في الوقت الذي تعتزم في وزارة التربية والتعليم إنشاء أندية طلابية، في إطار رغبتها باستثمار المباني المدرسية مساءً، طالب تربويون "وزارة التربية والتعليم" بالتريث في تطبيق فكرة الأندية الطلابية؛ لإخضاع المشروع إلى مزيد من الدراسة قبل التنفيذ والتأكد من المكانة التي يحتلها ضمن أولويات الوزارة خصوصا في المرحلة الراهنة، وتسأل آخرون عن مدى نسبة نجاح الأندية؟، وما هو مردودها على وعي الطلاب تجاه المدرسة؟، وهل المباني المدرسية مهيأة لبيئة تربوية وتعليمية جذابة؟، لكي تحتضن 1000 نادي طلابي فقط من بين 32 ألف مبنى مدرسي. مزج الأنشطة التعليمية والترفيهية يصقل مواهبهم وينمّي قدراتهم ولكن ليس على حساب التحصيل العلمي مشكلات عميقة في البداية، طالب "د.محمد آل عمرو" -عضو اللجنة التعليمية بمجلس الشورى- مسئولي "وزارة التربية والتعليم" التريث في تنفيذ مشروع الأندية المدرسية وإخضاع المشروع لمزيد من الدراسة؛ للتأكد من موقعه ضمن أولويات الوزارة في المرحلة الراهنة، وذلك كون الوزارة لديها مشكلات عميقة في مستوى مخرجاتها، وفي مستوى جودة تنفيذ العملية التعليمية في جميع مدارسها دون استثناء، وفقاً لنتائج اختبارات القدرات والاختبارات التحصيلية التي نفذها المركز الوطني للقياس والتقويم في العام الدراسي 31/1432ه، مضيفاً: "هناك خلل واضح وضعف ملحوظ في مخرجات الثانوية العامة التابعة للوزارة أمام مخرجات الثانوية الأهلية التي حازت على المراكز العشرة الأولى في الاختبارات"، مبيناً أن هذا الضعف في مخرجات الثانوية العامة ناتج عن ضعف متراكم في جميع مراحل التعليم العام، مشيراً إلى أن انشغال الوزارة بمشروع الأندية الطلابية وحماسها لتنفيذها، وما يترتب على ذلك من تكلفة مالية كبيرة، إلى جانب تفريغ عدد كبير من المعلمين للعمل في الأندية الطلابية سيؤثر على ما تحتاج إليه من جهود ضخمة جداً لرفع الكفاءات الداخلية والخارجية لجميع مدارس الوزارة التي تقارب 33 ألف مبنى. د.محمد آل عمرو تهيئة المباني وأوضح "د.العمرو" أن المدارس لديها مشكلات في كفاءة المبنى، والتجهيزات المدرسية وبخاصة التقنيات التعليمية وإدارات وتجهيزات الأمن والسلامة، مستشهداً بحوادث الحرائق في الأشهر الأخيرة قائلاً أنها كشفت عمق هذه المشكلة، مضيفاً: "حريٌ بالوزارة أن تعمل على تهيئة جميع مبانيها المدرسية؛ لتوفير بيئة تربوية وتعليمية جاذبة فيها وأن لا تختزل مهمتها نحو هذا الاتجاه في ألف مبني مدرسي فقط وإهمال 32 ألف مبني مدرسي تحتضن جميع أبناء الوطن الطلاب يومياً"، متسائلاً عما إذا كانت الوزارة تمتلك نتائج دراسات علمية كافية للجدوى التربوية وخاصة من النواحي الثقافية، والفكرية، والأمنية، والأخلاقية لمشروع الأندية الطلابية، منوهاً أن هذه النتائج لو وجدت فلن تبرر انحراف الوزارة عن مسار مهامها الأساسية، والتداخل في مهام ومسئوليات "الرعاية العامة لرعاية الشباب"، مضيفاً: "كان بالإمكان التنسيق والتعاون بين الرئاسة والوزارة لتحديد المهام المحددة لهذه الأندية"، لافتاً أن تنفيذ مشروع الأندية الطلابية يعد عبئاً على الموارد المالية للوزارة. وقال: "إن كانت الوزارة قد قررت الصرف على هذا المشروع من مخصصات مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم (تطوير) فإنني أعتقد أن أمام مشروع (تطوير) أولويات مهمة جداً، ولا أرى أن مشروع الأندية الطلابية يحتل شيئاً من هذه الأولويات"، مشيداً بالأهداف السامية لمشروع الأندية الطلابية، إلاّ أنه ذكر أن أمام "وزارة التربية والتعليم" أولويات يجب العمل عليها من خلال رفع مستوى الكفاءة الداخلية والخارجية لمدارس التعليم العام، قبل الشروع في تنفيذ مشروع الأندية الطلابية. د.عبدالمجيد طاش وعي الطلاب من جهته، تساءل "عبدالمجيد طاش" -وكيل قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- حول مدى نجاح فكرة الأندية الطلابية المسائية، مشدداً على أنه ليس من المهم فتح أندية مدرسية، بقدر أهمية الإجابة على التساؤلات والاستفسارات المطروحة قبل تنفيذ تلك الفكرة أو المشروع، مضيفاً:"يجب معرفة نظرة الطلاب ووعيهم نحو المدرسة، وماهي الأهداف المرجوة من هذا النشاط"، منوهاً بأهمية عوامل الجذب التي سيُعتمد عليها في حث الطلاب والطالبات تجاه المشاركة في هذه الأندية، وماهي طبيعة البرامج ومن يشرف على تنفيذها؟، وهل هم مؤهلون في مجال الترويح أم ستتم الاستعانة بخبرات معينة؟، مشدداً على أهمية تحديد عوامل تضمن استمرارية عمل الأندية، وتوفر الإمكانيات اللازمة والبُنى التحتية التي تسهم في إنجاح الأندية الطلابية، مستبعداً أن تكون النوادي المدرسية مؤثرة سلباً على التحصيل الدراسي للطلاب، مشيراً إلى وقت الفراغ لدى الطلاب والطالبات كبير جداً، إلى جانب أن عملية التحصيل مرتبطة بشكل كبير باهتمام الأسرة ومتابعتها. د.عامر الشهراني استثمار مناسب وذكر "د.عامر الشهراني" -وكيل جامعة الملك خالد للتطوير والجودة- أن توجه وزارة التربية والتعليم لإنشاء أندية طلابية مسائية في مختلف مناطق المملكة خطوة في الاتجاه الصحيح، مطالباً باستمرار هذه التجربة بعد مراجعتها وتقويمها، مضيفاً:"يجب استثمار الأندية الطلابية بالشكل المناسب؛ فهي عبارة عن استثمار حقيقي للموارد البشرية الطلابية من طلاب ومعلمين وإداريين"، مشيراً إلى أن تلك الخطوة تعد استثماراً مناسباً للمباني والإمكانات المادية الأخرى المتوفرة في أغلب المناطق والمحافظات والمراكز، مؤكداً على أن فوائد الأندية الطلابية عديدة إذا أُحسن التخطيط لها، وجدولتها، وتنفيذها بالشكل المناسب، وإعادة تقييمها بعد عام من بدايتها، حيث تتيح للطلاب فرصة الاجتماع في بيئة مناسبة، وفق جداول محددة، وإمكانات جيدة، بدلاً من قضاء الوقت في الشوارع، وإزعاج الآخرين. تركي السلمي وبيّن أن هذه الأندية تعمل على تنمية مواهب وقدرات الطلاب الإبداعية والابتكارية، وتشغل أوقات فراغهم بما يعود عليهم بالنفع، إلى جانب أنها تتيح الفرصة لهم لممارسة هواياتهم المختلفة، وتحقيق احتياجاتهم، وتلبية رغباتهم المتنوعة، مقترحاً تخصيص جزء من جدول هذه الأندية لمساعدة الطلاب في الجوانب الأكاديمية، واستكمال الواجبات المنزلية، مضيفاً:"عندما تتنوع مناشط هذه الأندية فإنها تتيح الفرصة لشريحة من الطلاب للالتحاق بها، وتساعدهم على تنمية تفكيرهم، وإكسابهم مهارات مختلفة". فكرة منتظرة ويرى "د.الشهراني" أن "وزارة التربية والتعليم" قد تأخرت في إنشاء مثل هذه الأندية رغم أنها توجد في عدد من الدول وتنفذ بطرق مختلفة، وفي أوقات مناسبة لجميع المشاركين، مطالباً بتعميم التجربة على كافة المناطق حتى تتم الاستفادة منها بشكل مناسب، مشيراً إلى أن تكلفة الأندية الطلابية قد تكون مرتفعة نوعاً ما في بداياتها، ولكنها إذا أُحسن تخطيطها وتنفيذها، من الممكن أن تكون ذاتية التشغيل، إلى جانب استقطابها رجال الأعمال والشركات والمؤسسات والبنوك لدعم الأندية وفق ضوابط محددة، مستبعداً أن يكون لها تأثير سلبي على تحصيل الطلاب دراسياً، متوقعاً أن تكون رافداً للمدرسة، كون أنشطة الأندية متنوعة وتشمل الجوانب الأكاديمية والتحصيلية، منوهاً بأهمية تركيز بعض الأنشطة على دروس التقوية والأنشطة التعليمية المتعلقة بالمنهج، والتدريب على مهارات التعلم الذاتي، لافتاً إلى ضرورة الجمع بين الجوانب الترفيهية والتعليمية دون التركيز على جانب دون الآخر. فوائد إيجابية وأشاد "تركي السلمي" -معلم- بمشروع "وزارة التربية والتعليم" المتلخص في إنشاء أندية طلابية، واصفاً الخطوة بالمميزة، لفوائدها الإيجابية التي ستنعكس على الطلاب والطالبات من خلال تثقيف النشء تعليمياً واجتماعياً ورياضياً، مطالباً أن تكون هذه الأندية مؤسسات تعليمية مصغرة تهتم بالقدرات الفردية للتلاميذ ذهنياً وفكرياً، إلى جانب الاهتمام بالموهبة والإبداع لدى الطلاب، حتى يكونون لبنة فاعلة في المجتمع الذي تعد فيه الأندية المدرسية واحدة من أهم تلك المؤسسات الحاضنة للإبداع والتميز، منوهاً بضرورة أن تكون تلك الأندية فعالة ولها ميزانية وموظفين ذوي استقلالية يهدفون إلى رقي الطلاب.