في الوقت الذي تتأهب فيه مناطق المملكة لإطلاق مهرجانات سياحية، يحزم كثير من الشباب حقائبهم مغادرين المملكة؛ لقضاء إجازتهم الخاصة خارج الوطن، حيث تشهد موجة السفر إلى الخارج إقبالاً كبيراً يزداد كل عام خصوصاً من "المراهقين"، في ظل غياب الأسرة عن توعيتهم، وتنامي خطر رفيق السفر الذي عادة ما يؤثر بشكل سلبي، ويرجع كثير من الشباب سبب توجههم للسفر خارج المملكة إلى عدم توفر أماكن وبرامج سياحية لهم، وارتفاع أسعار الشقق المفروشة. الحرية لا تعني الانفلات من القيم والضعف أمام «المغريات»..والأهم «الرفيق قبل الطريق» الوعي تجاه السفر بدايةً بيّن "محمد سعيد القحطاني" -أكاديمي مبتعث لدراسة علم الإشعاع والطب النووي من جامعة الملك خالد- أنّه عند الحديث عن السفر خارج الوطن تبرز نقطة محورية وهي كيف نحصّن أنفسنا للحفاظ مكتسباتنا الثقافية ومبادئنا الدينية والوطنية؟. وقال:"إنّ إجابة هذا التساؤل تدور حول الوعي الأسري تجاه السفر وإعطاء أفراد الأسرة من بنينٍ وبنات الثقة الذاتية والإدراك الثقافي قبل وإبان السفر، منوهاً أنّ هذا الوعي الأسري يتمثل في تسليح أرباب الأسرة من أب وأم لأبنائهم بالعلم والإدراك، وكذلك تقوية الجوانب المعرفية من خلال حثهم على القراءة والإطلاع وسبر أغوار العلوم والثقافات المتعددة". واضاف:"أرى أنّ مثل هذا الحث والتوجيه حق للأبناء على آبائهم في عصر لا مقياس فيه إلاّ ما يحمل المرء وما يدرك من علوم وثقافات، ومازال لمجتمعنا بما فيه من تكافل وتعاون دوره المهم في تنمية ثقافة السفر وصناعة جيل قادر على التعاطي مع كافة الظروف ومختلف الأمم والحضارات، وتتحمل مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية بشتى أنواعها ومستوياتها مسؤولية أولية تجاه الأجيال الحديثة في ووطننا الغالي، وتتمحور هذه المسؤوليات في توفير المحاضن التربوية التثقيفية التي تصنع منهم جيلاً قادراً على بناء مستقبل زاهر، وبناء مفهوم ثقافي فكري يعينهم في إقامتهم وسفرهم". الوعي بمعرفة التنظيمات والتعليمات يساعد المسافر على تجاوز العقبات دور الأسرة وشددت "د.منال بنت إبراهيم مديني" -وكيلة الأنشطة بعمادة شؤون الطلاب بجامعة الملك عبدالعزيز- على الدور المحوري للأسرة من خلال تنمية الرقابة الذاتية وزرعها في نفوس الأبناء، وتكثيف الجوانب التوعوية له، إضافةً إلى دور وزارة التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم في توعية الشباب، إذ من المفترض أن تُنظم أنشطة آخر كل عام دراسي تهدف إلى رفع ثقافة الشاب وتعريفه بالمناطق السياحية والخدمات المتوفرة في المملكة، إضافة إلى تنمية الحس بالمسؤولية خلال سفره بكونه ممثلاً وسفيراً لوطنه، رافضةً فكرة أن يسافر الشاب وخصوصاً المراهق بمفرده خارج المملكة، معللةً ذلك بكون الشاب مازال يحتاج إلى من يوجهه ويراقب تصرفاته كي لا تحدث أمور لا تحمد عقباها، مشيرةً إلى أنّ السياحة الداخلية في الوقت الراهن تسير بشكل جيد، من خلال الجهود التي تبذلها هيئة السياحة والآثار لتوفير واستحداث برامج وأماكن سياحية تجذب المواطنين والمقيمين، حيث تنظم بحملات إعلامية وترويجية قبيل انطلاقة الصيف تخدم البرامج والفعاليات والمناطق السياحية من خلال الإعلام المقروء والمرئي والمسموع، إضافة إلى إعداد برامج مطولة لتغطية المهرجانات التي تكون في مدن ومناطق المملكة، مقدمةً شكرها على هذه الجهود ومطالبةً بمزيد من الخدمات التي تستهدف فئة الشباب، إضافةً إلى مراقبة الأسعار خلال فترة الصيف. عائض بن مرزوق الفراغ وغياب الرقابة وأوضح "مساعد بن غرم الله الغامدي" -طالب جامعي- أنّه يحرص في اختيار رفيق السفر يتم من خلال معايير كأن يكون أفضل علماً قدر المستطاع حتى يستفيد منه، وأن يكون مرحاً حتى يقضيا الرحلة باستمتاع، إضافةً إلى ضرورة أن يكون عاقلاً في تصرفاته، لافتاً إلى أنّ دور الأسر في توعية أبنائها وبناتها خلال السفر بات أمراً نادراً، حيث يسافر الشباب والبنات إلى الخارج مع أصحابهم وإعطاء الأهل فكرة بسيطة عن الموضوع، وبعضهم يسافر وأهله لا يعلمون، مرجعاً توجه الشباب إلى السفر خارج الوطن إلى قلة الأماكن الخاصة بالشباب المهيأة بشكل جيد للتنزه والسياحة، والفراغ وعدم استغلال الوقت فيما ينفع، فيما يقابل ذلك غياب رقابة الوالدين، ووجود المال الوفير في أيدي المراهقين. محمد الزبيدي تأثير الأصدقاء وذكر "عائض بن محمد بن مرزوق" -مدير المكتب الإعلامي بجامعة الملك عبدالعزيز- أنّ بعض الشباب والمراهقين يسافرون للخارج هرباً من القيود والمنع، ويواكب ذلك قلة الوعي وضعف الجانب الثقافي والديني، حيث إنّ الشاب قد يتعرض لتأثير أصدقائه المقربين والذين عادة ما يقدمون له الوجه السلبي والبعيد كلياً عن القيم والأخلاق ويصورون له السفر خارج المملكة بكونه مساحة يتخلى فيها عن أخلاقياته، مبيناً أنّ هذا السلوك ينميه عدم إطلاع الأسر ومؤسسات المجتمع الرسمية وغير الرسمية على واجباتها ومسؤولياتها تجاه أبنائها ورفع مستواهم الثقافي لكونهم يمثلون الدين والوطن، مضيفاً "للأسف التوجه الاستثماري في المملكة يستهدف العائلات فقط؛ لذلك نجد لافتات تمنع دخول العزاب تتصدر بوابات الأماكن الترفيهية وهذا إهمال لفئة الشباب والتي تمثل (65%) من سكان المملكة، كذلك الأنشطة والبرامج التي تديرها الجهات الحكومية لا تشمل الشباب، فليس هناك مشروعات جادة لتبني أفكار وخطط تخدم فئة الشباب، الذين لا يجدون ملاذاً لهم سوى المقاهي والاستراحات"، متمنياً أن يتم الموافقة على إنشاء وزارة الشباب والتي من شأنها أن تكفل عملية تفعيل الدور الحكومي والخاص لخدمة فئة الشباب. علي الغامدي التضييق على الشباب وأفاد "أحمد ماطر عسيري" -طالب جامعي- أنّ دور الأسرة في توعية أبنائها مهم جداً لتبيين الطريق الصحيح لهم، مبيناً أنّ من الإشكالات التي تنجم عن سفر الشباب خارج المملكة هي الضعف أمام المغريات، موضحاً أنّ من أهم الأسباب التي جعلت الشاب يلجأ إلى السياحة خارج المملكة هي التضييق الذي يجده في الداخل، وعدم توفير الخدمات المناسبة للشباب، مؤكداً على أنّ السياحة الداخليه تحتاج مزيداً من الاهتمام وتظافر الجهود للنهوض بها بتوفير أماكن مناسبة وتجهيزها بأفضل التجهيزات، والاهتمام بحركة المواصلات، وتكثيف الرقابة على المطاعم وأماكن السكن. عمر مسعود عدم توفير الأماكن وأكّد "علي بن سحمي الغامدي" -طالب جامعي- على أنّ الشاب يلجأ للسفر خارج المملكة؛ بسبب عدم توفر الأماكن والبرامج السياحية التي تستهدفه، حيث إنّ أغلب الأماكن مخصصة للعوائل، مشدداً على ضرورة أن يُعطى الشباب اهتماماً أكبر وأن تُوفر لهم الأماكن والبرامج السياحية، فالمبالغ التي تصرف خارج المملكة ضخمة والبلد أولى بها، مبيناً أنّ الأسر والمؤسسات الإجتماعية عليها مسؤولية كبيرة في رفع ثقافة الشباب سياحياً من جوانب مختلفة تبدأ من اختيار الصديق الذي سيرافقه في السفر، وكيفية تمثيل الدين والوطن والقيم بشكل لائق، مستغرباً من ضعف التوعية في هذا الشأن. أحمد عسيري رفيق السوء وأشار "محمد بن سالم الزُبيدي" -مدير مدرسة- إلى أنّ السفر خلال فترة الإجازة الصيفية أصبح هاجس الكثير من الشباب من حيث تحديد الوجهة وكيفية قضاء الوقت، معتبراً أنّ شريحة المراهقين تتأثر بالفراغ ورفقاء السوء؛ مما يقود البعض منهم للسفر خارج الوطن فيكون التأثير على حياة وسلوك المراهق لغياب الرقابة وتوّفر الملهيات، موضحاً أنّ دور الأسرة من أهم الأدوار في تربية النشء والمحافظة عليه، حيث يتحمل ولي الأمر مسؤولية كبيرة عندما يعرض فلذة كبده إلى مخاطر ومفاسد عظيمه يعود تأثيرها سلبياً على سلوكه وأخلاقه وصحته، مضيفاً: "السياحة أصبحت مصدراً أساسياً لرفع الدخل والمستوى الاقتصادي في كثير من الدول، وما إن يقترب فصل الصيف إلاّ ونجد العروض من حجوزات وفنادق ومنتجعات، وتبدأ العائلات تحزم حقائبها بحثاً عن الجو والراحة بعيداً عن رتابة الحياة اليومية، ولو نجحت السياحة الداخلية وتكاتفت الجهود في جذب العائلات والشباب سيستغني الكثير عن السفر للخارج". مساعد الغامدي برامج منظمة وكشف "حسن البقمي" -مدير مكتب وكيل شؤون الطلاب بجامعة الملك عبدالعزيز- أنّ غياب عوامل الجذب في السياحة الداخلية دفعت الشباب للسفر إلى الخارج، إضافةً إلى أنّ أسعار الشقق مرتفعة جداً وبحسبة مادية يكون السفر للخارج يوفر على الشاب الكثير من المال، ويتيح له فرصة الإستمتاع بإجازته وقضاء وقت جميل في مناطق وبرامج سياحية منظمة، مطالباً بإنشاء قرى سياحية وتخصيص أماكن ترفيهية للشباب، والحد من رفع الأسعار، ملقياً باللوم على الأسر لعدم ممارستها لدورها المفترض تجاه أبنائها من خلال توعيتهم ومعرفة أسباب سفر الابن ومع من سيرافق خلال سفرة، والذي قد يسافر مع أصدقاء ليسوا على مستوى المسؤولية فيتصرفون بأساليب خاطئة لا تمثل البيئة والقيم التي خرجوا منها. حسن البقمي 50 مليار ريال ولفت "عمر محمد مسعود" -طالب جامعي- إلى أنّ المملكة تتميز بأماكن سياحية كالمناطق الجنوبية فهي ذات طبيعة خلابة وأجواء ممطرة صيفاً، متسائلاً: "ماذا قدمت هيئة السياحة للسائح؟، فالسكن غير متوفر وإن وجِد فأسعاره غالية"، مبيناً أنّ سفر المراهقين إلى الخارج جاء لعدم وجود بدائل في الداخل، موضحاّ أنّ حاجة المجتمع إلى توعية تتضح جلياً في ما أعلنته هيئة السياحة والآثار بأنّ مجموع الأموال التي يصرفها المسافرون إلى خارج المملكة بقصد السياحة (50) مليار ريال سنوياً. محمد القحطاني