو 90 % من أولئك الوافدين ، بمنافسة المواطن في الحصول على الوحدات السكنية المتاحة له في السوق المحلي ، وامتصاص نسبة كبيرة من عرض المساكن بهذا السوق ، لتوفيره للأيدي العاملة الوافدة التابعة لها ، وعدم إسهامها إلا بقدر يسير في توفير هذا الاحتياج من المساكن للعاملين لديها ، هو الذي ساهم في شح المعروض من تلك الوحدات السكنية في هذا السوق ، ومن ثم رفع أسعار تأجيرها نتيجة ما سببه من خلل في التوازن بين معدلات العرض والطلب لهذه الوحدات ، فالبيانات تشير إلى نسبة الأسر غير السعودية التي تقيم في وحدات سكنية مستأجرة ، وليست عائدة للشركات والمؤسسات التي يعملون بها ، تبلغ نحو 62 % وهو ما يتجاوز في مقداره ثمانمائة وستين ألف وحدة سكنية ، اقتطعها القطاع الخاص من السوق المحلي لصالح الوافدين العاملين لديه. إن من الأهداف التي يقوم عليها تنظيم وزارة الإسكان هو تشجيع مشاركة القطاع الخاص في دعم نشاطات وبرامج الإسكان المختلفة ، ورفع نسبة المعروض من المساكن بمختلف أنواعها ، كما ينص التنظيم للوزارة أيضاً ، أن لها في سبيل تحقيق أهدافها تشجيع إنشاء جمعيات تعاونية للإسكان الأمر الذي يقود في الواقع إلى مطالبة القطاع الخاص ممثلاً في الغرف التجارية الصناعية بمناطق المملكة للمساهمة في التخفيف من تأثيره في تنامي هذه المشكلة بمجتمعنا، من خلال قيام تلك الغرف والشركات والمؤسسات بالمبادرة لإنشاء جمعيات إسكان للوافدين بمدن المملكة ، والمشاركة بحصص في تأسيسها ، لتتولى بدورها إقامة مشروعات إسكان ، يوجه الوافدون العاملون لدى القطاع الخاص للاستئجار في الوحدات السكنية التي تقام بتلك المشروعات ، عبر بدل السكن الذي يصرف لهم ، ويقصر في هذه الحالة فقط على تلك المشروعات بقدر ما يتوفر منها ، ليخف الطلب على الوحدات السكنية المتاحة في سوق الإسكان المحلي للمواطنين ، وتوجه التحويلات المالية السنوية للوافدين من بدل السكن الذي يصرف لهم ( 30 % من دخل الوافد ) لتوظف في مشروعات استثمارية تحقق عوائد للقطاع الخاص ، سواء من خلال تأجير الوحدات السكنية ، أو الخدمات التجارية والتعليمية التي يمكن أن تتضمنها مشروعات الإسكان التي تقيمها تلك الجمعيات ، خلاف الفرص الوظيفية التي يمكن أن تتاح للسعوديين في مشروعات إسكان يمكن أن يصل إجمالي عدد الوحدات السكنية بها إلى مليون وحدة سكنية ، يتاح للوافد وحتى المواطن إن رغب إمكانية استئجار إحداها.