كتاب "الأعمال الشعرية الكاملة لبديع خيري" من جمع نبيل بهجت، ودراسته وتحقيقه، الصادر عن مكتبة الأسرة 2012 م حيث يكمل الباحث نبيل بهجت سلسلة إصدار أعمال مثقفي مطالع القرن العشرين الذي شكلوا الهوية المصرية مثل الشاعر يونس القاضي وأبو السعود الأبياري بإصداره الجديد. فقد صدر عن مكتبة الاسرة كتاب الأعمال الشعرية الكاملة لشاعر ثورة 19 المبدع بديع خيري جمع ودراسة وتحقيق د. نبيل بهجت. ويبدأ الكتاب بدراسة تحقيقية لأعمال بديع خيري يعرض فيها المحقق للعديد من قصائد التي تركها من دون توقيع أو بتوقيع مستعار ويعتمد المحقق علي أدلة مختلفة تثبت نسبة هذه القصائد بديع خيري ويقدم بعد ذلك ثبت لأعمال بديع خيري سواء كانت الأغاني أو المسرحيات المختلفة أو الافلام، ثم يعرض الكتاب بعدها للقصائد السياسية ثم المساجلات، ثم القصائد الاجتماعية، ثم القصائد التي وقعها بتوقيع مستعار، ثم لقصائد المناسبات، ثم للقصائد العاطفية، ثم لافتتاحيات مجلة ألف صنف، ثم للإعلانات الزجلية ثم للأغاني العامة ثم لأغاني الافلام، ثم لأغاني الاستعراضات والمسرحيات، ويقع الكتاب في قرابة 900 صفحة تقريبا وحرص المحقق أن يلحق كل قصيدة بتاريخ نشرها ومكانه ويعد الكتاب من أهم مصادر شعر العامية، إذ إن بديع من الشعراء العظام الذين كتبوا للشعب العربي وامتزج إبداعهم بوجدان الشعب من دون الوقف على اسمه فهو مؤلف العديد من الاغاني التي مازالت الى الآن محط اهتام الاجيال المتعاقبة وبديع بلاشك حمل راية الكفاح الوطني من خلال شعر العامية والمسرح، فهو شاعر ثورة 19 من دون منازع وابن الحركة الوطنية فيحكي انه وسيد درويش كانوا يجلسون الى العمال في المقهي لدفعهم الي تأسيس النقابات المهنية فهم ممن شكلوا وجدان الثورة والثوار اذا ان الثورات تلد مبدعيها الذين يزكون نارها ويشكلون الوجدان الجماعى الثائر، فأدب الثورات هو الذى يحشد طاقات الجماهير ومشاعرها لتصبح الثورة واقعاً مفهوماً ومحققا، فإذا كان اسم النديم قد ارتبط بالثورة العرابية، فإن القراءة المتأنية لتراث بديع خيرى المتناثر فى المصادر المختلفة تكتشف أنه كان لسان حال ثورة 1919، وبديع والنديم وجهان لعملة واحدة فهما صنيعة الثورة وميولهما الإصلاحية متشابهة إلى حد كبير. وقد برز ذلك على صفحات إصداراتهما، وتركت تجربة النديم الإبداعية آثاراً واضحة على بديع خيرى فجاءت مجلاته بالعامية تماما كما فعل النديم ليتسم خطابه بالعموم، واستعار بعض شخصيات "التنكيت والتبكيت" ووظفها فى نقد المجتمع. وعندما عادت مجلة "ألف صنف" للصدور فى أغسطس 1930 اختار لإصدارها يوم الثلاثاء، وهو اليوم الذى كان يُصدر فيه النديم مجلة الأستاذ. وكانت أزجال بديع خيرى البوابة الحقيقية لعالمه التى اكتشفت من خلاله الوجه الحقيقى لمصر، مصر الثورة، مصر الإبداع والتغير، حيث صاغ بديع الرؤية الشعبية لكثير من الأحداث في قصائده غير مكترث بالرؤية الرسمية. وبديع من مواليد القاهرة فى 18 أغسطس 1893، وتوفى بها أيضاً فى 3 فبراير 1966(1)، وينحدر بديع من أصول تركية، حيث نزح والده من الدولة العثمانية إلى مصر عام 1890 وعمل مراقب حسابات فى دائرة والدة الخديوى عباس الثانى، أما والدته فمن أصول مصرية، وكان جده لأمه يدعى الشيخ الليثى أحد كبار تجار الغورية. أرسله والده إلى الكتاب فحفظ القرآن وانتظم فى دراسته حتى حصل على دبلوم المعلمين عام 1914، ولقد ثقف نفسه منذ نعومة أظفاره بالثقافة الشعبية فانصهر فى مقاهى الجمالية والبغالة والإمام الشافعى، يستمع إلى ما ينشده شاعر الربابة من السير والأشعار متأملا ما تزخر به هذه المقاهى من فئات مختلفه ويقول عن هذه المقاهى ".. هى مدرستى الأولى فى التأليف المسرحى، حتى لهجات البلاد العربية عرفتها وحفظتها فى هذه المقاهى ، إذ كان يتردد عليها أبناء تلك البلاد الشقيقة الذين يدرسون أو يتاجرون أو يسيحون فى القاهرة ..." وعاش بديع خيرى آمال تلك الفئات وآلامهم وذاق مرارة الاحتلال، فانتسب للحزب الوطنى منذ صباه، ونشر وهو فى الثالثة عشر من عمره - عام 1906 - فى جريدة الحزب الوطنى قصيدة عن "عقيدة الحزب الوطنى" التى كان يعتنقها معظم أبناء الشعب المصرى فى ذلك الوقت ووقعها ب "ابن النيل" ومطلعها: خليلىّ ما أدعى النفوس إلى الردى إذا لم يكن فيها الشعار محدد قفا نبك أمالاً قفا نبك موطنا قفا نبك أحساب المروءة والندى وكرر النشر باسمه صراحة بعد ذلك، فأرسل إلى جريدة المؤيد قصيدة بمناسبة اختيار الشيخ "على يوسف" رئيساً لجمعية الهلال الأحمر بعد تكوينها ومطلعها: أكبر الجيش تحت ظل هلالك نعما فيضها هنا وهنالك يا رئيس الهلال حييت شيخا ثاقب الفكر فى أبر المالك وبذلك فإن البداية الأولى لبديع خيرى كانت بكتابة الشعر الفصيح، ويذكر أن أشعاره هذه لاقت قبولاً ورواجاً فيروى فى مقال نشره فى مجلة "الأستوديو" تحت عنوان "كتبت الشعر قبل الزج" فيقول: "... كنت من كتاب الشعر اللاّمعين منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وكانت هذه الهواية الجميلة هى الهواية الوحيدة المتملكة على زمام نفسى ومشاعرى فقد فكرت فى إرسال بعض أشعارى إلى الجرائد التى تصدر فى القاهرة.. ويبدو أن هذه الأشعار التى أرسلتها إلى الجرائد قد لاقت منهم الترحيب.. فلم يبخلوا بنشر بعضها.. وبدأت أشعارى تنشر على صفحات الأهرام والمقطم والأفكار والمؤيد. وكانت هذه الصحف من أوسع الصحف المصرية انتشاراً فى ذلك الحين ولكن كل هذا الرواج الذى لاقيته كشاعر مبتدئ لم يرض طموحى ولم يشبع آمالى.. فكتبت للمرحوم الشيخ على محمود قصيدة أقرب إلى التواشيح الدينية تحت عنوان "فى الغزل" وكانت هذه القصيدة أول قصيدة أكتبها وتذاع على الناس فى نغم دينى.... وفيها أقول: بربك يا من جهلت الغرام أعدلاً تلوم وتعذل صبا ؟ فإن شئت فى المغرمين احتكام تحب وإلا فسل من أحبا ؟ هنالك أن ذقت مر الجوى فتعذر ما عشت أهل الهوى لهيب يشب فيكوى الحنايا ودمع تفيه عيون البرايا يعاف المقاسون فيها الآما فبالله كن أيها الحب برداً عليهم ويا نار كونى سلاما وعمل "بديع خيرى" فور تخرجه مترجماً فى شركة التليفونات. وفصل منها على أثر إهماله لشكوى من بيت واطسون باشا، ثم عمل مدرساً فى مدرسة رفاعه باشا الطهطاوى فى طهطا، ثم فى مدرسة السلطان حسن فى شبرا، وفى تلك الفترة ألحّت عليه هواية نظم الزجل، وأراد من خلال إمكانياته ومواهبه أن يحدث تغييراً فى هذا اللون من النظم، بالرغم من نظرة الازدراء والاستهانة التى كان الناس ينظرونها للزجالين آنذاك ويقول "وبعد أن استقر بى الحال فى وظيفة التدريس، انتابتنى هواية جديدة.. نظم الزجل.. وكان الزجل يؤلف من خمسين أو أربعين بيتا، كلها من بحر واحد.. وكان يتزعم كتاب الزجل أربعة" شعبان عونى " و"عزت صقر" الذى كان يلقب بأمير الزجالين "ومحمد عبدالنبى" ودكتور العيون" إبراهيم شدودى، فكتبت الزجل الواحد على أوزان مختلفة، وإذ بالزجالين يثورون على، ويتهمونى بأننى شاب عابث بالقيم الزجلية..." كان ذلك فى بداية عام 1915 عندما كان يعمل مدرساً، وفى تلك الفترة كتب أول أغنية كان مطلعها إكمنه شايف روحه قمر والناس عشقاه تقلان عليا ومهما أمر أنا روحى فداه وفى الفترة ما بين عامين [1914-1918] مارست السلطات الإنجليزية تصرفات تعسفية (10) ضد الشعب المصرى لتضمن تأييده فى الحرب العالمية الأولى وسعياً منها لتوفير الإمدادات لجيوشها فى الحرب وكان طبيعياً أن تجنح الميول إلى طلب الترفيه والتسلية والسلوى تفريجاً للكرب الخانق وتنفيسا عن الصدور المحرجة، وبوحى تلك الميول والأشواق بدأ المسرح الضاحك يبزغ. وانتشرت فى هذه الفترة ظاهرة إلقاء المنولوجات، خاصة التى كانت تعلق على الأحداث التاريخية والأزمات المختلفة التى كانت تمر بها البلاد وارتفع قدر الزجل عندما دخل المنولوج المسارح حيث يلقى بين الفصول وأصبح له هدف ومرمى وكتب بديع خيرى أول منولوج له عام 1917 للمنولوجست "فاطمة قدرى"، وقدر له الذيوع والانتشار وكان مطلعه ليله العيد كنت مخدر فى ميدان عابدين ماشى اتمختر وبهذا المنولوج دخل بديع خيرى عالم المسرح ومع بدايه عام 1918 انفصل نجيب الريحانى عن مؤلفه أمين صدقى على أثر خلاف حدث حول مسرحية "حمار وحلاوة" وبدأ الريحانى فى البحث عن مؤلف جديد، فى الوقت الذى كان يعرض فيه بديع خيرى مسرحيته الأولى والتى كانت تقدمها فرقة نادى التمثيل العصرى وكان يخفى اسمه خشية أن يفقد وظيفته الحكومية وأعجب الريحانى بالمسرحية، إلا أن أحد أعضاء الفريق ادعى أنه مؤلفها فطلب منه الريحانى أن يكتب له لحنا عن "جماعة أعاجم" وكتب بديع اللحن ليقدمه هذا العضو باسمه للريحانى ومطلعه: إحنا يا فندم تجار أعاجم جينا من شان بيبيعوا بضاعة تمام وسرعان ما اكتشف الريحانى الحقيقة، فاتصل ببديع ووقع معه عقداً فى 18 أغسطس 1918 أصبح بديع بموجبه مؤلفاً لفرقة الريحانى، فكتب له استعراض " على كيفك "و"مصر" (1918 – 1920)، وبداية من الاستعراض الثالث "ولو" أنضم سيد درويش لفرقة الريحانى وفى مارس 1919 قامت الثورة وجاءت استعراضات تلك الفترة لتقف على قضايا العمل الوطنى وقدم بديع استعراضات " قولوله" الذى عرض فى 17/5/1919 و"اش" الذى عرض فى 23/6/1919 و"كل من ده" الذى عرض فى أكتوبر 1919 و"رن" الذى عرض فى 23/11/1919 وفشر الذى عرض فى 15/4/1920 وتعتمد هذه الاستعراضات بشكل كبير على الأغانى والحوار فيها ثانوى، ويهتم موضوعها بالتعليق على الأحداث الجارية، كما ترتبط بالواقع السياسى بشكل مباشر، ويعلق بديع على ما كان يكتبه فى تلك الفترة فيقول (فى الحقيقة كنا نقدم روايات استعراضية من نوع الريفيو لكن كنا نتناول فيها كل الأحداث السياسية أولاً بأول وننقدها بأسلوب ساخر لكن حماسى فكان كل استعراض مزيج من الضحك والإثارة وأيضا حث الشعب على الكفاح ضد الاستعمار.. وقد كلفنا هذا الكثير من السلطات وقد وصلنا من "كيف بوين "مدير الأمن العام الإنجليزى انذاراً بالنفى إلى جزيرة مالطة حتى نخفف من حده استعمال الكلمات التى يمتلىء بها مسرح الإجيبسيانة). ولم يقف بديع خيرى عند حد تغذية الاستعراضات بالأشعار التى تحرض الجماهير على الثورة فحسب إذ يروى أن بعض طلبة كلية الحقوق فى ذلك الوقت واللذين كانوا مطلعين على أسرار الثورة كانوا يطلبون إليه أن ينظم فى مناسبات وطنية كثيرة كلما حدث عراك بين الإنجليز والأهالى أو بسبب تعنت فى حرية النشر مع الصحافة أو القبض على بعض الوطنيين وفى 23 ديسمبر 1925 أصدر بديع خيرى مجلة "ألف صنف"، وهى مجلةاجتماعية ثقافية أصدرها بالعامية وأهتم فيها بالحركة الزجلية ، فنشر لكثير من زجالى عصرهوكتب على غلاف العدد الأول: أفرحو لى يا أحبه الزمان انصف بديع ألف صنف اسم الله شابه جت على كيف الجميع تكبر حبه حبه والجمايل لم تضيع وجعل فيها أبوابا ثابتة جاءت على شكل حواريات درامية مثل "مشكاح وريمه"، و"زعيط ومعيط" و"الشيخ بعجر"، "ماميش أغا"، و"جراب الحاوى"، و"مصطبة العمدة"، و"القط مشمس"، و"الأدباتى"، و"محكمة العشاق"، "وساعة لقلبك"، وحرص على نشر بعض أزجاله فى هذه المجلة وكان منها ما يحمل توقيعه أو توقيعاً مستعار، وأحياناً كان يتركها بدون توقيع اعتماداً على معرفة القارىء بأسلوبه، وتبنى في هذه المجلة قضايا الوفد وآرائه، وأصدر فى يناير 1926 بالاشتراك مع محمود طاهر العربى مجلة سياسية أطلق عليها " الغول" وكان أهم أبوابها "جولة فى المنام" التى كان يُعرض فيها بالسياسيين فى عصره، والجدير بالذكر أن جميع ما نشر فى هذه المجلة جاء من دون توقيع، وقام محمد محمود باشا بمصادرتها مع بداية عام 1929 وفى نهاية عام 1927 أصدر محمود طاهر العربى مجلة "مصر الحرة" ورأس بديع خيرى تحريرها، وكان أهم أبوابها "حقائق فى المنام" أو "جلسة فى المنام"، و"الأستاذ حمار"، و"تعليقات حمار"، ورفع اسم بديع من على الصفحة الأولى من المجلة بداية من العدد الصادر فى 13/9/1928. وفى 10/8/1930 أصدر بديع خيرى جريدة "النهاردة" وهى جريدة يومية هدفها الأساسى الجهاد من أجل الدستور، حيث كتب فى أعلى الصفحة الأولى "الأمة مصدر السلطات" وكتب أسفل الجريدة "النهار وليد الجهاد فى سبيل الدستور"، وجاء اهتمامه بالدستور انطلاقاً من الظروف التاريخية فى عصره آنذاك حيث عطلت وزارة محمد محمود باشا العمل بدستور 1923 فى عام 1928 وألغته وزارة صدقى باشا بعد أن تشكلت فى 1930 وأحلت محله دستوراً جديداً وكتب بديع افتتاحية للجريدة تحت عنوان " حديث النهار.. الميثاق" فقال "بسم الله وباسم الدستور نفتتح عهد الجهاد بهذه الجريدة فى سبيل مصر وفى سبيل ما تصبو إليه من حرية صحيحة واستقلال تام وفى سبيل ما تحرص عليه من حياةنيابية صادقة نحن وفديون وستكون هذه الجريدة لساناً صادقاً للإعراب عما تجيش به نفوس الأمة الوفدية من آمال ومصالح، وإنا لنعتقد أن ثمة شررًا يصيبنا من جراء مبدئنا ولكن ليس يثنينا عما اعتزمناه من جهاد فى سبيل الدستور وفى سبيل الاستقلال وسنظل أوفياء لمصر عاملين على خدمتها فى شتى دروب العمل المنتج، وقد نكون متعجلين للمستقبل أن نعد القراء بأن "جريدتنا ستكون ميدانا فسيحا للنقد البرىء الخالص والكفاح القوى والجرأة فى الحق والصراحة فى القول وسوف نضاعف هذا المجهود حتى نعاون النهضة الوطنية الشاملة فى نواحى الإصلاح والبناء فى كل غرض من اغراض النهوض والاستحداث ولن نطيل اليوم فى بسط ما اعتزمناه مكتفيين بأن يلمس القراء الكرام هذا العزم فيما نقدمه لهم من مجهود وطنى صادق وهو كل ما نملك فداء للدستور ولمصر الخالدة" (19) ولم تستمر الجريدة طويلا إذ صادرها إسماعيل صدقى بعد صدور عددها الثامن فى 17/8/1930 وعادت "ألف صنف" إلى الصدور مرة أخرى فى 19/8/1930 وعلى غلافها صورة لسعد زغلول وكتب بجوارها: حمد الله تانى على سلامتك يا ألف صنف يا بحبوحه قفلوكى ورجعتى بقمتك ثابتة على العهد نصوحه شهدت بفصلك و كرامتك حتى الأعادى الشردوحه ما أحلى النصيحه فى ترجمتك بلغة زعيط و حلمبوحه إلا أن إسماعيل صدقى سرعان ما صادرها فى 17/2/1930 بحجة أنها تحمل صورا خليعة والحقيقة أنها لم تحمل طوال هذه الفترة سوى صورة واحدة لسعد زغلول وكتب بديع خيرى على غلاف أحد أعداد ألف صنف منهجه فى الكتابة فقال لذه الحكمة المهوله شرحها بلغة الشوارع حاجه يفهمها بسهوله الصنايعى والمزارع أما إيه يعنى البطوله فى اشتقاق ماضى ومضارع إحنا جريدتنا العموله تجعلك يابو لبده بارع ووصف أحد معاصريه أسلوبه فقال ".. اختار أسلوباً ليتكلم به إلى الفلاح المصرى غير المتعلم وإلى طالب المدارس الابتدائية وإلى كبار الإدمغة والرؤوس خاطب الجميع بلغه تخاطب الجميع، تحدث إلى الكل بلغة واحدة مشتركة استفاد منها الكل.." وأصدر بعد ذلك بالاشتراك مع محمود طاهر العربى جريدة "الاستقلال" فى عام 1937، التى كان شعارها البناء والتجديد والعمل على تدعيم الاستقلال وصيانته وكتب فى صدر الصفحة الأولى "جريدة يومية سياسية تصدر يوم الخميس من كل أسبوع مؤقت"، إلا أن اسم بديع خيرى رفع من الجريدة وبقى اسم محمود طاهر العربى، والجدير بالذكر انه لم يشر فى مذكراته إلى مجلة "مصر الحرة" أو إلى "جريدة الاستقلال" بشكل يوحى أن ملكية هذه الصحف لم تكن لبديع خيرى. وكانت الدوريات التى أصدرها أحد أهم مصادر هذا الديوان ثم جاءت بعد ذلك الدوريات المهتمة بالزجل كالسيف والمسامير، والكشكول، والفكاهة، والمطرقة، والمصيدة، والفارس، والعروسة، والراديو، والإذاعة المصرية، والبعكوكة... واعتمدت أيضا على الدوريات الفنية التى كانت تتابع أخباره كالفنون، والمسرح، والتياترو، والمصور، والكواكب، والصباح وغيرها وكانت المكتبات الخاصة أحد أهم مصادر الزجلية. فالمتابع لألف صنف يجد أنه نشر العديد من القصائد بتوقيع مستعار فنشر مجموعة من القصائد تحت عنوان البزرميطات ووقعها ب "أبو فصاده" وأشار فى مذكراته أنه صاحب هذا الاسم، ونشر تحت اسم "الأدباتى" في العدد الصادر بتاريخ 20/4/1926 جزأ من قصيدة "يا بلد ضايعة ومسكينه" التى نشرها قبل ذلك فى مجلة الكشكول الصادر فى20/8/1922 موقعة باسمه، وأعاد نشر قصيدة الخرطومية الكبرى التى نشرها فى مجلة الكشكول بتاريخ 20/8/1922 فى العدد الصادر فى 20/4/1926 من مجلة "ألف صنف" بتوقيع " بلبوص" وأضاف إليها، وحذف منها فأبدل كلمة جربان فى البيت الثالث بجربوع، واستبدل الشطر الثانى من البيت الرابع عشر بشطر آخر، وحذف من البيت السادس إلى الثامن، ومن الثانى عشر إلى الثامن عشر، وعدل باقى الأبيات فجاءت القصيدة لتعالج مشكلة الفقر بشكل ساخر بعد أن كانت تعالج قضيه السودان لتصبح كما يلى وكانت الدوريات والمخطوطات والمكتبات الخاصة اهم مصادر هذا الكتاب.