لقد انتظر خالد بن محمد بن ضرمان القحطاني حوالي عشرين عاماً ليصدر الجزء الثاني من كتابه (منتقى الأخبار من القصص والأشعار) وقد تعطي هذه المدة الطويلة انطباعاً إيجابياً لدى المهتمين يوحي بحرص المؤلف على البحث والتقصي وجمع مادة جديرة بالنشر تتوافق مع منهجه الذي حرص فيه على تدوين ما لم يسبق تدوينه من القصص والقصائد وهذا منهج يشكل إضافة نوعية لتراثنا الشعبي، وقد احتوى في بابه الأول الذي هو لب الكتاب وعماده على حوالي ثمانين قصة وقصيدة أما الباب الثاني فقد أفرده لمجموعة صغيرة من حداء الخيل وفي الباب الثالث وضع مقتطفات من اختياره في الوصف والحكمة والقهوة في حين خصص الباب الرابع لعدد من الهجينيات الخفيفة اللطيفة. وبغض النظر عن تنظيم الكتاب وإخراجه فقد وجدت أن المؤلف بذل في هذا الكتاب جهداً مشكوراً كما نجد أنه على اطلاع بما ينشر من الكتب المتعلقة بالأدب الشعبي من القصص والقصائد، ولذا فهو حين يورد قصة أو قصيدة مما سبق نشره في تلك الكتب إنما يوردها ليستدرك على ما فيها من المعلومات إما باستكمال أبيات القصائد أو توضيح قصتها أو ذكر بعض الأسماء المهملة أو التصحيح للأخطاء وما شابه ذلك، وهو في كل ذلك يذكر أسماء تلك المراجع التي ينقل عنها بأرقام الصفحات؛ ومن المقتطفات التي أوردها المؤلف في هذا الكتاب: قول الشاعر حميد الرشيدي: المدح في غير ناسه يعتبر عيبِ لْيا مدحت الردي ما تطيعك الناسٍ وليا مدحت الذي ساسه على طيبِ كلٍ معك قال :نعم بطيّب الساسِ وقول الشاعر مجدل القحطاني: الشعر ما هو بطرف لمن بغى خمّه تو المحاضر يحسب الرجل ما قالِ إن كان لك بندقٍ في ضربها زمّه ضرب الرجاجيل غيرك فيه زلزالِ وقول الشاعر فنيس بن ملفي الغربي: المال دونك يشيّخ هطل الأذاني اللي يحالي طليّه قيل: يا طيبه المال لو هو يجي كسبٍ بالأيماني يهلك من الجوع ما صادت مخاليبه ومن الهجينيات التي جمعها المؤلف في كتابه قول أحدهم: يأبو دواوير وهلالي حطن على البال وأفطن لي ترى الدرك لاحقٍ حالي جرن عن الشمس بالظلي وقول أحدهم: سدّك على العفن لا تبديه ما سمعت أذنه يعلم بّه الطيّب لو أنت ما توصيه هو يامنك وأنت تامن به ومن بار بالسوق لا تشريه لا صار منتب بخيصٍ به والحقيقة أن الكتاب لا يخلو من لمحات تاريخية تؤكد أهمية الشعر النبطي كمصدر تاريخي.. كما يتضمن قصص وقصائد واختيارات جميلة تستحق التدوين والقراءة وتتوافق مع ذائقة كل من يعرف قيمة الموروث الشعبي.