هناك مقولة إدارية تنسب إلى المدير التنفيذي المشهور (لي أيكوكا) يقول فيها: «القيادة المهنية تختصر في أمرين بسيطين، توظيف الأشخاص الجيدين، وترتيب الأولويات، والأمر في غاية البساطة، إنني أحصل على مبلغ (75.000) دولار مقابل إلقاء محاضرات تدور حول هاتين النقطتين». وقد يقول قائل: إن توظيف الشخص الجيد يعني أن لديه القدرة على ترتيب الأولويات، وهذا رأي صحيح من الناحية النظرية، ولكن حين يكون ذلك الشخص الجيد في ميدان العمل تحت ضغط زحمة الأولويات فإنه قد يكون قادراً على تحديدها أو حصرها وغير قادر على ترتيبها. تلك المقولة كانت حصيلة تجربة في القطاع الخاص، ولكنها تعبر عن مبدأ إداري يمكن تطبيقه في القطاع العام. في الشأن الصحي مثلاً، هل نبدأ بمراكز الرعاية الأولية أم بالرعاية التخصصية؟ هل نبدأ بالوقاية أم بالعلاج؟ وفي التربية والتعليم، هل نطور المناهج أم نطور المعلم؟ أم نطور بيئة المدرسة؟ وفي محاربة الفساد، هل نبدأ بالتوعية والتثقيف أم بالمحاسبة؟ وفي وزارة العمل، هل نبدأ بتوطين الوظائف أم بتقليص العمالة الوافدة والحد من التأشيرات؟ إن مهارة ترتيب الأولويات لها متطلبات من أهمها اختيار الشخص المناسب، والتدريب على تنمية هذه المهارة، وكذلك توفر الحقائق والمعلومات التي تساعد على ترتيب الأولويات. إختيار الشخص الجيد المناسب هو أيضاً مهارة وقرأت في هذا الموضوع ما يلي: «الرجل الاجتماعي يحب العمل مع الآخرين، فإذا ما وضعت هذا الشخص في مكتب منعزل، فإنك ستواجه مشكلتين الأولى هي أن العمل لن ينجز والثانية أنك ستخسر موهبة حقيقية. والرجل الانطوائي يفضل العمل وحيداً. أعط مثل هذا الشخص مزيداً من العمل الكتابي والمراسلات ودعه يتعامل مع الأرقام ويقرأ سيلاً من التقارير التي لا تنقطع. وإذا ما تركته يعمل مع الفريق فسيكون مجرد وردة جميلة معلقة على الجدار. أما العصابيون وذوو المزاج الحاد فيحتاجون إلى مكاتب مفعمة بالهدوء، ضع هؤلاء في مكاتب مزدحمة وصاخبة ولسوف ينفجرون. أما الأذكياء والطموحون فلا يطيقون العمل الروتيني وغير الابداعي، فهؤلاء أشخاص مبادرون يتفاعلون مع التحديات التي تفصح عن قدراتهم وتزيدهم تفوقاً. (الادارة بالفطرة للمدير ورجل الأعمال/ تأليف دايان تريسي/ ترجمة نسيم الصمادي). تلك بعض الأنماط من الشخصيات وهي بمسؤولية القائد والمدير في وضع الشخص المناسب في المكان المناسب. ولعل القارئ يتذكر الآن بعض المواقف التي مر بها أو كان شاهداً عليها في المواقع التي يتعامل بها الموظف بشكل مباشر مع الجمهور. في هذه المواقع يحصل أحياناً أن تسيطر الانفعالات والغضب على سلوك الموظف أو المراجع بسبب ضغط العمل أو حرص كل مراجع على إنهاء معاملته، وقد يرفض الانتظار واتباع الاجراءات النظامية والتنظيمية. وفي نفس الوقت هناك مراجع لديه الرغبة والقدرة على احترام الاجراءات. وهكذا فالموظف أمام فئات مختلفة، وبالتالي فإن طبيعة هذا العمل تتطلب مهارات خاصة في التعامل الإنساني لا تتوفر في كل شخص. وفي حالة أخرى قد يكون لدينا قائد إداري متمكن في فكره الاستراتيجي، وشخصيته القيادية ولكنه حين ينزل إلى الميدان ويتعامل مباشرة مع الناس يكتشف انه بحاجة إلى التدريب وتعلم مهارة السيطرة على الغضب، ومهارة الإنصات.