للأسف صرت أسمع مثل هذا الكلام كثيراً «الولد صار يمون »!! .. عندما يشتكي الأب أو الأم من ابنهما او ابنتهما حينما يتخطيان حاجز الأدب في التعامل مع الأبوين أو حتى في طريقة الكلام معهما.. فعبر جيل اليوم صرنا نرى ونسمع صوراً لرفع التكلفة بين الأبناء وآبائهم حتى أصبحنا نرى أن الابن ينادي أباه باسمه المجرد فيقول (يا محمد) .. أو(يا صالح).. وربما يتطور الأمر أكثر من ذلك فيقول له مثلاً: (يا أبومحمود كلم أم محمود ، بدلا من (يا أبي كلم أمي ). أنا لا أبالغ بذلك ولكن أصبح هذا الأمر جزءاً من الواقع الذي يقره الأبوان ويتعايشان معه ويرضيان به دون أدنى استغراب. إن استمرارية التعامل بهذه الطريقة من رفع التكلفة وعدم احترام منزلة الابوة وتبجيلها. بدأت بخطوات: الأولى بدأت بتقليد الطفل لأحد مستخدمي هذه التسميات (كمناداة الأم للأب) أو استخدام الأصدقاء أو أحد الأقارب لهذه الألقاب، وكانت نتائج هذا التقليد هو إعجاب الوالدين وانبساطهم لاستخدام الابن الصغير لهذه الألقاب، ومن ثم أصبح شيئاً عادياً بالنسبة للطرفين «له ولهم». أما ثاني خطوة وهي عدم التبجيل والاحترام لدرجة أن الأب أثناء حديثه مع ابنه يقوم الابن من المجلس قبل أن ينهي الأب حديثه، متلفظاً ببعض العبارات التي يعلن فيها رفض سماع كلامه وردعه بطريقة لفظية وإذا كان أبناؤنا يتعاملون مع آبائهم بهذه الطريقة من عدم الاحترام وقلة التقدير وعدم المبالاة، في وقت الآباء في مرحلة العطاء، فماذا ننتظر منهم إذا وصل الآباء لمرحلة الأخذ والحاجة؟! أخشى أن هذا الجيل بدأ يقلد أبناء الغرب الذين يعتبرون أن أحد حقوقهم هي المناقشات الحرة، والمشاركة في أخذ القرارات الابوية، والعتب واللوم الذي قد يصل إلى درجة التوبيخ. ومثل هذه السلوكيات يفترض أنها تجعل الوالدين يقفون مواقف حازمة مخالفة تماماً لما هم عليه الآن. فما يفترض من قبل الابن هو الاحترام والتقدير والرحمة والعطف للأب. ويكون هذا بدافع حب صادق من مشاعر جياشة وعواطف صادقة، ومشاعر سليمة من تربية تغرس من قبل الآباء في الأبناء ويكون ذلك منذ السنوات الأولى من مراحل نمو أبنائهم وأولى خطوات هذه التربية هي عدم رفع التكلفة، فمتى ما تصرف الابن بسلوكيات تدل على أنها بداية خطوات «رفع التكلفة» لا بد أن يكون هناك ردع قاس وحزم في ردة فعل الآباء وعدم التهاون لأن بدايات عدم الاحترام اللفظي تصل من الألفاظ إلى الأفعال. وهنا يصبح على الآباء بدلاً من أن يفكروا في مستقبل الأبناء، فإنهم يفكرون في مستقبلهم هم. فكم من الآباء والأمهات كان مأواهم الأخير هو دور رعاية المسنين والكثير من التسفيه والاحتقار لهم من قبل أبنائهم.