من المثير إعلامياً رصد تناقضات صارخة في تصريحات المسؤولين، وبخاصة حين يمثلون جهات يفترض أن بينها أعلى درجات التنسيق والارتباط، ومن ذلك التصريحان المتناقضان اللذان نُشرا بداية هذا الاسبوع وهما : التصريح الأول : أكد محافظ هيئة تنظيم الكهرباء والانتاج المزدوج أن مناطق في وسط الرياض ستواجه حدوث انقطاعات متكررة في الكهرباء، وسيعاني كل مواطن هناك من انقطاعاتها وبخاصة طريق الملك فهد وحي العليا، لأن مستوى الأدوار الذي كان مسموحا به للمباني لا يتجاوز الدورين وتم رفعها الى أربعة وستة أدوار ثم الى أكثر من 20 دورا في حين أن محطة توزيع الكهرباء في هذه الأحياء لا تحتمل أكثر من 6 أدوار للمبنى الواحد، وأن القطاعات المسؤولة عن التخطيط والبناء في هذه المناطق لم يستشيروا شركة الكهرباء قبل اعتماد خططهم موضحا أنه من المستحيل أن تتمكن الشركة من ايجاد أرض لتبني عليها محطة في مثل هذه المناطق. التصريح الثاني : طمأن نائب الرئيس للشؤون العامة في الشركة السعودية للكهرباء المستثمرين وسكان أبراج العليا وطريق الملك فهد وغيرهم بأن الكهرباء لن تنقطع عنهم، مشيرا إلى أن هناك تنسيقاً مع المطورين العقاريين والمستثمرين لتأمين الطاقة الكهربائية اللازمة لهذه المشاريع. ومحطات التحويل والتوزيع في جميع الأحياء يتم تصميمها، وفق مواصفات تلبي حاجة المباني والمجمعات التجارية بصرف النظر عن عدد الأدوار . إن التصريحين السابقين مجرد مثال قد يكون لهما ملابسات معينة أو ظروف معينة، أو أن نقل أحد التصريحين لم يكن دقيقا، ما جعلهما يظهران بهذا التناقض الكبير ، وهذا المقال ليس للوم صاحبيْ التصريحين أو انتقادهما، فالقضية الأهم هي أن تناقض تصريحات المسؤولين وإيرادهم معلومات متباينة تماما هو مؤشر خطير على أن كثيرا من البرامج(إن وجدت) لا تبنى في سياق رؤية شاملة ومن خلال التخطيط العلمي ، فعلاً لا قولا، المبني على معلومات دقيقة وحديثة ، ما سيزيد من معاناة سكان مدننا الكبرى في المستقبل من تردي الكثير من الخدمات، مالم يتم تدارك ذلك بحزم وبحس وطني بحيث تعمل كافة الجهات الحكومية بالأسلوب الاحترافي الصحيح .. لا " بالبركة " .!