هل تشعر بآلام في منطقة أعلى الظهر مابين الكتفين ؟ هل تزداد هذه الآلام مع المجهود؟ هل تعاودك هذه الآلام لشهور أو لسنوات ولا تستطيع التخلص منها؟ إذا كانت الإجابة بنعم فربما يجب عليك قراءة هذه المقالة في هذا اليوم والاسبوع بعد القادم ان شاء الله تعالى. إن منطقة أعلى الظهر المعروفة بمنطقة الفقرات الصدرية هي المنطقة التي تقع تحت العنق وأعلى الخاصرة. هذه المنطقة تتميز بوجود اثني عشرة فقرة تسمى الفقرات الصدرية. كما أن هذه المنطقة يميزها ارتباط الأضلع بالفقرات من الناحية اليمنى والناحية اليسرى. ووجود هذه الأضلع يوفر ثبات ودعم لمنطقة الفقرات العنقية. هذا الدعم يؤدي إلى قلة المرونة والحركة في الفقرات الصدرية وبالتالي يؤدي إلى قلة حدوث الإنزلاق الغضروفي وأمراض الغضروف فيها عند مقارنتها بمنطقة الفقرات العنقية أو الفقرات القطنية. ولكن في نفس الوقت فإن ذلك يجعلها عرضة لأمراض أخرى تؤدي إلى ظهور الآلام في هذه المنطقة وفي مايلي سوف نستعرض أهم أسباب حدوث الآلام في منطقة الفقرات الصدرية وكيفية تشخيصها وكيفية علاجها والتخلص منها بإذن الله. تتميز بوجود اثني عشرة فقرة تسمى الفقرات الصدرية الإنزلاق الغضروفي في الفقرات الصدرية في الواقع أن هناك أحد عشر غضروفاً صدرياً يتواجدون بين الفقرات الصدرية الاثني عشر. هذه الغضاريف هي معرضة كما في المناطق الأخرى للتآكل والخشونة والالتهابات أو حتى في بعض الأحيان لحدوث انزلاق غضروفي. ولكن بما أن منطقة الفقرات الصدرية تحميها منطقة الضلوع والقفص الصدري وتقل فيها الحركة مقارنةً بأجزاء العامود الفقري الأخرى فإن حدوث الانزلاق الغضروفي في هذه المنطقة هو أمر نادر والحمد الله لأن حدوث الانزلاق الغضروفي في الفقرات الصدرية عواقبه خطيرة حيث إن هذه المنطقة تمر من خلالها أجزاء مهمة من النخاع الشوكي. وفي حال حدوث انزلاق غضروفي شديد لا سمح الله فإن هذا يؤدي إلى ضغط على النخاع الشوكي وبوادر شلل نصفي لاقدر الله. وهذا بالطبع وضع أخطر بكثير من حدوث الانزلاق الغضروفي في الفقرات القطنية الذي عادةً مايضغط على الأعصاب الطرفية وتكون عواقبه وخطورته أقل كثيراً من الضغط على النخاع الشوكي. وعادةً مايشعر المريض المصاب بالانزلاق الغضروفي في الفقرات الصدرية بآلام مزمنة تزداد شدتها ويصاحبها ضعف وخدور ووهن في الطرفين السفليين بل وقد يصبح الوقوف والمشي غير ممكن نتيجة هذا الضعف. أما التشخيص فيتم بعد الفحص السريري الذي يبين وجود الضعف ووجود تغيرات في المنعكسات العصبية في الطرفين السفليين. وبالنسبة للفحوصات اللازمة فهي عبارة عن أشعة رنين مغناطيسي تبين بوضوع وجود الانزلاق الغضروفي والضغط على الحبل الشوكي. وفي الحالات التي يكون فيها الانزلاق الغضروفي طفيفاً ولايوجد ضغط شديد على النخاع الشوكي فإنه يمكن علاج المريض بالأدوية والعلاج الطبيعي والمسكنات. أما في الحالات التي توجد فيها الانزلاق الغضرفي كبيراً والضغط على النخاع الشوكي شديداً فإنه يلزم التدخل الجراحي لإزالة الانزلاق الغضروفي. وعادةً ماتتم إزالة الانزلاق الغضروفي في الفقرات الصدرية عن طريق التدخل الجراحي الأمامي وذلك من خلال جراحة تستلزم الدخول إلى القفص الصدري لإزالة الانزلاق الغضروفي فيه. الالتهابات الجرثومية للفقرات الصدرية تعتبر الفقرات الصدرية في العامود الفقري أو منطقة أعلى الظهر من المناطق الأكثر إصابة بالالتهابات الجرثومية التي تصيب العامود الفقري. وهذه الإصابات تكون أكثر بكثير من منطقة الفقرات العنقية أو الفقرات القطنية. وتتنوع أسباب هذه الالتهابات الجرثومية ولكن من أهمها شيوعاً في منطقتنا هي الالتهابات الناتجة عن الحمى المالطية أو الالتهابات الناتجة عن مرض السل أو الدرن. كما أن أنواع الجراثيم الأخرى قد تصيب هذه المنطقة وخصوصاً عند الأشخاص الذين تكون مناعتهم ضعيفة مثل مرضى الغسيل الكلوي أو مرضى الأورام بجميع أنواعها. وتختلف شدة الأعراض التي تسببها هذه الالتهابات. فقد تكون بسيطة ويصعب تشخيصها في البداية أو قد تكون شديدة نتيجة التآكل في الفقرة وتسبب كسوراً في الفقرة وتسبب تكون جيوب صديدية قد تؤدي إلى تكون خراج يضغط على الأعصاب وعلى النخاع الشوكي. وهذه الالتهابات الجرثومية هي شيء خطير ويجب أخذه بمنتهى الجدية وعادةً مايتم التشخيص عن طريق التحاليل المخبرية والأشعات المقطعية وأشعة الرنين المغناطيسي وأيضاً قد يتم اللجوء إلى أخذ خزعة أو عينة من المنطقة المريضة عن طريق إدخال إبرة صغيرة في الفقرة المريضة وسحب عينة لكي يتم إرسالها إلى المختبر. وبالنسبة للعلاج فإنه يعتمد على شدة المرض ويتكون من الراحة واستخدام الأحزمة الطبية واستخدام الأدوية المضادة الحيوية حسب نوع الجرثومة وأيضاً في كثير من الأحيان قد يكون التدخل الجراحي ضرورياً لإزالة الصديد ورفع الضغط على الأعصاب وتنظيف الفقرات المريضة وعمل تثبيت لها عند اللزوم. وإذا ما تم استخدام العلاج المناسب والتدخل الجراحي في الوقت المناسب فإن العلاج يكون ناجحاً في الغالبية العظمى من المرضى بإذن الله. الكسور الانضغاطية الناتجة عن هشاشة العظام وكما هو معروف فإن نقص فيتامين د ومرض هشاشة العظام هما شائعان جداً في مجتمعنا وخصوصاً فئة كبار السن وفي السيدات بعد سن الخمسين. ومن أهم المشاكل التي تنتج عن هشاشة العظام هو تأثر الفقرات في المنطقة الصدرية مما يجعلها ضعيفة وهشة وغير قادرة على مساندة الجسم وتحمل الضغط الناتج عليها مما يؤدي إلى حدوث كسور انضغاطية مزمنة أو حادة في هذه المنطقة. فالكسور الانضغاطية المزمنة تكون بطيئة الحدوث على مرور شهور أو سنوات وتؤدي إلى حدوث تحدب أو تنكس في هيئة المريضة ليصاحبه آلام مزمنة في منطقة أعلى الظهر والفقرات الصدرية. أما في الحالات الحادة فقط يكون هناك تاريخ سقوط في البيت أو في دورة المياه أو من الدرج يؤدي إلى ظهور الكسر الانضغاطي في الفقرات الصدرية ومايصاحبه من آلام مبرحة في هذه المنطقة. وفي هذه الحالات بالذات فإن الوقاية خير من العلاج عن طريق محاولة علاج الهشاشة ونقص فيتامين د مبكراً. أما عندما تحدث هذه الكسور فإن الخطة العلاجية تعتمد على شدة الكسر فإذا كانت الكسور بسيطة ومتعددة فإنه يمكن استخدام الأدوية المسكنة للآلام وعلاج هشاشة العظام واستخدام حزام طبي للفقرات الصدرية. أما إذا كانت الحالة أكثر تقدماً وكان الانضغاط أشد في الفقرات فإنه يمكن استخدام الحقنة الإسمنتية والتي يتم من خلالها إدخال مادة إسمنتية داخل الفقرة المكسورة تؤدي بعد جفافها إلى توفير دعم وثبات لهذه الفقرة وبالتالي تؤدي إلى إزالة الآلام ومنع هذه الفقرة من أن تتفتت في المستقبل. أما في الحالات الشديدة أو التي يفشل فيها التدخل عن طريق الحقنة الإسمنتيه فإن التدخل الجراحي قد يكون لازماً وخصوصاً إذا ماكان هناك ضغط على النخاع الشوكي وذلك بهدف رفع الضغط على النخاع الشوكي وأيضاً عمل تثبيت للفقرات المكسورة. ولكن في جميع مرضى هشاشة العظام نحاول قدر الإمكان تجنب استخدام البراغي والمسامير في هذه الحالات لكي نتفادى المضاعفات المحتملة التي قد تصاحبها.