تلتقي أحدهم فتتبادلان التحية، يناديك باسمك فتجيب لكنك تعجز عن تذكر اسمه رغم أنك تعرفه أو سبق لك رؤيته، لكن لم تستطع تحديد نوعية العلاقة وقوتها التي من الممكن أن تدفع اسمه للبقاء معك. يناديك ويمعن في ترديد الاسم، وتحاول جاهداً تذكر اسمه فتعجز عن ذلك. الطريف في الأمر أن البعض يلتقط لحظة عجزك عن تذكر اسمه فيحاصرك مستمتعاً أكيد ما عرفتني؟ أكيد ناسيني؟ وقبل ان ترد يصدمك تذكرتني؟ لم تكن خرجت من دوامة السؤال الأول حتى تستطيع أن تجيب على الثاني، تقول له أنك تعرفه، وسبق لك الالتقاء به، لكن تعجز عن تذكر اسمه إن كنت تريد الخلاص، أو اغلاق اللحظة المحرجة، ورغم أن البعض يتمادى في توسيع للحظة الفراغ لديه ويعيد ويزيد بتذكيرك بمواقف ولحظات التقاها معك إلاّ أنك لا تستطيع التقاطها أو التجاوب معها. هذا الموقف قد يتكرر مع الكثيرين، وقد تفاجأ بأحدهم يقول لك التقيت بفلان ولم أعرفه، أو أتذكره وقد يخجل البعض من هذا الموقف، ويعيدونه إلى الذاكرة، أو النسيان التعيس، والأهم أن هذا الأمر لا يرتبط بسن ولكن بأشخاص تختلف أعمارهم. وقد لا يتكرر دائماً ولكنه دائم الحدوث بين آن وآخر، وقد يشخصه البعض بأنه يأتي بسبب صعوبة الحياة، وكثرة الانغماس في العمل، والركض اليومي دون أن يجدوا تفسيراً آخراً لذلك. والبعض قد يسميه ضعفاً في الذاكرة رغم أنه لم يدخل بعض على تردي الذاكرة، وضعفها. لكن تناول العلماء هذه الظاهرة؟ وهل لها مسمى؟ يقول الطبيب الألماني توماس جروتر بأنه ليس بمقدور بعض الأشخاص أن يتذكروا وجهاً رأوه من قبل، ويعترف بأنه ما كان يمكنه أن يتوقف عند وجه ما، مما يعني أنه لم يتعرف عليه. هذا الطبيب كرس مهنته وتخصص فيما يعرف ب(عمى الوجوه) كما أصبح خبيراً في التعرف على الأصوات، وهو يستخدم العديد من الحيل لتفادي الاحراج، بارتكاب هذه الزلة الاجتماعية من عدم التعرف على الوجه أو الصوت، يقترح العلماء الألمان أسباباً عديدة لهذه الظاهرة من بينها إصابة الشخص باضطرابات معرفية، ويضيف د.جروتر أنه قبل عام 2005م، كان يعرف اضطراب عمى الوجوه فقط بشكوى من الشخص نفسه الذي يعاني ويعتقد أنه أمر نادر. وترجع الاحصاءات الألمانية ان معدل الاضطرابات المعرفية بين الشعب الألماني، تصل إلى 215٪ مما يعني إصابة الملايين باضطراب عمى الوجوه والأصوات عبر القارة الأوروبية. غير أن الأمر مختلف في مجتمعات بدائية وغير متعلمة، حيث تلعب الثقافة دوراً في هذا الصدد، إذ سيلفت ظهور مرض الاضطراب المعرفي أنظار باقي المجتمع باعتباره أمراً لم يخبروه من قبل. ورغم هذا التشخيص العلمي يعتقد البعض ان الذاكرة تلعب دوراً كبيراً في ذلك ويصرون عليه حيث يربطون مواقف كهذه من النسيان يضعف الذاكرة وتراجعها رغم ان الشخص لا يزال في سن مبكرة. ويرى هؤلاء غير العلميين ان التدهور المعرفي والادراكي لديهم هو الذي يدفع إلى صعوبة التذكر والتأثير على مهارات التواصل، أو تعلم مهام جديرة ولذلك هم يجدون ان التعامل مع الوسائل التي تساعد على تحسين صحة الدماغ والوقاية من التدهور المعرفي هي الطريق المؤدي للحفاظ على ذاكرة قوية ومن هذه الوسائل: 1- المحافظة على الوزن المثالي المعتدل - الكشف عن نسبة الكوليسترول في الدم وأن تظل في المعدل الطبيعي - أن يظل معدل ضغط الدم تحت السيطرة دائماً - تناول وجبات غذائية صحية قليلة الدسم - اشتمال الأطعمة اليومية على الحبوب الكاملة والخضار والفواكه - الابتعاد عن تناول الدهون المشبعة - ان يتضمن النظام الغذائي المتبع يومياً على أحماض دهنية - استشارة الطبيب قبل أخذ أي أدوية مقوية أو مكملة غذائياً. وأخيراً تناول فيتامين (ب 12) ومكملاته وحمض الفوليك التي تلعب دوراً مهماً في تحسين الصحة والقدرة العقلية والذاكرة القصيرة والطويلة الأجل، وتحافظ على الوظائف الادرالية بصورة جيدة لمدة أطول على نطاق واسع.