بتاريخ 21 رجب 1401 ه، الموافق 25 مايو 1981 م تم التوقيع على النظام الأساسي لدول مجلس التعاون الخليجي في مدينة أبوظبي عاصمة الإمارات العربية المتحدة، وفي المادة الرابعة من هذا النظام وللتذكير تصدرت هذه العبارة أهداف المجلس «تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولا الى وحدتها»، وقد مر على تدوين هذا الهدف أكثر من 31 عاما، فأين نحن من الوحدة الخليجية؟ سؤال لن تستعصي إجابته إذا قيس ما تحقق بسمو الهدف وضخامته فنحن بتجرد نستطيع القول بأننا مازلنا بعد ثلث قرن في الدائرة الأولى. ولكن إذا أخذنا في الاعتبار بأنه يحول دون مجلس التعاون وتحقيق هذا الهدف ظروف وقوى لا تملك دول المجلس الانفكاك من تأثيرها فإننا نتشجع ونقول بأن مجرد بقاء المجلس يمثل انتصاراً لدوله. دول تملك نصف احتياطيات هذا العالم من النفط والغاز وتتمتع بموقع جغرافي مهم، وتستضيف كل جنسيات العالم تقريبا، وتمطر خيراتها النفطية اقتصاديات العالم كله بدون استثناء لن تكون حرة في تقرير مصيرها بعيدا عن تدخلات الآخرين في شؤونها والتأثير على قراراتها الوحدوية. إيران لن يروقها أي تقارب خليجي باتجاه الهدف الموضح أعلاه، كما هي العراق التي تريد أن تكون جزءا من هذا الكيان، وكما تتوقع مصر بأن وحدة دول الخليج لن تكون في مصلحتها بعيدة المدى على اعتبار أنها ستشكل قوة جديدة تملك كل مقومات الصدارة في المنطقة، كما أن الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي لن ترحب بهكذا طموح وربما تجرّم مجرد الحلم به لأن ذلك مضر بأمنها القومي الذي يعتمد في جزئه الاقتصادي على التنافس بين هذه الدول في مشتريات السلاح وتوقيع الاتفاقيات الأمنية والدفاعية المنفردة، كما أنه يجعل قرار السياسة الخارجية والدفاعية بيد جهة واحدة تمثل الدول الست. بل إن هكذا طموح يشوش على رؤية الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تسوقها مراكز الدراسات وصناعة الفكر وتومئ إلى مزيد من الدول الصغيرة قائمة على أسس مذهبية وأثنية في محاولة لتصحيح الخطأ البريطاني الفرنسي الذي ارتكبه سايكس وبيكو في ترسيمهما الحدود الحالية لمنطقتنا. ذلك سرد واقعي للتحديات التي تحول بين المجلس وتحقيق هدفه الوحدوي، بيد أن الفرص المتاحة نحو ذلك الهدف تستمد فاعليتها من داخل البناء الخليجي، فالتهديدات مؤكدة ووشيكة من جار في مستوى إيران، والاختلال السكاني في بعض دول المجلس الذي يمثل هاجساً للمواطنين الأصليين، والتوتر المذهبي المستقطب من خارج الحدود تمثل مجتمعة ومنفردة محفزات لتقارب أكثر وضوحا بين دول المجلس. يزيد من الفرص المواتية ما تحقق من قرارات بعضها أخذ طريقه للتنفيذ كالسوق الخليجية المشتركة، والوحدة النقدية الجزئية، والربط الكهربائي، والاتحاد الجمركي، والبعض الآخر في طريقه للتحقق كالسكة الحديد وإستراتيجية التنمية الشاملة المطورة بعيدة المدى لدول مجلس التعاون 2010م – 2025م. القمة الثانية والثلاثين للمجلس الأعلى تنعقد في مرحلة حاسمة من تاريخ العرب والمنطقة، ومنذ القمة الحادية والثلاثين التي عقدت في أبو ظبي قبل عام من الآن ذهبت أنظمة عربية في تونس ومصر وليبيا، كما أن سوريا تحت الإجراء، واليمن يضمد جراحه، والولاياتالمتحدة تنسحب من العراق، وفي تلك الأحداث التاريخية عبر كثيرة وتستدعي وقفة مسؤولة تعودناها من قادتنا. لم يعد المواطن الخليجي يفكر كثيرا بما تحقق للمجلس ولم يعد يكترث بما سوف يتحقق إذا كان سيبقى في دائرة تمرير القرارات بشكل بطيء وغير مؤثر في حياة المواطن العادي، كما أن الجفاء بين شوارع العواصم الست يتفاقم عاما بعد آخر مما يجعل قرارات تقريبه بالآليات التقليدية غير ذات جدوى إذا لم يشعر الكويتي أنه بحاجة للبحريني، ويشعر السعودي أنه بحاجة للإماراتي، والقطري أنه بحاجة للعماني. قمة عادية في دورتها واستثنائية في توقيتها، إما أن تخرج بقرارات صعبة وتحقق قفزة مهمة للأمام وإما أن تترك مستقبل المجلس محاطاً بالكثير من الأسئلة بانتظار القمة الثالثة والثلاثين.