ماذا تعني تصريحات وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك في زيارته الحالية لواشنطن؟ حين ذكر بانه أصبح من المطلوب على مستوى المنطقة والعالم التخلص من النظام السوري، إن هذا التصريح يضعنا في منطقة التقديرات العسكرية الاسرائيلية للوضع في سوريا، وهي تقديرات تحدد الخطر على أمن إسرائيل الذي إنحصر فقط في السلاح النووي الإيراني، ولهذا الخطر حسابات استراتيجية دقيقة قد تجعل من دمشق ممرا مشتعلا لضرب برنامج طهران النووي.. الجنرال الإسرائيلي الذي فشل في مفاوضات السلام عام 2000م "كامب ديفيد الثانية"، أمام إصرار الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات على التمسك بالقدس عاصمة لدولة فلسطين، هذا الفشل الذي استثمره جيدا خصمه السياسي بنيامين نتنياهو، وأسقطه مع حزبه العمل لصالح حزب الليكود، هذا المنافس العنيد هو رئيسه اليوم الذي حمله رسالة عسكرية لإبلاغها سيد البيت الأبيض ومعاونيه، وليس من القبول أن تكون رسالة وزير الدفاع سياسية تقبل النقاش وطرح الاختلاف معها، وعندما يصل الأمر للحسابات العسكرية فتكون تل أبيب قد حسمت أمرها الذي بات جليا في هذا التصريح بأن الدولة العبرية تساند الجهود التي تسرع بإسقاط نظام الأسد، ويعني هذا وبكل وضوح أن أية فرصة سياسية لم تغد متاحة أمام النظام السوري ولم يتبق أمامه وقتا للمناورة السياسية لكسب عام جديد يضاف للعام الذي مضى بالحيل والقتل والتشريد لشعبه، ولم تعد ورقة القاعدة والجولان اليوم سلاحا نافذا يصطاد به نظام البعث القوة المترددة لضمان حيادها وإبعادها عن ساحة الأحداث في سوريا، كانت فترة عام تعد وقتا كافيا لتضع إسرائيل تصوراتها للكيفية التي يجب أن تكون عليها معالجتها السياسية والأمنية للثورة في سوريا، فبهذا الموقف الذي لم يكن مفاجئا زادت قناعة أصحاب القرار في تل أبيب بأن الجولان التي كانت آمنة بوجود الجيش السوري على حدودها لن تكون أبدا في خطر في غيابه، والجديد بتوجه اسرائيل هذا أنه حرك موقفها من الحياد والحذر إلى مناصرة حق الشعب السوري، وهو موقف لم يتوقعه نظام الأسد ولم يكن مقبولا قبل عام عند الشعب السوري، فبين عدم التوقع وعدم القبول، أصبحنا أمام حسابات سياسية خاسرة للنظام، وأمام قوة شعبية جديدة أتيحت لها للمرة الأولى منذ 40 عاما حرية التعامل مباشرة مع تعقيدات السياسة. هل قدمت تل أبيب حلا لواشنطن للوضع في دمشق، يتضمن اسما لرئيس أو حزب تستطيع أن تتعايش معه سياسيا جميعها خيارات تتقدمها كلمة "ربما" التي لا تميل إلى أية اتجاه، ولكنها تقبل كل اتجاه. إسرائيل بهذا الموقف أعطت واشنطن تقريرها الميداني والنهائي عن الوضع في سوريا، والذي لن يتقدم عليه تقرير آخر حتى لو كان هذا التقرير من واشنطن ذاتها، فربما بعد زيارة وزير الدفاع الاسرائيلي لواشنطن سنشهد اجتماعا بين المعارضة السورية وموسكو وقد تتفق بعدها هذه الأخيرة مع طهران على طريقة آمنة لخروج حليفهما الأسد نهائيا من سوريا، وغير ذلك ربما تلتحق لبنان بربيع طائفي وليس عربيا يتبعه تدخل عسكري اسرائيلي مدعوم من واشنطن وعندها سوف نشاهد صورة حسن نصرالله بجوار بشار الأسد، ولكن كيف سيكون وضع هذه الصورة؟ قد تكون صورة مشابهة تماما لصورة نهاية أسامة بن لادن.