عقد صباح أمس مؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي واجتماع اللجنة الدائمة للثقافة العربية في دورته الثامنة عشرة برعاية الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء، وبرئاسة وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، حيث اتخذ هذا الاجتماع مبحثًا خاصًا يركز في موضوعه الرئيس على "التواصل الثقافي مع الثقافات العالمية الأخرى"، ويتناول رؤية شاملة للعمل الثقافي العربي والاتفاقيات الثقافية الشاملة للمشروعات القومية المقترحة. وزراء الإعلام العرب «تصوير– زكريا العليوي» وافتتح الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء الجلسة، موجهًا شكره للوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية العربية، لافتًا إلى أن المنامة بتكوينها الجغرافي والمعرفي شكّلت نقطة التقاء حضاري وتعايش سلمي حميم، ونموذجًا حيًا للتنوع الثقافي والاجتماعي، مشيرًا إلى أن التركيبة المجتمعية البحرينية تؤكد "أننا لسنا دعاة انعزال، ولا انكفاء على الذات، وثقافتنا ليست بثقافة ركود وجمود وضمور، بل ثقافة منفتحة، ممتدة بأفقها الإنساني الواسع، مؤمنين بالحوار ونبذ العنف والصراعات". وأوضح في سياق حديثه إلى أن هذا التطوير الحضاري والثقافي الذي تحظى به المملكة يعود إلى المشروع الإصلاحي لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين والذي انعكس بوضوح على العديد من المشاريع والأنشطة الثقافية التي تعزّز موقع البحرين كمنارة ثقافية وحضارية في المنطقة. وفي مجاورة ثقافية شفيفة، أشار الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري وزير الثقافة والفنون والتراث لدولة قطر إلى الاقتران الثقافي ما بين دولة قطر الشقيقة ومملكة البحرين، إذ كانت الدوحة عاصمة للثقافة العربية في العام 2010م، وسعت في عملها الثقافي إلى استدعاء مشاهد وشخصيات ثقافية عربية ودولية مرموقة، إلى جانب تكوين بنية أساسية ثقافية تدعم الاشتغال الثقافي العربي ككل. د. خوجة يتحدث للإعلاميين موجهًا الحضور إلى ضرورة الالتفات لتراث القدس العربي، وتوحيد الجهد العربي، حيث أكّد "ضرورة تنسيق الجهود العربية للمشاركة الفاعلة في مختلف المناشط الثقافية العالمية والانضمام للمواثيق والاتفاقيات الدولية في الشأن الثقافي؛ ليكون الصوت العربي في الأندية الثقافية العالمية جهيرًا"، مشيرًا إلى أن هذه الدعوة كانت ذات أهمية لتنسيق المواقف العربية في اتفاقية التراث العالمي بباريس 2011م. كما شدّد على أهمية التراث غير المادي الذي يشتبك في نسيج العمق الثقافي للمجتمعات العربية كالمأثورات الشعبية والمعارف التقليدية، مشيرًا إلى أن الدوحة قد دعت في الدورة السابقة إلى توطيد العلاقات والتكاتف بين البلدان العربية في مجال تخزين الإرث الثقافي العربي ضمن مشروع"ذاكرة العالم العربي: التوثيق الرقمي للتراث"، كما دعت إلى وضع منهجية لمشروع الاحتفاء برموز ثقافية من التراث العربي. وأعلن الدكتور حمد الكواري في كلمته عن تسليم الرئاسة الجديدة للدورة الثامنة عشرة للوزراء العرب المسؤولين عن الشؤون الثقافية لوزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، مثمنًا الجهود التي بذلتها معاليها على المستويين الثقافي والفكري العربي، وأهليّتها لتحمل أمانة رئاسة الدورة الجديدة. الوفد السعودي برئاسة وزير الإعلام من جهتها، رحّبت وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة بوزراء الثقافة العرب موضحةً أن المنامة هذا العام في اختيارها عاصمة للثقافة العربية للعام 2012م احتضنت على مداها سلسلة من الفعاليات الثقافية التي أدّت دورًا تنمويًا واجتماعيًا مشيرةً: "تمكّنا من خلال فعاليات العاصمة الثقافية بتكاتف الجهود أن نسهم في تعزيز وتنمية مفهوم الانتماء الوطني، وإعادة اللحمة الوطنية، والنسيج الاجتماعي للشعب البحريني، وهو دور مهم من أدوار الثقافة تم تغييبه في الساحة السياسية المحلية والعربية". وأشارت في حديثها إلى أن العمل الثقافي والاشتغال المستمر عزّز الخبرات البحرينية مما أسهم في تهيئة العاصمة البحرينية المنامة عاصمة للسياحة العربية خلال العام المقبل تحت شعار "السياحة تثري"، وقد استند هذا الاختيار على الإرث التاريخي والمعرفي، والسعي للحفاظ على الخصائص والمكونات الحضارية والمكانية. الشيخة مي الخليفة تتحدث للإعلاميين وأكّدت وزيرة الثقافة على أهمية الدور الثقافي كجسر للتواصل والفهم المشترك، وكطريقة تعبير إنسانية تقدم لغة الإبداع وتجسّد الحوار كمسار حيوي يفضي إلى بلورة رؤية عربية مشتركة، مبينة ضرورة الحاجة إلى تجاوز المعوقات وتفعيل التنوع والتعدد بمعنيهما الثري والنقيض للتنميط، مردفةً: "يتعزز دور الثقافة في العصر الراهن بوصفها حاملة لقيم الحوار والتسامح ونبذ العنف والتطرف والتعصب بشتى أنواعه، لأن التأصيل الثقافي للمواطنين القائم على القيم الإنسانية العليا يكرس القبول بالآخر والاعتراف بالتعدديات الثقافية المختلفة ومد جسور الحوار بين الثقافات والحضارات، بديلاً عن الرغبة في تنميط العالم في قالب أو إطار ثقافي واحد". مشددة على أهمية الخروج بتوصيات مهمة للتأكيد على أن الثقافة ليست ترفًا بل وسيلة أساسية من وسائل إعادة بناء الإنسان العربي وتحقيق النهضة الثقافية في الوطن العربي. د. الكواري يتحدث للوزراء وشارك في الجلسة الافتتاحية معالي الدكتور محمد عبدالعزيز بن عاشور مدير عام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الذي تطرق في حديثه إلى الدول العربية والتغيرات والتحولات الجذرية التي تمر في محيطها، والتي لا يمكن معالجتها والتعامل معها إلا بالاعتماد على المعرفة والثقافة، معلقًا "أنهما الوسيلة المثلى للسير على درب الحداثة والرقي، وهما السند الأساسي في مساعينا لنشر قيم الانفتاح والتسامح واحترام الرأي الآخر".وأشار إلى أن الوسيلة الثقافية وصون الإبداع الحر وإيصاله بالتراث الثقافي ليتصدى للانغلاق والتنميط وأشكال التطرف المختلفة. وعوّل على أهمية هذه الدورة في وضع خطة شاملة واستراتيجيات واضحة للتواصل مع الآخر والثقافات الشعبية المختلفة. الشيخ خالد الخليفة يلقي كلمته من جهته، شدّد وزير الثقافة والإعلام السعودي الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة على ضرورة تدارس تطلعات الأجيال الأدبية والثقافية في سياق الظروف الأخيرة، مستذكرًا التحديات وأهمية تضييق الفجوة بين هذه التحولات والحراكات الاجتماعية التي يشهدها العالم العربي، حيث أوضح أنه "يمكننا مواجهة ثقافة الكراهية ضد رموزنا ومحاربة الصور النمطية المقلوبة عن مجتمعاتنا، وذلك بتحويل الاتفاقيات الثقافية المدرجة على جدول أعمال المؤتمر إلى عامل مؤثر في صياغة الهوية الثقافية التي تتعرض اليوم بسبب الثورة المعلوماتية وهيمنة خطاب العولمة لتذويب خصوصيات مجتمعات العالم العربي". كما لفت الانتباه إلى الحاجة إلى تأسيس مراكز بحث وتوثيق على امتداد المدن العربية تتناول التاريخ والموروث الشعبي والأساطير والأدب والرقص وكافة الاشتغالات الثقافية، موضحًا حاجة ذلك إلى استراتجيات خاصة وشراكات مثمرة ما بين القطاعات الحكومية والاستثمارية. وفي ختام حديثه أعلن للحضور عن اختيار المدينةالمنورة عاصمة للثقافة الإسلامية في العام المقبل 2013م. وقد انقسمت أعمال المؤتمر إلى جلستين، تمت في الأولى جدولة أعمال المؤتمر وعرض ومناقشة تقرير اللجنة الدائمة للثقافة العربية ومشروع القرارات. كما ركزت الجلسة على الموقف التنفيذي لقرارات الدورة السابقة للدول المنظمة. وفي بند منفصل، تناول الوزراء المسؤولون عن الشؤون الثقافية العربية الأوضاع الثقافية في المنطقة وتفاصيل التغيرات والتحولات، بالإضافة إلى التراث الثقافي والحضاري في الوطن العربي، حيث تم الخروج بإعلان المنامة وإصدار توصيات عن المؤتمر. وأوضح وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة في تصريح له بان المؤتمر يزخر بالعديد من الامور الكثيرة ومن المهم تطبق هذه البنود بصورة الصحيحة وتنفيذه على ارض الواقع ونحن لدينا هموم كبيرة ومال كثيرة تم طرحه في عدة مؤتمرات ثقافية سابقة وهذا المؤتمر ويجب فعل بأن نخرجها من الورق الى حيز الواقع وفي كثير من العواصم العربية بحمد الله نشاهد ما شاهدناه في المنامة بالامس وافتتاح المسرح الوطني بمملكة البحرين الشقيقة والحراك الثقافي المتميز في المنامة عاصمة الثقافة العربية لعام 2012م وكذلك في العام الماضي بالدوحة وفي كل العواصم العربية. وبين الوزير خوجة بان المملكة في نشاط ثقافي دائم ومستمر في تحقيق كل هذه الآمال والتطلعات التي ينقشها الان وزراء الثقافة العرب، ولدينا بالمملكة الكثير من النشاطات الثقافية على مدى العام مثل الجنادرية وسوق عكاظ وغيرها من المناشط الثقافية وثقافة هي الاساس والعنصر الحضاري للحفاظ على هويتنا العربية والإنسانية ولدينا ثقافة تاريخية كبيرة جدا تمتد الى آلاف السنين، ومن هذه الارض الطيبة في بلدنا العربية انطلاقة جميع الاديان السماوية ومعظم الحضارات الانسانية المؤثرة على موكب الحضارة الانسانية مدى الازمان. وأضاف الوزير خوجة نحن امة تحمل الكثير من التاريخ المجيد والركائز القوية والقواعد الصلبة القوية التي تجعل منا امة لها تاريخها وصنعت التاريخ في السابق والإنسانية الان والعالم كله يعيش الان على هذه المعطيات كلها التي انطلاقة من منطقتنا العربية. واكد الوزير خوجة بان قضيتنا الأول هي القضية الفلسطينية وفي الوقع هي جزاء من هذه الثقافة المختلفة والكثير يحاول ان يدخل بطريقة أو بأخرى لتفتيت هذه المعاني الثقافية من الداخل وهذا يجب بان لا نسمح به ابدا وان نعي تماما مسئوليتنا في هذا الجانب من حيث تاريخنا وانتمائنا تواصلنا مع بعضنا البعض تكاتفنا مع بعضنا البعض تفاهمنا مع بعضنا البعض بالنسبة لهذه المسؤولية الكبيرة الملقاة على عواتقنا جميعا، نحن لسنا امة حديثة على هذه الأرض نحن من الأصل وصنعنا الثقافة في الارض الى العالم جميعا من الشعر والأدب ومختلف انواع الفنون ونفتخر بكل هذه المعطيات ويجب ان نجددها ونحاول ان نحييها مرة اخرى ونجعلها امتدادا لكل الامجاد. من جانبها اوضحت وزيرة الثقافة البحرينية الشيخة مي بنت محمد ال خليفة بان مجلس التعاون هو الفصل الاول من هذه الاجتماعات التي هي كنشاط لمجلس وزراء الثقافة وتستقبله عواصم الثقافة العربية ونحن سعداء أكثر بان تستضيف المنامة عاصمة الثقافة لعام 2012م هذا التجمع وهذا الحضور الجميل لوزراء الثقافة المهتمين بشؤون الثقافة العربية ويسعون جاهدين للوصول من خلال الثقافة بان الوطن العربي تجمعنا فيه احلام وآمال مشتركة وانفتاحنا على الحضارات الاخرى.