يتعرض الجهاز التناسلي الأنثوي كغيره من الأعضاء إلى بعض التغيرات الخلوية والتي إن لم تعالج بوقتها قد تتحول إلى آفات خبيثة أو آفات مرضية مزمنة. إن عنق الرحم، ذلك الجزء من الرحم والذي يقع في موقع تشريحي يجعله يقوم بوظائف فسيولوجية حيوية، فمن خلاله يخرج دم الحيض، وبفضل الخلايا الفدية الموجودة داخله، يتم توفير الوسط الملائم الحامي للنطاق وعن طريق هذه الغدد ومفرزاتها يقوم عنق الرحم بحماية الرحم من العوامل الإنتانية وخاصة الجراثيم والفيروسات. ومن أهم هذه الفيروسات المعروفة لدينا والتي اثبت أن الإصابة بها قد تؤدي إلى تغيرات خلوية متباينة فيروس الحليموم البشري او البابيلوما، والذي تتراوح الإصابة به من تغيرات التهابية بسيطة غالبا ما تكون لا عرضية ذاتية الشفاء، إلى تغيرات ما قبل غازية أو سرطانية وصلا إلى مرحلة السرطان. فما هو هذا الفيروس؟ وكيف يصيب المرأة؟ وهل يمكن الوقاية منه؟ وبماذا اختلف عن باقي الفيروسات وارتبط بالسرطان. عرف عن هذا الفيروس تنوع وتعدد اشكاله، الأمر الذي دعا الباحثين إلى جمع هذه الأشكال وتسمية كل منها برقم وإلى يومنا هذا عزل منها حوالي 120 وما عرف أيضا أنها وإن صح التعبير اختصت في إصابة أعضاء معينة، فمنها من اختص بإصابة الجهاز التنفسي العلوي ومنها من أصاب أسفل القدم، عموما ما يهمنا منها هي المجموعة 16 والمجموعة 18 والتي اختصت بإصابة عنق الرحم والتي وجدت في معظم الأورام الخبيثة المستأصلة من عنق الرحم. إن الإصابة به تحدث عادة بين الأعمار 20 إلى 30 سنة (أوج فترة النشاط التناسلي)، فقد بينت الدراسات التي جرت في الولاياتالمتحدةالأمريكية ان 40% من النساء حدثت الإصابة لديهن بعد فترة سنتين من الجماع الأول، طبعا يجب التذكر دوما أن الإصابة بالفيروس لا يعني الإصابة بالسرطان، إنما وجود الفيروس قد يرفع من نسبة التوقع بحدوث التغيرات الخلوية لعنق الرحم، والتي بدورها تستجوب المراقبة الدورية والعلاج إذ لزم الأمر. ومن الجدير بالذكر هنا أنه ولله الحمد ان الفترة الزمنية التي تأخذ هذا الفيروس كي يحدث هذه التغيرات طويلة جدا، اقلها 7 سنوات. عند وصول الفيروس إلى عنق الرحم ويقوم بالتكاثر في اضعف الأجزاء به وحيث ان عنق الرحم يحتوي على منطقة فتية تسمى منطقة الوصل والمسؤولة عن نمو وتجدد خلايا العنق، فان هذا الفيروس يدخل هذه الخلايا وان تلاءمت الظروف له، فقد يستطيع أن يتدخل عمل ال( دي ان ايه) لهذه الخلايا ومن هنا يختل عملها ويبدأ التغير الخلوي ما قبل السرطاني ومن هنا ربط هذا الفيروس بالسرطان متميزا عن باقي الفيروسات المعروفة لدى البشر. من العوامل التي تساعد الفيروس على الفتك بالعنق الأمراض المنتقلة بالجنس والتدخين وضعف الحالة المناعية للجسم. بعد الإصابة بفيروس البابيلوما قد يحدث التالي: 1-الشفاء العفوي التام وهو القاعدة العامة وما يحدث في معظم الحالات ولله الحمد. 2-حالة من التعايش مع المريضة قد تستمر كل العمر. 3-التطور إلى مرحلة التغيرات الخلوية والتي قد تحدث بعد 7 إلى 20 سنة من الإصابة بالمرض. 4-النكس والذي يحدث للنساء اللاتي تعايش المرض لديهن، ولسبب ما تغلب على مناعة المرأة واحدث تغيرا خلويا. ومن هنا يتبين لدينا أهمية المراقبة الدورية لعنق الرحم عن طريق اللطاخة الخلوية أو مسحة عنق الرحم، فدرهم الوقاية خير من قنطار علاج. * قسم طب أمراض النساء