عندما أقر الأمير فيصل بن عبدالله وزير التربية والتعليم في كلمته بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد بتسمية هذا العام ب(عام المعلم)؛ فإنه يؤكد على دور المعلمين والمعلمات في العملية وإنهم العامل الأهم في العملية التربوية والتعليمية، وتقديراً من الوزارة للدور الكبير الذي يقوم به المعلم. وعلّق عدد من المعلمين على كلمته، فيرى بعضهم أهمية عودة حقوقهم أولاً؛ لأن تكريم المعلم يكون من خلال منحه حقوقه الوظيفية التي نص عليها النظام، وليس من خلال الشعارات والمسميات، ليتفرغ إلى أداء رسالته التربوية والتعليمية، فيما يرى أولياء أمور أنّ المعلم لم يقم بواجباته!. "الرياض" التقت عدداً من المعلمين وأولياء الأمور، لاستطلاع الواقع والمأمول للمعلم والعملية التربوية والتعليمية. «شعارات بدون حقوق» أفقدته هيبته وأحبطته نفسياً وتركته يعاني طوال 24 حصة تطوير المعلم لاشك أنّ تطوير المعلم من أولويات جهود وزارة التربية والتعليم التي تحظى بالدعم الكبير المتمثل في مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم، الذي يهدف لمواكبة التقدم العلمي والتقني في مجال التعليم العام، ولن يتم ذلك قبل إعادة تأهيل المعلمين وتطوير كفاياتهم، وكلمة الوزير في بداية العام الدراسي كان لها أكبر الأثر لدى البعض، حيث يرى أنّ المعلمين يقومون بالدور الرئيس في العملية التعليمية، ويمثلون العامل الأهم في العملية التربوية، من أجل الوصول إلى مجتمع معرفي، وتقديراً من الوزارة للدور الكبير الذي يقومون به، فقد تبنت الوزارة تسمية هذا العام الدراسي (عام المعلم) يتشارك فيه الجميع للاحتفاء بإنجازات المعلمين، تعبيراً وتقديراً لهم لقاء ما يبذلونه من جهد في حمل رسالة المعرفة ومساهمتهم في بناء إنسان هذا الوطن. شعارات ومسميات وأوضح "عبدالله الشريف" -مدير ملتقى المعلمين والمعلمات على الإنترنت- أنّ كلمة سموه تحمل مضامين جميلة لو تم تفعيلها، مبيناً أنّ تكريم المعلم يكون من خلال منحه حقوقه الوظيفية التي نص عليها النظام، وليس من خلال الشعارات والمسميات، فالمعلم لن يتمكن من أداء رسالته وهو محبط نفسياً، ويشعر بمرارة الغبن الواقع عليه نتيجة هضم حقوقه، وهو مشغول حالياً بالمطالبة بتلك الحقوق؛ مما يقلل من عطائه، وعودة حقوقه ستشعره بالرضى الوظيفي ليتفرغ لأداء رسالته التربوية والتعليمية في جو يساعده على بذل أقصى درجات العطاء ليحقق الهدف السامي من التعليم ويقوم بتخريج جيل قادر على مواصلة بناء الوطن والإسهام في تطوره ورقيه. عبدالله الشريف روح المنافسة وأضاف "الشريف": هناك العديد من الحاجات التي يطالب بها المعلم بخلاف الحقوق الوظيفية مثل التأمين الطبي وبدل سكن، ومثل هذه المطالب تعد تحفيزاً للمعلم وبث روح التنافس لديه، حيث تكاد تكون هذه الصفة معدومة في مجال التعليم، فلا يوجد تحفيز ولا تشجيع لبث روح التنافس بين المعلمين، فالجميع تتم معاملتهم بطريقة واحدة مما يقتل الطموح لدى المعلم المتميز عند مساواته بمعلم مهمل لا يقوم بمهامه. خالد السلمي وأشار إلى أنّ هيبة المعلم قد فقدت في مدارسنا ومن الواجب على وزارة التربية والتعليم إعادة الهيبة للمعلم بعد أن نزعتها خلال السنوات الماضية بفعل قرارات غير موفقة قللت من شأن المعلم وهيبته في نفوس الطلاب والمجتمع، مؤكداً على أنّ أول الخطوات لإعادة هيبة المعلم هي سن نظام يحمي المعلم ويضع حداً لمنع تكرار التجاوزات والاعتداءات التي يتعرض لها بعض المعلمين والمعلمات، وكذلك تعزيز دور المعلم في المجتمع ومنع تناول قضايا المعلمين بتلك الطريقة المتشنجة في وسائل الإعلام والتي تكون غالباً متجنية. وأوضح "خالد السلمي" -معلم صفوف أولية- أنّ هيبة المعلم بالفعل فقدت بسبب إهمال دوره وعدم الاهتمام بآرائه وعدم إشراكه بالقرارات التي تتخذها الوزارة فيما يخص المعلم، مستدركاً ولكن هيبة المعلم بدأت تنمو لدى معلمي نظام المقررات الثانوي التي أراها تعود وبقوة؛ لأنّ النظام أعطى معلم المقررات صلاحيات السيطرة على حاجات الطالب. محمد الشهري حزمة مطالب واستعرض "عبد الله الشريف" حزمة من المطالب التي ينادي بها دائماً من خلال ملتقى المعلمين الإلكتروني الذي يديره باسم المعلمين، ويرددها في كل مناسبة فيقول: هناك أمور كثيرة تؤرق بال المعلم وتقض مضجعه كالنقل والتأمين الطبي، وتطوير المعلم، والمناهج، وتأهيل البنية المدرسية، وتقليص نصاب الحصص، وتقليص الطلاب داخل الفصل ليتمكن من القيام بواجبه وتحقيق رسالته. وركز "الشريف" على نقل المعلمين والمعلمات، قائلاً: ولعل من أهم هذه المطالب وتنقلات المعلمين والمعلمات فيما بين المدارس والمناطق والمحافظات، حيث يظل النقل وحركة النقل هاجسا يؤرق بعض المعلمين والمعلمات ويشعرهم بعدم الاستقرار فحركة النقل غالباً ما تكون قليلة ولا تلبي رغبات الغالبية العظمى من طالبي النقل فلابد من إعادة النظر بها وبطريقة تعيين المعلم والمعلمة بحيث يتم تعيينهم في مناطقهم قدر المستطاع ليوفر ذلك عليهم وعلى الوزارة الجهد والوقت الذي يذهب نتيجة هذه الحركة غير المرضية، وكذلك الوزارة تتحدث عن التطوير في شتى مجالاتها ونسيت أنّ التطوير يجب أن يبدأ من المعلم، فتطوير لا يعطي المعلم حقه محكوم عليه بالفشل. تفعيل القرارات وطالب "السلمي" بأهمية تفعيل القرارات التي تصدر من ولاة الأمر فيما يتعلق بالمعلمين، حيث إنّ الدولة -رعاها الله- تحرص على تطوير العملية والتربوية مستمدة هذا النهج من شريعتنا السمحة، مضيفاً: ولاة الأمر لم يدخروا وسعاً في دعم التعليم للرقي به في مصاف الدول المتقدمة، ولكن تصدر التعاميم والقرارات ولا تنفذ وتبقى حبيسة الورق، وتذمر من كثرة التعاميم وزيادتها التي تزيد الأعباء على المعلم، حيث نحتاج إلى تجهيز مدارسنا وتطويرها لينعكس ذلك علينا كمعلمين. درجاتنا المستحقة وأكد "السلمي" على أنّ النظام كفل للمعلم الدرجة المستحقة حيثُ إنّ لكل سنة درجة، وما نشاهده الآن مخالف لسياسة السلم الوظيفي للمعلمين والمعلمات، لذا يجب أن يعطى كلَّ ذي حقٍ حقه من درجات ومايترتب على ذلك من فروقات واحتساب لسنوات البند لكي لا يحس المعلم بأن حقوقه مسلوبة، وكلنا نعرف مدى تأثير الحقوق المسلوبة على نفسيات المعلمين والمعلمات مما نتج عن ذلك ضعف آدائهم وانشغالهم بالمطالبة بها، متسائلاً: كيف تحتسب سنوات الخدمة في المدارس الأهلية ولا تحتسب في المدارس الحكومية. ضعف الأداء وبما أنّ المعلم هو عماد العملية التعليمية وركنها الأساسي وما يعتري المعلم من مؤثرات سلبية أو ايجابية سوف تنعكس سلبا أو إيجابا على الطلاب، فقد عزا "محمد آل يعلا" ضعف أداء المعلم إلى أن جزء ليس بالهين من المعلمين اليوم يعانون من ضعف العطاء التعليمي وفقد عنصر الحماسة للتدريس بسبب -كما يقول- الضغوطات التي تمارس ضد المعلم من جهات عدة أبرزها: - برأيه الشخصي- وزارة التربية والتعليم، ووزارة الخدمة المدنية؛ لأنّ تلك الوزارتين هما اللتان تتوليان أمور المعلم من لحظة صدور قرار التعيين إلى التقاعد، ويشارك "آل يعلا" زملاءه في بحث أمر الفروقات المستحقة للمعلمين، مؤكداً على أنّ وضع المعلم يجب أن يراجع بجدية أكثر ولتكن إعطاء المعلم الفروقات والدرجة المستحقة أولى أولويات تطوير المعلم، مضيفاً أن أبرز مانعاني منه هي مشكلة المعلمين الذين لايزالون ينظرون إلى النتائج النهائية في قضية الفروقات والدرجة المستحقة بعين الأمل وفي أن ينالوا حقهم الذي كفله لهم النظام، متسائلاً: كيف تطلب الوزارة من المعلم العطاء الكامل ثم تنقصه حقه ثم إذاعدنا المدرسة ونظرنا إلى نصاب المعلم نجده الأعلى في مدارس العالم، ف24 حصة أسبوعيا تكاد تقضي على كل إبداع يريد المعلم أن يزرعه في طلبته، أضف إلى ذلك وقفة الطابور الصباحي والإشراف وحصص الانتظار والأنشطة وريادة الفصول والحضور المبكر. فقدان الهوية هل فقد المعلم هويته؟ هذا ما حاول المعلم "محمد الشهري" أن يرسمه من خلال مشاركته معنا، قائلاً: المعلم فقد هويته التي أصبحت معتمة جدا بين ميثاق الرسالة التربوية وهوس الوظيفة المادية، فمعلم اليوم نجده قد تخطاه الزمن بمسافات كبيرة وهو جالس منكس رأسه على ركبتيه يندب حظه إذ نراه أحياناً ينادي بصوت مرتفع؛ ليسمع المارة من حوله أنه صاحب رسالة وأنه يحمل في جعبته ما لا يحمله الآخرون وتارة نراه يخرج من ذلك الجلباب إلى الحرص المبالغ فيه على العائدي الوظيفي وقصر الإجازات وطولها، مشيراً إلى أنّ كلا الصورتين خاطئة فالزمن لن يقف لمن يبكي على جنبات الطريق حتى لو أنّ ذلك الباكي يحمل في طياته حقيقة ما، فالأفضل للمعلم ألا يكتفي بإبراز بطاقته ليقنع الناس أنه معلما ما لم يجعل المجتمع نفسه يتساءل عنه بلهفة وتعجب، ولن يتساءل عنه مجتمع اليوم إلاّ إذا كان نبراساً يتوقد في كل المجالات، أما حقوقه الوظيفية فيرى "الشهري" أنه ينبغي أن تكفلها له وزارته دون أن يقلل من قيم رسالته التربوية ويجري هنا وهناك ليتلمس تحسين أوضاعه. رسالة المعلم وألقى "فايز الزايدي" -ولي أمر الطالب- باللائمة أولاً على المعلم؛ لأنه لم يقدم للعملية التعليمية ماهو واجب عليه تجاهها، مشيراً إلى أن علماء التنمية البشرية ينظرون للمعلم على أنه يشكل المصدر الأول للبناء الحضاري الاقتصادي الاجتماعي للأمم من خلال إسهاماته الحقيقية في بناء البشر، مضيفاً أنّ رسالة التربية والتعليم عظيمة وكبيرة فهي تستمد أخلاقياتها من الشريعة الإسلامية التي تنطلق منها مبادئ حضارتنا، والمعلم يجب أن لا يكون دوره مقتصراً فقط على التعليم داخل أسوار المدرسة، ويجب أن يكون المعلم مدركا لهذا، وأنه كلما نجح المعلم في زيادة المستويات التعليمية لأبناء الأمم، كلما ارتفعت معها مستويات المعرفة ، ومن ثم ترتفع مستويات الإنتاج العام، والذي بدوره ينعكس على زيادة مستويات دخل أبناء المجتمع وتحقق الرفاهية الاجتماعية فيه، مطالباً المعلم أن يكون فاعلاً في مجتمعه ليعزز في نفوس طلابه الإحساس بالانتماء لدينهم ثم لولاة أمرهم ووطنهم، وأن يكون شريك الوالدين في التربية والتنشئة، ليحقق بذلك قيامه بهذه المهنة العظيمة.