أصبح البحث عن وظيفة مهمة صعبة، وشاقة، وربما محبطة أحياناً، وهي مشكلة تعاني منها معظم المجتمعات حتى المتقدمة منها، ورغم تزايد أعداد «العاطلين»، إلاّ أن الحلول لا تعني انتظار «الفرج» دون فعل الأسباب، ومنها تحريك «طاقة العاطل» بالعمل حتى وإن كان تطوعاً لمدة محدودة؛ لأن ذلك قد يكون سبباً في الحصول على وظيفة، أو على الأقل اكتساب خبرة في مجال عمل ما. وقد أشارت إحصاءات صندوق التنمية البشرية «هدف» إلى أنّ نحو (818.782) ألف عاطل وعاطلة شملتهم إعانة برنامج «حافز» -للدفعة الثالثة-، بقيمة (3.8) مليارات ريال تقريباً، وهناك أعداد كبيرة أخرى تم استبعادها لم تنطبق عليها الشروط بحسب القائمين على البرنامج؛ مما يعني تصاعداً في أرقام البطالة، وتحديداً النسائية منها، وهو ما يتطلب حلولاً قصيرة وبعيدة المدى. وتأتي فكرة التطوع للعمل المجتمعي فرصة لتأهيل العنصر البشري ليقترب أكثر من «السوق»، ويعرف تفاصيل احتياجاته، وربما أكثر من ذلك يتوائم معه، ويدرك أن الإنسان هم من يضيف لعمله، ويخلق منه فرصاً أخرى لإبداعه وتميزه. وقد استثمر الشباب مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك وتويتر» في بث رسائل تثقيفية عن التطوع، وبدأوا في إطلاق الصفحات الخاصة بمجموعات تنظم أعمالاً تطوعية لنشر ثقافة التطوع، ومن بينها مجموعة «غيّرني» التي تهدف إلى تغيير الفكر الفردي الذي ينتج عنه تغيير المجتمع، ومجموعة «تفاؤل التطوعية» التي تسعى إلى دمج ذوي الاحتياجات الخاصة بالمجتمع ونشر ثقافة التطوع، وكان من أشهر الوسوم «هاشتاق» في العمل التطوعي الذي تشرف عليه المختصة بالإعلام الاجتماعي أماني الشعلان وهو وسم «ksakaeer#»، حيث يشهد نشر مئات الحالات عن الأسر المحتاجة، والمشروعات التطوعية، والعديد من الرسائل التثقيفية في العمل التطوعي. ونتج عن الاستثمار عدد كبير من المجموعات التطوعية التي تطمح إلى الحصول على اهتمام وعناية القطاع العام والخاص.. وقد عقدت لجنة «سواعد عذيب» اللقاء التطوعي السنوي لمناقشة المشروعات والحملات التي تم تنفيذها، والتي سيتم تنفيذها مستقبلاً، وكان اللقاء برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة مها بنت عبدالعزيز بن أحمد بن عبدالعزيز رئيسة اللجنة ومساعدة نائب الرئيس للتنمية الاجتماعية في مجموعة عذيب، وذلك بهدف توحيد الجهود بين اللجان التطوعية الشبابية. فتيات وشبان يشاركون في إغاثة المنكوبين في سيول جدة «إرشيف الرياض» «الرياض» طرحت السؤال التالي «إذا كنت عاطلاً عن العمل، كيف تساهم تطوعاً في خدمة مجتمعك؟»، فكانت إجابات المشاركين في التحقيق. مباركة الأعمال في البداية قال كل من «راكان» و»يحيى» أنّ تخلّف مؤسسات المجتمع المدني والمنزل والمدرسة عن مباركة الأعمال التطوعية التي ينفذها الشباب هو عامل أساس في إضعاف فكرة التطوع لديهم؛ إذ أنّ تلك الأعمال قائمة على مبادرات فردية تفتقد الدعم الحكومي أو المؤسسي، مشيرين إلى أنّ «فردية» المبادرات التطوعية وعدم وجود غطاء رسمي لها يُفقدها جزءا من الأمان ويؤثر على الفعالية التي يجب أن تحظى بها. «قروبات» شبابية على «النت» فتحت مجالات العمل المجاني لخدمة مؤسسات المجتمع بحثاً عن «الخبرة» جسد واحد وقال «فهد الفهيد» -إعلامي ومستشار تطوير الذات- «إنّ البطالة الحقيقية هي بطالة الإنجاز؛ إذ يظل الشاب والفتاة رهينا خيالاته ويكون عرضة لأمراض عدة؛ عندما يندب حظّه وينتظر من يُمسك يده لوظيفة المستقبل، والمصيبة الكبرى لدى شبابنا تكمن في تسويق ذواتهم»، موضحاً أن الحل الحقيقي للشباب هو في بناء خبراتهم من خلال المسؤولية الاجتماعية وخدمة المجتمع، حيث هناك عشرات الفرص للعمل في المجالات التطوعية، والوظيفة تبحث عن المؤهل صاحب الخبرات والعلاقات الواسعة والمهارات المفيدة، وشبابنا مخرجات لجهات تعليمية تركز على التعليم المباشر والتدريب الذي يمثل النصيب الأقل منها، لكن تظل تجربة العمل هي الأبرز والأهم؛ ففرصة الشباب في تجريب ذواتهم ومهاراتهم في المجالات التطوعية سهلة المنال، وقليلة المخاطرة حتى الخطأ الوظيفي فيها مغفور، والتجربة والخطأ تعتبر من أبرز النظريات في التعلم والتدريب،»، مؤكداً على دعمه الكامل خلال إذاعة الرياض للمتطوعين من الجنسين، وذلك بتخصيص برنامج يتابع نشاطاتهم وجهودهم أملاً في نشر ثقافة التطوع واكتسابها كجزء من هوية الشاب؛ وذلك عن طريق برنامج «جسد واحد». شبان يشاركون أمانة الدمام حملة التوعية بالنظافة تسويق الذات وكشف «الفهيد» أنّه من خلال تجربته في البرنامج الإذاعي «جسد واحد» سَعِدَ كثيراً بلقاء طاقات وكفاءات شبابية، يديرون الأعمال التطوعية باحترافية عالية، وهم شباب من كافة المراحل الدراسية، ويمارسون مهارات إدارية وتسويقية وتطوعية في بيئات ايجابية، وأنّهم بذلك يخدمون دينهم ووطنهم ومجتمعهم وبعد ذلك يبنون ذواتهم وقدراتهم، مضيفاً أنّه كثيراً ما يجد نفسه معجباً بضيوفه من الشباب والفتيات ويرفع لهم قبعة الاحترام، متنبأ لهم بمستقبل زاهر وظيفياً وحياتياً؛ لأنه يرى أنّ المشروعات التي صنعوها -حتى ما فشل منها- تضاف إلى خبراتهم في سيَرِهم الذاتية، لافتاً إلى أنّ تسويق الشباب لذواتهم من خلال المشروعات التطوعية له أثره الواضح؛ حيث إنه يسأل كل من المتطوعين الذين يلتقيهم عن عدد العروض الوظيفية التي قدمت لهم على المستوى الخاص، إذ تمنح مثل هذه الأعمال التطوعية الاحتكاك ببيئات عمل ايجابية وأفراد لهم تأثيرهم في المجتمع، ومتخذ القرار التوظيفي مثلاً يحتاج أن يشاهد الكفاءات على أرض الواقع، ويختبر مثل هذه القدرات فعلياً، فالعمل الخيري والتطوعي أقوى دليل على نجاح من يشارك في مثل هذه الفعاليات. بيئة إيجابية وبيّن «الفهيد» أنّ الأعمال التطوعية تصنع بيئة إيجابية للإفادة من الخبرات المتنوعة لأفراد الفريق الواحد، وأنّ بعض الأعمال التطوعية تصنع لها هياكل تنظيمية داخلية بمسميات وظيفية وتعيينات داخل الفريق، حيث يمكن الشعور بمستقبل هذا الفريق وأعضاءه، فمن خلال الفريق التطوعي يتلمس العضو الوظيفة الأنسب له، بين الوظائف القيادية والمالية والتسويقية والتنسيقية، ويتم تدوير الأعمال بينهم، وأحياناً يستفيد هؤلاء المتطوعين من بعض الخبرات الخارجية في بعض المشروعات كدورة تدريبية مكثفة في أصل المشروع، وأنّه قد بدأ الاهتمام مؤخراً بالمجموعات التطوعية من خلال المؤتمرات والمعارض والمنتديات تخصصية، حيث تمثل فرصةً لتبادل المعارف والثقافة والخبرات، وتقام على هامشها دورات تدريبية مخصصة يتبناها القطاع الحكومي والخاص. تكافل اجتماعي وأكدت «نورة سعد» -متخصصة في الحاسب- على أنّ التطوع وحب الخير هو جزء من تعاليم الدين الإسلامي الذي يسعى في كل جوانبه للتكافل الاجتماعي بين أفراده، مشيرة إلى أنّها تعاونت مع أكثر من مجموعة تطوعية، وبالرغم من أنّ الموارد المادية كانت بسيطة، إلاّ أنّ الأثر عميق في نفوس المشاركين، حيث أسفرت عدة مشروعات عملت بها إلى الاهتداء لطريقة في استثمار الموارد المالية والبشرية، والتي يمكن أن تعمل بها عدة فرق تطوعية لمساعدة ودعم الأسر المحتاجة، واكتفاءها ذاتياً دون الاعتماد على الغير. رؤية مبتكرة وأوضحت «فرح النعماني» - مؤسسة فريق فور ايفينتس - أنّ فريقها يعمل على تعزيز الجانب الإنساني والاجتماعي ومفهوم المبادرة لدى الأعضاء؛ من خلال الخدمات التطوعية اللوجستية للمؤتمرات والفعاليات، دون مقابل للجمعيات الخيرية والمجاميع التطوعية والمشاريع الشبابية الناشئة غير الممولة، حيث إنّها أنشأت فريقاً من الجنسين طلبة وعاطلين من مختلف التخصصات لتعلن عن مبادرة شبابية وطنية تؤسس لمشروع يُعنى بالمسؤولية الاجتماعية، وبرؤية مبتكرة تقوم على الاستثمار في رأس المال البشري والمعرفة لاستثمار طاقات ومواهب الشباب واستغلال أوقات فراغهم، وتوظيفها بشكل يخدم المجتمع وقطاعات الأعمال الحكومية والخاصة بتقديم خدمات ذات جودة واحترافية. إرشاد المشروعات وذكرت «إيمان السالم» - متخصصة في التريبة خاصة وإرشاد المشروعات الصغيرة- أنّ مرور أكثر من سنة على تخرجها من الدبلوم العالي لم يثبط همتها؛ بل دفعها قدماً لتطوير مهارتها واستثماراتها في دعمم المركز الخيرية التي تحتاج مساعدتها وذلك لتحقيق التكافل الاجتماعي، حيث إنّها بدأت بالعمل أثناء التخرج وبعده مع عدة جهات خيرية تعنى بدعم الأسر المحتاجة، كما تقدم خدماتها في مجال تخصصها «إرشاد المشروعات الصغيرة» دون مقابل لمساعدة الشباب والشابات للبدء في مشروعاتهم الخاصة.