استكمالا لموضوع هذه العيادة الصحفية الفائت والذي تطرقنا فيه للحديث عن تأثير الصيام على مريض الكلى والمسالك البولية ومدى إمكانية الصيام من عدمه، أعيد هنا التذكير انه عند الحديث عن تأثير الصيام على الكلى والجهاز البولي يمكن تقسيم المرضى الى عدة مجموعات رئيسية: فهناك مرضى القصور أو الفشل الكلوي ، وهناك مرضى التهابات الكلى والمثانة البولية، وهناك مرضى حصيات المسالك البولية. وأشرت إلى انه كقاعدة عامة لا بد لمريض الكلى من استشارة الطبيب المختص قبل الشروع في الصوم وذلك لتنظيم جرعات الدواء الموصوفة له ومعرفة إذا لم تكن هناك خطورة تحول دون أدائه فريضة الصوم. وفي العدد الفائت تطرقنا للحديث عن صيام مرضى القصور او الفشل الكلوي من النوع الأول والثاني ويمكن للقارئ الكريم الرجوع إلى عدد السبت 2 رمضان لربط الموضوع وفي هذا العدد نستكمل بقية أنواع مرضى الكلى والمسالك: المجموعة الثالثة وهم المرضى الذين أجريت لهم عملية زراعة الكلى: فيمكن لمريض زراعة الكلى أن يصوم بعد مرور عام من زراعة الكلى له إذا كان الجسم قد توافق مع الكلية المزروعة بشكل جيد، وعليه فإن المريض يمكنه تناول مثبطات المناعة اللازمة مثل عقار السيكلوسبورين الذي يؤخذ عادة كل 12 ساعة، بعد الإفطار وعند السحور مع ضرورة المتابعة اللصيقة مع الطبيب المعالج. أما بالنسبة لمرضى زراعة الكلى الذين لم تستقر حالتهم، فقد يؤدي الصيام إلى تأثيرات ضارة على الكلى المزروعة والجسم، لذلك يجب مراجعة الطبيب المعالج لهم قبل الشروع في صوم رمضان لتقرير مبدأ الصيام من عدمه. مرضى التهابات الكلى والمسالك البولية: بالنسبة لالتهابات الكلى والمثانة فغالبا لا يحتاج المريض إلى الإفطار في حالة عدم وجود قصور في وظائف الكلية وهذا يكون من خلال تشخيص الأطباء المختصين وينصح المريض من هذه الفئة بالاكثار من السوائل بعد الافطار الى وقت السحور لتعويض الجفاف الحاصل وقت الصيام كما قد يوصف للبعض مضاد حيوي وقائي في حال كون الالتهابات متكررة بواقع 4مرات في السنة الواحدة اواكثر. مرضى حصوات الكلى والحالب والمثانة البولية : يمكن للمريض الصيام بشرط شرب كميات كبيرة من السوائل بعد الإفطار حتى تساعد على تخفيف الأملاح وعدم ترسبها وطرد الحُصيات الصغيرة مع ضرورة الانتباه إلى الإقلال من تناول اللحوم الحمراء، وملح الطعام والسبانخ والطماطم والمكسرات والشاي والقهوة،وكذلك عليهم تجنب التعرض للمجهود الشديد أثناء النهار وتجنب التعرض للحر الشديد . وفي النهاية يخضع اقرار القدرة على الصيام من الناحية الطبية لمشورة الطبيب المسلم الأمين فهو الذي يقرر قدرة مريضه على الصوم أو لا كما ورد في هذه الفتوى لرئاسة إدارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة والتي كان يرأسها وقت الإجابة على الفتوى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله. يقول السائل : [ مرضت بمرض الكلى وأجريت لي عمليتان ونصحني الأطباء أن أشرب الماء ليلاً ونهاراً وبما لا يقل عن لترين ونصف يومياً، كما أخبروني أن الصيام والكف عن شرب الماء ثلاث ساعات متتالية يعرضني للخطر، هل أعمل بكلامهم أم أتوكل على الله وأصوم مع أنهم يؤكدون بأن عندي استعداداً لتكون الحصى ، ماذا أفعل؟ وإذا لم أصم فما الكفارة التي عليّ دفعها؟] وكانت الإجابة : [ إذا كان الأمر كما ذكرت، وكان هؤلاء الأطباء حذاقاً بالطب، فالمشروع لك أن تفطر؛ محافظةً على صحتك ودفعاً للضرر عن نفسك، ثم إن عوفيت وقويت على القضاء دون حرج وجب القضاء، وإن استمر بك ما أصابك من المرض أو الاستعداد لتخلق الحصى عند عدم تتابع شرب الماء وقرر الأطباء أن ذلك لايرجى برؤه وجب عليك أن تطعم عن كل يوم أفطرته مسكيناً.] ختاما تقبل الله من الجميع عبادته وأدام عليكم الصحة والعافية. الإكثار من السوائل بعد الإفطار يعوض الجفاف